أعلنت الولايات المتحدة رغبتها في تسريع دعم العشائر السنية في الأنبار بعد سقوط مركزها الرمادي بيد تنظيم داعش، مؤكدة عدم تغيير الاستراتيجية التي تعتمدها منذ أشهر في مواجهة المتطرفين. وعقد الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي تقوده بلاده تحالفا دوليا ينفذ ضربات جوية ضد «داعش»، اجتماعا مساء أول من أمس لمجلس الأمن القومي لتقييم الوضع في العراق، بعد تحقيق التنظيم، بسيطرته على الرمادي، أبرز تقدم ميداني له في البلاد منذ هجومه الكاسح في يونيو (حزيران) 2014. وقال المتحدث باسم المجلس أليستر باسكي: «ندرس كيفية تقديم أفضل دعم ممكن للقوات البرية في الأنبار، خصوصا من خلال تسريع تأهيل وتجهيز عشائر محلية ودعم العملية التي يقوم بها العراق من أجل استعادة الرمادي». ويقدم التحالف الاستشارة والتدريب للقوات العراقية وأبناء العشائر، لاستعادة المناطق التي يسيطر عليها المتطرفون. ورغم أن ذلك ساهم في استعادة بعض المناطق، فإنه لم يحُل دون تقدم التنظيم في الأنبار حيث يوجد مئات المستشارين العسكريين الأميركيين في قواعد عراقية. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، أكد باسكي بعد الاجتماع أن الاستراتيجية التي تعتمدها واشنطن ضد تنظيم داعش منذ الصيف الماضي، لن تتبدل. وقال: «لا توجد أي تغييرات رسمية على الاستراتيجية»، وإن الأمر يتعلق بتصحيح الجدول الزمني أكثر مما هو إعادة نظر في مساعدة العشائر. وأكد أوباما مرارا أن أي قوات قتالية لن تشارك في معارك ضد المتطرفين. وأشار الشيخ رافع الفهداوي، شيخ عشائر البوفهد في الأنبار، إلى فرحة مقاتلي العشائر في الأنبار بعد سماعه بقرار الرئيس الأميركي تسريع تجهيز العشائر بالأسلحة لمقاتلة تنظيم داعش. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رغم فرحتنا الكبيرة بهذا القرار فإننا كنا نمني النفس لو تم التسليح قبل سقوط مدينة الرمادي بيد المسلحين». وتابع: «مقاتلونا فرحوا بهذا القرار ونحن ننتظر تطبيقه على أحر من الجمر، خصوصًا أن مسلحي التنظيم أخذوا يتمددون في مناطقنا بشكل سريع ومخيف». في غضون ذلك، وجّه مسؤولون وقياديون عشائريون اتهامات مباشرة للحكومة العراقية بـ«العمل على إسقاط المحافظة وإدخال فصائل الحشد الشعبي لإظهار أهلها وكأنهم عاجزون عن تحقيق النصر». وقال عضو مجلس محافظة الأنبار مزهر الملا في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «الجيش العراقي أصبح على المحك خلال الأيام الأخيرة، وإن انسحابه كان مريبا من المعركة الأخيرة ومشكوكًا فيه»، مبيّنا أنّ «أول من انسحب من المعركة هو الجيش والقوات الخاصة تحديدا، ومن دون قتال، فيما بقيت الشرطة وأبناء العشائر يقاتلون وحدهم حتى استنفدوا ذخيرتهم». وأضاف الملا أنّ «قطعات الجيش انسحبت من الرمادي باتجاه قضاء النخيب، تاركة الأرض مفتوحة أمام مسلحي (داعش)»، مشيرا إلى أن «انسحاب الجيش هذه المرّة ليس كانسحابه من الموصل؛ إذ انسحب بسبب قوة تنظيم داعش وهجومه العنيف، في حين كان الانسحاب هذه المرة سياسيا بإيعاز جهات سياسية أرادت للجيش أن ينسحب وأرادت سقوط المحافظة بيد تنظيم داعش، وهذه مؤامرة على الأنبار وخطة لإدخال الحشد الشعبي مهما كان الثمن، حتى لو كلف سقوط المحافظة بالكامل». وحول قرار أوباما تسريع تجهيز أبناء العشائر في الأنبار، قال الملا: «رغم أن الأسلحة الأميركية قد وصلت إلى مخازن وزارة الدفاع العراقية منذ بداية الشهر الماضي، فإنها لم تسلم لأبناء العشائر حتى الآن». وتابع: «لكننا فرحنا بقرار الرئيس أوباما بحث الحكومة العراقية التسريع لتجهيز العشائر، وقد أبلغني السفير الأميركي بأن الحكومة الأميركية تسعى لخلق موازنة في القوات التي تتصدى لتنظيم داعش لكي لا يجير النصر لطرف دون آخر، وباعتقادي أن قوات البيشمركة ستشترك في تحرير مدينة الرمادي وباقي مدن الأنبار ضمن القوات المشتركة التي ستكون تحت قيادة الجيش العراقي». بدوره، قال الشيخ نعيم الكعود، رئيس تجمع العشائر المتصدية لتنظيم داعش في محافظة الأنبار، لـ«الشرق الأوسط»: «لم يرض البعض بأن يكتب النصر لعشائر الأنبار على مسلحي تنظيم داعش، كما انتصرت في السابق على تنظيم القاعدة». وأضاف الكعود: «إن مقاتلي العشائر في الأنبار قضوا اليوم عاما ونصف العام من الحرب ضد جانبين، الأول هو تنظيم داعش والثاني هو الإرادات التي تسعى لخسارتنا في المعركة». وأوضح أنّ «تلك الإرادات هي إرادات أحزاب سياسية وإرادات الحكومة في بغداد، التي حاربتنا من خلال منع السلاح عنّا للأسف، والتي لم ترد لنا أن ننتصر، وإن الحكومة وقادتها كانوا في كل مناسبة يتحدثون عما يسمونه عجز أهالي الأنبار عن مواجهة (داعش) وعدم قدرتهم على الاستمرار بالمعركة، وفي المقابل كانوا يتحدثون عن قدرة كبيرة للحشد الشعبي، وأنّه هو الجهة الوحيدة التي تستطيع هزيمة (داعش)». وأبدى الكعود سعادته بقرار الرئيس الأميركي، وقال: «كان من الأجدر بالحكومة تجهيز مقاتلينا منذ اليوم الأول لوصول الأسلحة لمخازنها، لكنها تحججت بالآليات المتبعة وموضوع تدريب المقاتلين من متطوعي العشائر، وهذا القرار الأميركي سيساهم بشكل كبير في استعادة السيطرة على كل مدن الأنبار ابتداء من تحرير مدينة الرمادي».