×
محافظة المنطقة الشرقية

بدء المرحلة الثانية لمشروع الصرف الصحي ورصف الطرق بالحراي

صورة الخبر

هل سمعتم عن حدائق الحيوانات البشرية؟ أنا شخصيا لم أسمع عنها إلا مؤخرا، وعن طريق مشاهدة لحلقة من برنامج على قناة الفرنسية عنوانها «أماكن محرجة يريد الفرنسيون نسيانها»، إنها حدائق تمثل صفحة سوداء من تاريخ أوروبا، حدائق صممت أساسا للحيوانات، ولكن كان يسكنها آلاف من البشر جلبوا أو خطفوا من الدول التي استعمرتها بعض الدول الأوروبية بما فيها فرنسا، بعضهم أحضروا تحت خديعة أنهم سيمثلون فرنسا في المعارض الاستعمارية التي تقام في تلك الحدائق، ولكنهم عرضوا خلف الأسوار الحديدية أو الأقفاص على أنهم من آكلي لحوم البشر، وكان بعضهم يجبرون على الوقوف أمام الزوار عراة في شدة البرد ما تسبب في مرض وموت المئات منهم، وبعد انتهاء تلك المعارض الاستعمارية لم يستطع كثير منهم العودة إلى بلادهم بسلام. كانت تلك المعارض تهدف إلى استعراض فرنسا لقوتها الاستعمارية، وإتاحة الفرصة لمواطنيها لمشاهدة نماذج طبق الأصل من الأراضي التي استعمرتها لتبرر سبب استعمارها لتلك الشعوب، وهي أنها أدنى مستوى، وكان لكل بلد مستعمر قسم خاص في المعرض، والغريب أن تلك المعارض كانت تحظى بإقبال كبير حيث كان يأتيها مئات الآلاف من الزوار يوميا. إنها صورة من أبشع وأقسى الانتهاكات التي ارتكبت بحق الانسانية، ومع أن الأجيال الحديثة في أوروبا تشعر بالخزي مما فعله أجدادهم، وتتعالى الأصوات منهم تنادي بحقوق الإنسان، وبتطبيق القوانين الحامية للحقوق، فإننا يجب ألا ننسى ما فعلته تلك القوى الاستعمارية بالشعوب المستعبدة، وكيف استغلت بدائيتها وبساطتها في إظهار تفوقها وقدراتها وتحقيق الأرباح المادية. يقال إن الحكومة الفرنسية كانت في حيرة من أمرها تجاه هذه الحديقة فهي ترغب في تجديد أحد المباني الموجودة فيها ليكون متحفا وذلك كنوع من التخفيف من أثر تلك الجريمة الإنسانية، فهي لا تستطيع تدمير كل مبانيها لأن ذلك قد يعرضها لتهمة أنها تحاول إخفاء ذلك الماضي الأسود، كما أن التجديد الكامل قد يرمز إلى الرغبة في إحياء رمز الجبروت والتسلط. لقد ورّث استعماريو فرنسا العار لأحفادهم لذلك شعر الكثير منهم بالحرج مما جعلهم يعتبرون تلك الحديقة الاستوائية في باريس والتي كانت مقرا للعروض على أنها وصمة عار في تاريخ فرنسا، لذلك أبقيت بعيدة مخفية لعقود من الزمن عن عيون الناس فلا يراها أحد حتى أعيد افتتاحها منذ أعوام ولكنها لم تعد تجد ذلك الإقبال، فالكثير من الزوار لا يشعرون بالارتياح عندما يتذكرون ما كان يحدث في تلك الحديقة المشؤومة. المحزن أن الكثير من القوى التي خلفت الاستعمار الغربي والتي من المفترض أنها وطنية محررة للشعوب مارست أساليب القهر والاستبداد والإذلال نفسها على شعوبها، ولكن بصور ودرجات مختلفة وتحت شعارات براقة!