«داعش» على المجمع الحكومي في الرمادي مركز محافظة الأنبار غرب العراق، ما يجعله قاب قوسين أو أدنى من الاستحواذ على كامل المدينة، ما يشكل أحد أبرز إنجازاته في البلاد منذ نحو عام. وأتى التقدم في المدينة التي تبعد نحو 100 كلم إلى الغرب من بغداد، غداة شن التنظيم هجمات مكثفة على جبهات عدة في محافظة الأنبار كبرى محافظات العراق، والتي يسيطر على مساحات واسعة منها، شملت تفجيرات انتحارية واقتحام مراكز عسكرية والسيطرة على مناطق جديدة. وقال ضابط برتبة رائد في شرطة الرمادي إن «داعش سيطر على المجمع الحكومي وسط الرمادي ورفع راية التنظيم فوق مبنى قيادة شرطة الأنبار، بعد انسحاب القوات الأمنية (...) إلى مقر قيادة عمليات الأنبار» شمال المدينة. وأشار إلى أن الانسحاب سببه «شدة الاشتباكات وانفجار عدد من السيارات المفخخة التي تسببت بإلحاق أضرار كبيرة بعدد من مباني المجمع» الذي يضم مباني حكومية عدة، أبرزها مقر المحافظة ومديرية شرطة الأنبار. وأكد التنظيم السيطرة على المجمع ونسف مباني فيه. وأكد الشيخ حكمت سليمان، وهو قيادي في إحدى العشائر السنية المناهضة للتنظيم، سيطرة الأخير على المجمع وانسحاب القوات الأمنية. وأوضح أن الأخيرة «تقاتل في مناطق متفرقة بدون قيادة مركزية». وبعد فقدان المجمع الحكومي، باتت القوات الأمنية تسيطر على أحياء معدودة شمال الرمادي وجنوبها، إضافة إلى مقر قيادة عمليات الأنبار. وفي حال تمكن التنظيم من السيطرة على كامل الرمادي، سيصبح مسيطراً على مركزي محافظتين عراقيتين، إذ أنه يسيطر منذ يونيو الماضي على مدينة الموصل مركز محافظة نينوى. وكان التنظيم يسيطر كذلك على مدينة تكريت شمال بغداد مركز محافظة صلاح الدين، إلا أن القوات العراقية استعادت السيطرة عليها مطلع أبريل الماضي. ويسيطر التنظيم منذ مطلع عام 2014 على أحياء على أطراف الرمادي، قبل أشهر من هجومه الكاسح في يونيو الماضي، والذي أتاح له السيطرة على مناطق واسعة شمال العراق وغربها. وصدت القوات الأمنية ومقاتلو العشائر السنية خلال الأشهر الماضية هجمات متلاحقة للتنظيم خاصة على المجمع الحكومي. إلا أن الجهاديين شنوا منذ أمس الأول هجوماً واسعاً في المحافظة ذات الغالبية السنية، والتي يحظون بموطىء قدم فيها منذ أعوام. وتركزت الهجمات على الرمادي ومحيطها، ومحيط مدينة الفلوجة غرب بغداد التي يسيطر عليها التنظيم كذلك منذ مطلع 2014. وكان عضو مجلس محافظة الانبار عذال عبيد الفهداوي قال في وقت سابق، إن «الوضع حرج في مدينة الرمادي»، وذلك إثر «حدوث خرق أمني في مركز المدينة بعد هجوم نفذه مسلحو داعش الإرهابيون ليلاً». وقال الفهداوي ومصادر أخرى إن العديد من المدنيين يحاولون الخروج من المدينة، ما قد يشكل ثاني موجة نزوح كبيرة منها منذ أبريل الماضي، إثر نزوح عشرات الآلاف هرباً من هجوم عنيف للتنظيم الجهادي. وأعلن التنظيم إعدام 14 مسلحاً موالياً للحكومة في الرمادي، في تكرار لعمليات إعدام جماعية نفذها سابقاً بحق أبناء العشائر السنية الذين يحملون السلاح ضده. وأكد التنظيم سيطرته على بلدة الجبة شمال شرق بغداد، القريبة من قاعدة الأسد الجوية العراقية، حيث يدرب مئات المستشارين العسكريين الأمريكيين الجنود وأبناء العشائر على قتال الجهاديين. وأكد مصدر عشائري سقوط البلدة، مشيراً إلى انسحاب القوات الأمنية منها. وغطت الأنبار حيزاً مهماً في تسجيل صوتي نشر لزعيم التنظيم «أبو بكر البغدادي»، هو الأول له منذ 6 أشهر، ودعا فيه المسلمين «للهجرة إلى الدولة الإسلامية» وأرض «الخلافة» التي أعلن إقامتها العام الماضي في مناطق سيطرته بسوريا والعراق. من جهة أخرى، نشرت قناة تابعة لحزب البعث العراقي تسجيلاً صوتياً منسوباً إلى عزة إبراهيم الدوري، الرجل الثاني في الحزب بعد الرئيس الأسبق صدام حسين، بعد نحو شهر من أنباء عن وفاته إثر قتل رجل يشبهه. وكان مسؤولون سياسيون وقادة إحدى الفصائل الشيعية المسلحة، رجحوا مقتل الدوري في اشتباك بين أبناء عشائر سنية ومسلحين قرب مدينة تكريت شمال بغداد في 17 أبريل الماضي. وانتشرت في ذلك الحين صور لجثة رجل أصهب الشعر ذي لحية، يشبه في بعض ملامحه عزة الدوري أبرز أركان النظام السابق الذي بقي متوارياً منذ سقوط نظام صدام حسين إثر الاجتياح الأمريكي في 2003. إلا أن السلطات العراقية التي تسلمت الجثة، لم تؤكد هويتها، خاصة بعد إعلانها عدم امتلاك عينات من الحمض النووي لمقارنتها مع الفحوص التي ستجرى على الجثة التي يعتقد أنها تعود للدوري. ولم يتطرق التسجيل الذي نشرته قناة «التغيير» إلى الأنباء المتداولة، إلا أن المتحدث الذي قيل إنه الدوري، تطرق إلى أحداث جرت في العراق بعد 17 أبريل الماضي. ومن أبرز هذه الأحداث انتشار فصائل شيعية مسلحة مدعومة من إيران، في قضاء النخيب في محافظة الأنبار العراقية مطلع مايو الجاري، وهو ما أثار انتقاد بعض السياسيين السنة في محافظة الأنبار التي يسيطر تنظيم الدولة على مساحات واسعة منها. ويقول الدوري في التسجيل «قضاء النخيب يمثل موقعاً إستراتيجياً بالنسبة لإيران داخل العراق، ومن أهداف احتلال النخيب التي تتوخاها إيران، هو فتح جبهة مع المملكة العربية السعودية». أضاف «ومن هذه الأهداف لغرض التواصل مع جبهة سوريا ولبنان».