بعد ثلاثة أيام من التداول، اختتمت، أمس في الرياض، القوى السياسية والحزبية وقوى الحراك اليمنية، مؤتمر (من أجل إنقاذ اليمن وبناء الدولة الاتحادية) بإصدار «إعلان الرياض»، الذي أكدت فيه على العمل سريعاً على تحرير الدولة اليمنية من الخاطفين الحوثيين وحليفهم علي عبدالله صالح، والانتصار للشرعية وإعادة السلام إلى اليمن، والبدء في بناء الدولة الاتحادية اليمنية، وإعادة ترتيب علاقاتها الخارجية، بما يكفل الاستقرار والسلام للمجتمع اليمني. وفيما يلي نص «إعلان الرياض»: لقد أدّى فساد رأس نظام الحكم في اليمن منذ أكثر من 30 عاماً، إلى إدخال اليمن في صراعات وحروب منذ العام 1994م، طالت الجنوب والشمال، كما أدى سوء إدارة الحكم إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وتفاقم الأزمة السياسية إلى قيام الحراك الجنوبي السلمي في الجنوب 2007م، والثورة الشبابية الشعبية السلمية في عام 2011م، وحقناً للدماء جاءت المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية لتحقيق عملية التغيير السلمي، وبموجبها حددت فترة انتقالية، كان من أبرز منجازاتها؛ انتخاب الأخ عبد ربه منصور هادي رئيساً توافقياً للجمهورية، وإيقاف التدهور الأمني الاقتصادي، ونجاح مؤتمر الحوار الوطني والاعتراف بالقضية الجنوبية باعتبارها قضية سياسية عادلة، وإيجاد المعالجات لها، وإقرار وثيقة الحوار الوطني الشامل في 25 يناير 2014م، وإنجاز مسودة الدستور في ديسمبر 2014م، ومثل ذلك كله رغبة حقيقة للشعب شمالاً وجنوباً في طي صفحة الماضي، والشروع قدماً في وضع اللبنات الأساسية لبناء الدولة المدنية الاتحادية، من خلال التوافق بين مكونات الشعب في الشمال والجنوب، ومواصلة السير في تنفيذ ما تبقّى من مهام الفترة الانتقالية المنصوص عليها، في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ووثيقة الحوار الوطني الشامل. مع إصرار الشعب اليمني وقواه السياسية والمدنية الخيرة، في استكمال مشروعه في بناء الدولة المدنية الحديثة، سارعت الميليشيات الحوثية المتحالفة مع علي عبدالله صالح في الانقلاب على الشرعية الدستورية، رغبة منها في تقويض العملية الانتقالية السلمية بالقوة والزج بالبلاد إلى مرحلة الصراع المسلح، وقامت بإسقاط المناطق تباعاً، ووصولاً إلى احتلال العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014م، واختطاف مؤسسات الدولة، والاستيلاء على القوات المسلحة، ووضع رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، وإعضاء الحكومة تحت الإقامة الجبرية، واستخدام آلتها العسكرية في التوسع والتدمير الممنهج للمدن اليمنية، وخصوصاً مدينتي عدن وتعز. واستجابة لدعوة رئيس الجمهورية، فقد تم عقد مؤتمر الرياض، وشاركت فيه كافة القوى السياسية والاجتماعية الوطنية، وإدراكاً منها لحجم المأساة والانهيار الذي وصلت إليه البلاد، ورغبة منها في الاصطفاف معاً لمواجهة الانقلاب على الشرعية والتصدي للمشروع التآمري التدميري على اليمن، المدعوم من إيران الذي انخرطت فيه تلك الميليشيات وحليفها لزعزعة أمن واستقرار اليمن والمنطقة. وانطلاقاً من إيمانها والتزامها الحقيقي بالدفاع عن الوطن باعتباره واجبا ملحا على كافة أبنائه، أقرت جميع المكونات والشخصيات المشاركة في المؤتمر، أن هناك أولوية قصوى تنتصب أمامها حالياً لبلورة مشروع ينخرط فيه الجميع دون استثناء، وفق رؤية جادة لاستعادة الدولة والانتصار لشرعيتها، وبسط سلطتها على كامل التراب الوطني، في ظل الصمود والبطولات والمآثر الرائعة للمقاومة الشعبية على الأرض؛ في مدينة عدن الباسلة وفي الضالع وتعز ولحج وأبين ومأرب وشبوه والبيضاء وغيرها من مدن وقرى اليمن جنوبه وشماله. وإدراكاً من هذه القوى والتنظيمات السياسة لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقها، ورغبة في بلورة تطلعات الشعب لبناء دولة حديثة، وفق أسس ومخرجات الحوار الوطني الشامل، ومن خلال التوافق بين مكونات الشعب في الشمال والجنوب، سعياً منها لتحقيق غدٍ أفضل، أقرت جميع المكونات والشخصيات الاجتماعية المشاركة في المؤتمر البنود التي تم مناقشتها والتي شكلت في مجملها خارطة الطريق الواردة في هذا الإعلان الذي يسمى -إعلان الرياض- تحت شعار (إنقاذ اليمن وبناء الدولة الاتحادية). وبناء على ما تقدم، فقد تبنى إعلان الرياض رؤية وطنية عملية جادة لاستعادة الدولة وإعادة ترتيب علاقاتها الإقليمية والدولية، على النحو الذي يلبي طموح أبناء الشعب اليمني في بناء دولة اتحادية ديمقراطية حديثة، تنشد العدالة وتقوم على المواطنة المتساوية بكل أبناء الشعب، وتعزز من دور اليمن في محيطه الخليجي والعربي، وتحقيق الأمن الإقليمي وتفاعله الإيجابي مع بقية أعضاء الأسرة الدولية. وانطلاقاً من قرار مجلس الأمن رقم: (2216) الذي رحب بعقد مؤتمر الرياض، ودعماً للمفاوضات التي تجرى برعاية الأمم المتحدة، فإن المؤتمر يتطلع إلى أن تحقق تلك المفاوضات تطلعات الشعب اليمني وفقاً لما ورد في هذا الإعلان. لذا، فإن هذا الإعلان بكافة بنوده يمثل خياراً وطنياً في دعم الشرعية، ومبدأ الشراكة الوطنية لكافة أبناء اليمن شماله وجنوبه، والتي قامت عليها العملية الانتقالية، ويعد أساساً لمشروع بناء الدولة ورفضاً قاطعاً لحكم الميليشيات ومشروع الفوضى الذي تنهار فيه مؤسسات الدولة كافة، ويتأجج فيه الصراع المذهبي والمناطقي، وتضيع فيه كرامة الإنسان، وتنتهك فيه حقوقه، ويتهدد الأمن والسلم الإقليم والدولي. الأهداف يهدف هذا الإعلان إلى تحقيق الآتي: 1 - المحافظة على أمن واستقرار اليمن في إطار التمسك بالشرعية. 2 - رفض الإنقلاب وإنهاء ما ترتب عليه. 3 - استعادة الأسلحة والمعدات المنهوبة وتسليمها إلى الدولة. 4 - بسط سلطة الدولة على كافة الأراضي اليمنية. 5 - إيقاف عدوان قوى التمرد حقناً للدماء والوصول لليمن إلى بر الآمان. 6 - استئناف العملية السياسية وبناء الدولة الاتحادية، وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل. 7 - تجنيب اليمن أن تكون مقراً لجماعات العنف والتنظيمات الإرهابية ومرتعاً لها، وضمان ألا يكون اليمن مصدراً لتهديد أمن الدول المجاورة واستقرارها واتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة لتحقيق ذلك. المبادئ يقوم هذا الإعلان على المبادئ الآتية: 1 - الالتزام بالشرعية الدستورية. 2 - الالتزام بإقامة الدولة المدنية الاتحادية والحفاظ على أمن واستقرار اليمن. 3 - الالتزام بمبادئ الشراكة والتوافق، وفقاً لما جاء في ضمانات مخرجات الحوار الوطني، واتفاق معالجة القضية الجنوبية خلال المرحلة الانتقالية. 4 - الالتزام بإعلان الرياض والقرار الدولي (2216)، واعتبارهما السقف الذي لا يمكن تجاوزه في أي مفاوضات قادمة يمكن أن تتم برعاية الأمم المتحدة. 5 - الالتزام بمبدأ المساءلة والمحاسبة وعدم الإفلات من العقاب في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. المرجعيات يسند هذا الإعلان إلى المرجعيات الآتية: 1 - المبادرة الخليجية وآلية تنفيذها. 2 - مخرجات الحوار الوطني الشامل. 3 - قرار مجلس الأمن بشأن اليمن رقم (2216) والقرارات ذات الصلة. 4 - قرار مجلس الجامعة العربية، بشأن اليمن الصادر عن مؤتمر القمة المنعقد في مدينة شرم الشيخ في جمهورية مصر العربية عام 2015م. 5 - بيانات مجلس التعاون لدول الخليج العربية ذات الصلة. 6 - رسالتا رئيس الجمهورية لقادة مجلس التعاون لدول الخليج العربية المؤرختان في 7/3/2015م و24/3/2015م، ورسالتاه لجامعة الدول العربية ومجلس الأمن الدولي المؤرختان في 24/3/2015م. مقررات إعلان الرياض أولاً: إنقاذ اليمن واستعادة مؤسسات الدولة. إن الغاية الأساسية من هذا الإعلان تتمثل في إنقاذ اليمن ومؤسسات الدولة وبسط سلطتها في كل أرجاء البلاد من خلال ما يلي: 1 - إنهاء عدوان قوى التمرد وإسقاط الانقلاب ومحاسبة الضالعين فيه، واستعادة الأسلحة وإخراج المليشيات من العاصمة صنعاء ومدينة عدن ومحافظات صعدة وكافة المدن والمحافظات، وضمان عدم عودة منظومة الفساد والتخلف والاستبداد مجددا. 2 - دعم وتنظيم المقاومة الرسمية والشعبية تحت القيادة الشرعية في كافة المناطق التي تتواجد فيها مليشيات الانقلاب والتمرد. 3 - حشد الدعم والتأييد الإقليمي والدولي لأعمال الإغاثة والعمل الإنساني، وتوسيع نطاقها ورفع مستواها وتوفير الخدمات الأساسية من الغذاء والدواء ومستلزمات الإغاثه اللازمة لهم، وبما يضمن وصول هذه الإغاثة لمستحقيها، وإقامة مناطق خاصة للنازحين داخل اليمن، وإيجاد حلول عاجلة لمشلكة العالقين في الخارج. 4 - عودة مؤسسات الدولة الشرعية لممارسة مهامها من داخل الأراضي اليمنية. 5 - الحفاظ على النسيج الاجتماعي، والحيلولة دون تفكيك المجتمع اليمني وانزلاقه إلى صراعات وانقسامات اجتماعية على أسس مذهبية ومناطقية وجهوية. 6 - مساءلة القيادات العسكرية والأمنية والسياسية الضالعة في الانقلاب على الشرعية، وخاصة المسؤولين عن إشعال الحرب والفتنة الداخلية وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في مختلف المدن اليمنية، وبالذات في مدينتي عدن وتعز وإحالتهم لمحاكمة عادلة ومنصفة. 7 - وضع إستراتيجية وطنية بمشاركة كافة الأطراف السياسية والمجتمعية لمحاربة العنف والارهاب ومناهضة التعصب (الطائفي والمناطقي والمذهبي والسلالي)، والعمل على نشر القيم الوطنية والقومية والإسلامية وثقافة التسامح وقبول الآخر. 8 - الإسراع في إعادة المهجّرين وتصحيح أوضاعهم، وتعويض المتضررين من جرائم المليشيات في عموم مناطق اليمن، وبالأخص في محافظة صعدة وحرف سفيان، تعويضاً عادلاً والتعجيل بعودة الأمور في محافظة صعدة إلى ما كانت عليه قبل الحرب 2004م. 9- الاهتمام بالقضية التهامية ودعم قوى الحراك التهامي ضد مليشيات التمرد. ثانيًا: بناء الدولة المدنية الاتحادية الحديثة. استكمال تنفيذ ما تبقى من مهام العملية الانتقالية وبناء الدولة المدنية الاتحادية من خلال الآتي: 1 - الإسراع في دعوة الهيئة الوطنية للرقابة على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني لمناقشة مسودة الدستورد وطرحها للنقاش العام والاستفتاء. 2 - استكمال تنفيذ النقاط العشرين والإحدى عشرة وكافة المقررات المتعلقة بالقضية الجنوبية، وفقاً لمقررات مؤتمر الحوار الوطني الشامل ووفق جدول زمني محدد. 3 - الشروع في بناء المؤسسة العسكرية والأمنية على أسس وطنية ومهنية، على أن يتم التمثيل في هذه المؤسسات في المرحلة التأسيسية، بواقع خمسين بالمائة للجنوب وخمسين بالمائة للشمال، على مستوى المراتب القيادية العليا، وفقًا لمخرجات الحوار الوطني وإعلان الرياض. 4 - إصدار قانون العدالة الانتقالية والقوانين ذات الصلة، بمتطلبات ما تبقّى من المرحلة الانتقالية وإطلاق مصالحة وطنية شاملة وفقاً لمخرجات الحوار الوطني. 5 - إصدار التشريعات المتعلقة بالانتقال للدولة الاتحادية وبناء المؤسسات، وفقًا لمخرجات الحوار الوطني الشامل. 6 - الشروع في إعداد وتوفير الشروط اللازمة لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة على طريق بناء الدولة الاتحادية المدنية الحديثة وفقًا للدستور الجديد. 7 - التأكيد على ضرورة جدولة معالجة كافة القضايا اليمنية وخاصة معالجات القضية الجنوبية بصفتها القضية المحورية والجوهرية في الحالة اليمنية، وحق الشعب في تقرير مكانته السياسية، وفق ما ينص عليه العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وبما يتوافق مع الحلول والضمانات للقضية الجنوبية ومخرجات الحوار الوطني الشامل. ثالثاً: إعادة الإعمار والتأهيل. تعمل الدولة على توفير كافة الوسائل والإمكانات اللازمة لإعادة الإعمار وفقاً للآتي: 1 - إعادة الإعمار بحشد الموارد اللازمة وبدعم من الأشقاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية والمجتمع الدولي، ومباشرة تنفيذ مشاريع الإعمار في كافة المناطق، خصوصاً تلك التي تعرضت لأعمال التخريب والدمار وهدم البنى التحتية وفي المقدمة منها عدن. 2 - العمل على إنجاز إستراتيجية وطنية لمعالجة الأوضاع الاقتصادية، لوقف حالة التردي الاقتصادي ومكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة. 3 - بناء اقتصاد مستدام، وإيجاد بيئة استثمارية في اليمن، تحقق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتطلعات الشعب اليمني، وتوفر آليات الشفافية والمساءلة وتسهم في عملية اندماج الاقتصاد اليمني مع اقتصاديات دول مجلس التعاون. 4 - العمل مع الأشقاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية على تحسين أوضاع المغتربين اليمنيين في الخليج، وفتح المجال أمامهم للحصول على فرص عمل في دول مجلس التعاون لدول ا لخليج العربية وفق إستراتيجية تخدم تأهيل اليمن اقتصادياً واجتماعياً. رابعاً: الآليات والإجراءات. 1 - الشروع في بناء قوات أمنية وطنية من جميع المحافظات والأقاليم لحفظ الأمن والاستقرار وفقاً لمخرجات الحوار الوطني. 2 - استخدام كافة الأدوات العسكرية والسياسية لإنهاء التمرد واستعادة مؤسسات الدولة والأسلحة المنهوبة. 3 - مطالبة مجلس الأمن لتنفيذ القرار (2216)، وكافة القرارات ذات الصلة وفقاً للآليات المتبعة بهذا الخصوص. 4 - سرعة إيجاد منطقة آمنة داخل الأراضي اليمنية، تكون مقراً لاستئناف نشاط مؤسسات الدولة الشرعية من داخل اليمن. 5 - مخاطبة المؤسسات المالية الدولية بوقف التعامل المالي والدبلوماسي مع ميليشيات الانقلاب في العاصمة صنعاء ومراقبة التحويلات المالية لليمن وتجميد أموال قادة الميليشيات وشركائهم، وفقاً لقرار مجلس الأمن (2216) لسنة 2015م، والقرارات ذات الصلة. 6 - سرعة إجراء تعديل في تشكيل الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل، وفقاً لما تم الاتفاق عليه في ضمانات مؤتمر الحوار الوطني وإشراك الحراك الجنوبي السلمي المؤيد للشرعية غير الممثل في مؤتمر الحوار الوطني الشامل وتباشر الهيئة الوطنية للرقابة مهامها على الفور في مناقشة وإقرار مسودة الدستور التي يتم التوافق عليها. 7 - تتولى الهيئة الوطنية متابعة تنفيذ مقررات إعلان الرياض. والله الموفق. جلسة إصدار إعلان الإنقاذ أمس