ونحن نعيش أجواء الامتحانات وموسم حصاد فصل دراسي من التحصيل العلمي للطلبة والطالبات في التعليم العام والعالي، تعانق اولياء الامور الاهداف التي رسموها لابنائهم، و يرغبون ان يحققوها خصوصاً وان هذه الرغبة تنحصر في الطب والهندسة كقمة الطموح المنشود وكأن العمل لا يحتاج الا لهذين التخصصين. وهذه النظرة السائدة عند الآباء والامهات نبعت من ترسيخ مبدأ التفوق لابنائهم ولم يدركوا ان هذا الطموح على افتراض انه محمود قد اصاب الابداع والتفوق في مقتل، فكثير من الابناء تأثر بما يقوله الآباء والامهات فتعطل فكره وضعف اجتهاده لامرين نستطيع من خلالهما تصنيف الانشقاق الذي حدث في مسيرة الابناء الدراسية.. الاول يرى ان الوصول الى الطب او الهندسة او الطيران كتخصص ثالث متداول ضمن الاولويات من المستحيل له فيستكين ويقابل عبارات التشجيع والتحفيز بالنفور في قرارة نفسه ولم يبدها لهم خشية الدخول في نقاش عقيم. الشق الثاني اجتهد واستجاب للنداء حتى الخطوات الاخيرة وبطبيعة الحال حصلت المفاضلة وحواجز الامتحانات التخصصية فلم يحالفهم الحظ لينتقلوا الى الادنى اجباراً لا اختياراً والمحصلة واحدة في الشقين. ترى اين الخلل في هذه المنظومة المتداخلة؟ احد المدربين في دورات تطوير الذات قال رأياً جميلاً ويكاد يكون مصيباً في وجهة نظره وتقديره الذي استقاه من اطلاعه وتركيزه على مواطن الخلل في مجتمعنا العربي حيث عزا ذلك القصور لما زرعه الاستعمار خلفه في المجتمعات العربية والاسلامية في ترسيخ عوامل الاحباط وتعطيل ما يؤثر ايجاباً في تطورالمجتمع واختاروا أضعف تخصصين لا يسهمان في تغيير المجتمع وهما تخصص الطب والهندسة والطيران وما يتفرع عنهم، وتركوا في المقابل تخصص التعليم والاعلام وما شابههما بما له التأثير العام وليس الخاص، فكانت النتيجة حتمية حيث كان الطب وما هو في فلكه هو المنال والحلم فضاع الاثنان العام والخاص، وتنازلت كليات التربية عن مستواها تجاوباً مع المستويات الهزيلة التي سيقت لها إجباراً وليس اختياراً او محبة. وهذه النظره تتوافق مع علماء النفس والتربية فجميع النظريات تحذر من فرض الرأي والميول للابن وجعله يختار تخصصه بنفسه، المهم ان يفلح فيه ويتقنه، لذا دعونا ننادي أنا وأنت لانريد ابناءنا اطباء او مهندسين إنما مؤهلون وأكفاء فيما يحبونه ويختارونه من مجال فكل المجالات يحتاجها المجتمع.. والله الموفق.