ارتبط الكثيرون من الأصدقاء العرب بمصر ومؤسساتها العلمية، سواء من درس منهم في المراحل الجامعية أو من أكمل دراسته العليا، جميعهم قد استمرت أواصر المحبة والوفاء بمصر ومؤسساتها، لكن يبقى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حالة إخلاص فريدة، فلم أجد من بين كل الذين درسوا في جامعة القاهرة أو في أية جامعة مصرية أخرى رجلاً بهذا الوفاء وهذا الإخلاص. فمنذ أن تخرج سموه في كلية الزراعة في جامعة القاهرة وخلال ما يزيد على أربعة عقود لم تنقطع صلته بمصر محبة ووفاء، لذا بادله المصريون حباً بحب ووفاءً بوفاء، فلم ينس هذا الرجل العظيم حاجة المؤسسات العلمية والثقافية في مصر للدعم، لذا عاش كل همومنا ومشاكلنا مقدراً وبكرم عظيم حاجة تلك المؤسسات التي يعرف تاريخها وقيمتها لكي تواصل رسالتها. الحديث يطول عن مشروعات اختارها سموه بعناية، يصعب حصرها في هذه الكلمة القصيرة، ومن قبيل الوفاء ستبقى هذه المؤسسات شاهدة على عطائه ونبله، ومن بينها الجمعية المصرية للدراسات التاريخية ودار الوثائق المصرية والمجمع العلمي المصري ومكتبة كلية الزراعة جامعة القاهرة، فضلا عن المكتبة المركزية لذات الجامعة، واتحاد الآثاريين العرب في القاهرة، واتحاد المؤرخين العرب في القاهرة أيضا، وغير ذلك من المشروعات العلمية والثقافية، وهي مشروعات جميعها تتوجه إلى خدمة العلماء والمثقفين تقديراً لدور مصر الثقافي والعلمي. إننا نؤكد أن مصر ستبقى وفية لهذا الرجل المثقف الذي يعرف قيمة العلم والثقافة، تلك القوة الناعمة التي خدمت أمتنا العربية وعمقت من أواصر التواصل بين مصر وأمتها. إذا كانت جامعة القاهرة قد رأت منح هذا العالم الكبير درجة الدكتوراه الفخرية فإن هذا التقدير يحظى بإجماع مصري كبير، خصوصاً بين الأكاديميين والمثقفين، وفاء لرجل قرر طوال حياته أن يكون وفياً لمصر التي أحبها وارتبط بها وجدانياً وثقافياً وعلمياً. تحية تقدير لجامعة القاهرة التي اختارت بعناية فائقة منح درجة الدكتوراه الفخرية لرجل راح يزرع الوعي والخير والمحبة والثقافة في مصر التي يعرف قيمتها وتاريخها. ستبقى هذه المؤسسات بمثابة علامات كبيرة تأكيداً لكل معاني المحبة والوفاء من جانب حاكم عربي نبيل وقف إلى جانبنا داعماً لمؤسساتنا بلا صخب أو ضجيج، مفضلا أن يواصل دوره في صمت بلا مَن أو رياء. من المؤكد أن مجلس جامعة القاهرة حينما قرر منح الدكتوراه الفخرية لسمو الشيخ سلطان فإنه قد وقف على حجم الإنجازات العلمية والبحثية التي أنجزها والتي زادت على العشرين مؤلفا ما بين التاريخ والجغرافيا والثقافة العامة، فضلا عن دوره في دعم المؤسسات البحثية والعلمية سواء في الوطن العربي أو في الجامعات الأجنبية، كما حصل سموه على الدكتوراه الفخرية من العديد من الجامعات الأجنبية، لكنني على ثقة بأن منحه الدكتوراه الفخرية من جامعة القاهرة التي تخرج فيها ستحظى عند سموه بمشاعر مختلفة. د. محمد صابر عرب