< أعلن العراق أن إنتاجه من محصول القمح للعام الحالي، سيصل إلى 3.5 مليون طن، وأن الأوضاع الأمنية التي استجدّت خلال الموسمين الزراعيين الماضي والحالي، لم تسمح بتحقيق ارتفاع في المحصول، ولم تساعد الجهات الحكومية في استلام جزء منه في محافظات صلاح الدين وديالى والأنبار وكركوك. كما أن سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) على محافظة نينوى، التي تعدّ الأولى في إنتاج القمح والشعير، منعت السلطات من استلام المحصول. وصرّح الوكيل الفني لوزارة الزراعة العراقية، مهدي القيسي، بأن لدى الوزارة خططاً وبرامج لتطوير محصول القمح والشعير مثل «البرنامج الوطني لتنمية القمح والشعير» الذي زاد الإنتاجية، كما ساهمت تقنيات الري الحديث في زيادتها بنسبة 50 في المئة، متوقعاً أن يكون الموسم الحالي معوّضاً عن المساحات المفقودة في نينوى. واعتبر أن محاصيل القمح والشعير استراتيجية تدخل ضمن أمن المواطن الغذائي، مشيراً الى أن البلد وصل إلى نحو 80 في المئة من الاكتفاء الذاتي من تلك المحاصيل، ولولا الأحداث الأمنية لوصل العراق إلى الاكتفاء الذاتي في شكل كامل. وأوضح القيسي أن المبادرة الزراعية ساهمت في تطوير واقع القطاع في شكل كبير وفي تطوير الإنتاج، لكن هذا القطاع عانى كثيراً من الإشكالات التراكمية، وقال: «نحتاج إلى زمن وموارد للنهوض بالقطاع، فضلاً عن إدخال الاستثمار الذي يقود إلى حدوث طفرة نوعية وكمية في الإنتاج»، واصفاً الاستثمار بأنه إحدى الركائز لتطوير القطاع. وأضاف أن الوضع الأمني يعيق الاستثمارات في القطاع الزراعي، إضافة إلى المعوقات الموجودة في قوانين الاستثمار. وتابع: «نحتاج إلى الكثير من التعديلات في القانون، فضلاً عن توفير التسهيلات المصرفية». إلى ذلك، أوضح الخبير الاقتصادي صادق البهادلي، أن مساهمة القطاع الزراعي في إجمالي الناتج المحلي بلغت نحو 22 في المئة في خمسينات القرن الماضي، إلا أنها تدهورت كثيراً وأصبحت أقل كثيراً من تلك النسبة، نتيجة الظروف التي أدت إلى تدهور هذا القطاع الحيوي منذ الثمانينات. وأشار إلى أن اعتماد الدولة الكامل على الاقتصاد الريعي وأموال النفط في توفير الواردات، هو أحد أسباب تدهور القطاع، لافتاً إلى أن الكثير من الأراضي الزراعية هجرها الفلاحون منذ عقود، ما أدى إلى تدهور القطاع، كما أن غياب الدعم الحكومي وضعف التخطيط والإدارة ساهما في إضعاف قدرة العراق التنافسية مع منتجات دول الجوار. وشدّد على ضرورة خفض التكاليف على المزارعين، من خلال توفير الدعم الكافي وتصنيف الواردات لخلق حال تنافسية بين المنتج الزراعي المحلّي والمستورد. وأشار البهادلي إلى أن الاستيراد غير المضبوط والإغراق السلعي الذي حدث بعد عام 2003، أديا إلى تدهور القطاع الزراعي فضلاً عن غياب الطاقة وارتفاع أسعار الوقود التي ساهمت في زيادة التكاليف على المزارعين. ولفت إلى أن الطبيعة الريعية للاقتصاد العراقي جعلت بقية القطاعات هزيلة وكسولة، وقال: «جعلتنا نعتمد في شكل كامل على النفط، ما أدى إلى إهمال الدولة هذه القطاعات الإنتاجية،» مشيراً إلى أن «الاهتمام بهذا القطاع يساهم في تنويع مصادرنا الاقتصادية، ولدينا المقومات الكافية للنهوض بالإنتاج الزراعي». وعن الاستثمارات في القطاع الزراعي، لفت إلى أن الاستثمار رئة النهوض بأي اقتصاد، لكن يجب توظيف القوانين والتشريعات المختصّة بالاستثمار في الشكل الذي يساهم فعلاً في خلق بيئة استثمار سليمة تنمّي تلك القطاعات الإنتاجية المهمّة. وكانت لجنة الزراعة في مجلس النواب أكدت في كانون الثاني (يناير)، أن العراق يمرّ في ظروف اقتصادية صعبة بسبب الاعتماد على النفط وإهمال قطاعي الزراعة والصناعة، وفيما طالبت الحكومة بإرسال القوانين الخاصة بالقطاع الزراعي إلى مجلس النواب لتشريعها، أشارت إلى إمكان اعتلاء العراق المراتب الأولى في تصدير المنتجات الزراعية في المنطقة. كما أعلنت وزارة الزراعة عن وضع خطة خمسية للحفاظ على الأمن الغذائي في البلد، فيما أكدت أن ما حصل في محافظات نينوى وصلاح الدين وديالى وكركوك بعد 10 حزيران (يونيو) 2014، أدى إلى وقف عجلة الإنتاج الزراعي في تلك المحافظات. يُذكر أن وزارة الزراعة أعلنت في وقت سابق، قربها من الاكتفاء الذاتي في بعض المحاصيل منها القمح والشعير، لولا الأحداث الأمنية التي وقعت في عدد من المحافظات العراقية، مشيرة الى وضعها خططاً لسدّ ذلك النقص في المحاصيل من خلال توسيع زراعتها في مناطق الوسط والجنوب.