×
محافظة المنطقة الشرقية

خلوفة الأحمري في القفص الذهبي

صورة الخبر

كثرت الشكوى من أنّ المناهج التعليمية في المدارس والجامعات لا تفي بمتطلّبات سوق العمل؛ لأنها لا تعلّم الطلاّب ما يحتاجونه في حياتهم العملية بعد التخرّج. فالحياة العملية تحتاج لأناس يتمتّعون بقدر كبير من المرونة والقدرة على التكيف، والعمل الجماعي، ومهارات التعامل مع الآخرين والتواصل، كما يحتاج إلى روح الإبداع والحدس، والقدرة على حلّ المشكلات، وإدارة الأزمات، والتصرّف تجاه الضغوط المتزايدة. والواقع أن المناهج التعليمية ليست مهيأة لتخريج مثل هؤلاء. الأمر الذي جعل البعض يعتقد أن رفع مستويات التعليم وتوسيعها يمكنه أن يتجاوز ذلك العجز، ويصل إلى الغاية المنشودة. كما أن البعض غرس بداخله أن الحصول على الماجستير ودرجة الدكتوراة PHD حل للقضاء على شبح البطالة، وضمان للحصول على وظيفة جيدة.. وكلا الاعتقادين خاطئ. لأن قيمة الدرجة العلمية أصبحت كقيمة العملة معرّضة للصعود والهبوط. وبما أن سوق المؤهلات العلمية في هذه الفترة يعاني من التضخّم؛ فإن قيمة هذه المؤهلات تعاني من الهبوط. وفي أجواء محمومة كهذه بارتفاع المعايير وضع الطلاب تحت ضغط وتوتر منذ الابتدائية حتى التخرّج في الجامعات. لأن قيمته ارتبطت بشهادته. وقدرته على الإنجاز ارتبطت بما يُحقِّق من معدلات ودرجات وتقديرات. مّما دفع البعض إلى الاعتقادات بأن الحصول على الشهادات الجامعية والعلمية يعني أن حاملها يملك طاقات فكرية تمكّنه من النجاح في أي عمل أو أي مجال. فأصبح المهم هو الحصول على شهادة جامعية مهما كان الثمن، حتى لو كانت هذه الشهادة لا تمنحه المهارات التي يحتاجها. والتي يحاول التدريب أن يعالج الخلل والقصور فيها، لكنه عاجز أيضًا، لأن الطالب الذي قضى عمرًا في التعليم، وصُدِمَ بواقع أنه لا يحمل المهارات التي يحتاجها في سوق العمل، أصيب بإحباط وقلق من أن يخضع للتدريب، ويقضي وقته من برنامج تدريبي لآخر، ولا يخرج بنتيجة مرضية، خاصة وأن سوق التدريب في تدهور أيضًا لكثرة العرض. وكل ذلك يؤكّد أن العملية التعليمية كلها تحتاج إلى إعادة صياغة، وبناء سليم للمفاهيم. فلا بد أن يكون دور المدرسة غير منحصر في توفير العلم فقط. وإنما يتسع ليهتم بتربية الطفل نفسيّاً، وتوفير الوقت اللازم له من أجل طرح مشكلاته النفسية والاجتماعية وتدريبه على حلها، حتى يصبح قادرًا على مواجهة الحياة. كما لا بد من الاهتمام بتنمية الحدس، والقدرة على الابتكار والإبداع، واحترام المواهب، وأنماط التفكير المختلفة. فكثير من القدرات والطاقات الموجودة لدى كل فرد هي مختلفة من شخص لآخر، فإن لم تستثمر جيدًا، ولم تُستهدف للتفجير فإن عواقب هدرها وخيمة، خاصة أن أسلوب التعليم القائم لا يُوفّر للطالب متعة اكتشاف ذاته، والتعرّف على مواهبه وقدراته. وممارسة نشاطات وهوايات مختلفة. فكل الذي تقدّمه المدارس من أنشطة؛ هي رياضة كرة القدم للأولاد؛ وفرضها لا شعوريًّا كهواية تُغرس في النفس؛ حتى لو لم تكن أصلية.. لأنها الفرصة الوحيدة لممارسة هواية في المدرسة.. أو تُعدُّ خيارًا من ضمن خيارات محدودة. إن مقالي السابق كان دعوة إلى تحرير الفكر من قيود الشهادة العلمية؛ لينطلق إلى آفاق إبداعية. ومقالي اليوم يُجدّد الدعوة نفسها طارحًا ببساطة ما نحتاج أن نُغيّره. فالمجتمع لن يكون كله أطباء، ولا كله مهندسين. المجتمع يحتاج لتنوّع الإمكانات والقدرات والمواهب، ويحتاج إلى الإبداع. فلنهتم بإبداع أبنائنا خارج أسوار الشهادات العلمية. ولا يعني هذا أن الشهادات ليست ضرورية. وإنما تنمية القدرات والطاقات والمهارات والإبداع لا يقل أهمية عن إحراز الدرجات والمؤهلات. alshaden@live.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (46) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain