في صغري يحكي لي جدي عن قافلة، انتقل عبرها من نجد إلى الشرقية. مسافة طويلة، ووقت يقضونه في تأمل صحراء تحتضن تلالاً صفراء وطيوراً تختطف صمت الهدوء بتغريدة المشتاقين للعودة بعد عناء السفر في جلب البضائع، فقد كان المسلي لهم الوقوف في كل قرية يأتون لها ليتزودوا بالمؤونة؛ ما يجعلهم يتعاملون مع أهلها وبيئتها، ويستكشفون عاداتهم وتقاليدهم من منطقة لمنطقة أخرى. لم يطرأ على جدي أن ما يقومون به في ذاك الحين قد يكون ترجمته «إعلام سياحي»، ينادى به الآن؛ إذ إنهم ينقلون ما يشاهدونه من مناظر جميلة، ومن عادات وتقاليد قد تختلف من بيئة إلى أخرى في مجالس العودة؛ لتكون حديثهم لفترة من الزمن؛ وقد يشتاق لها العائدون منها، وقد يشدوا لها الرحال لمن اهتم لأمر هذا البلد بمجرد أن سمع عنه.