تمكن مجلس الشيوخ الأمريكي أمس من تجاوز العقبة التي فرضها الديمقراطيون على قانون مثير للجدل يمنح الرئيس الأمريكي باراك أوباما سلطات لتسريع التوصل إلى اتفاق الشراكة الاستراتيجية عبر المحيط الهادئ. وبحسب "الفرنسية"، فقد صوت المجلس بتأييد 65 صوتا في مقابل 33 لبدء النقاش حول القانون، وكانت الأصوات المعارضة كلها من الديمقراطيين الرافضين لاتفاق الشراكة مع 11 دولة من المحيط الهادئ الذي تتفاوض واشنطن بشأنه حاليا. وشكلت عملية التصويت انتصارا للبيت الأبيض والجمهوريين المؤيدين للتجارة الحرة الذين قاموا بتوحيد جهودهم من أجل المضي قدما في التشريع، حيث يشكل اتفاق الشراكة عبر الهادئ أولوية لأوباما الذي يقول إن الدول التي يشملها الاتفاق، وواشنطن ضمنها، تشكل 40 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي في العالم ما يمكن أن ينعكس إيجابا على الصادرات الأمريكية. ويقول مؤيدو التشريع إن اتفاق الشراكة عبر الهادئ يمكن أن يؤدي، مع اتفاق تجاري مع أوروبا لا يزال قيد الدرس أيضا، إلى إيجاد 1.4 مليون وظيفة للأمريكيين إضافة إلى تحسين شروط الصادرات الأمريكية إلى الخارج. وكان الديمقراطيون نجحوا في عرقلة القانون الثلاثاء الماضي قائلين إنه يتجاهل بعض أولوياتهم بينها حماية وظائف الأمريكيين من الواردات التي يعتبرون أسعارها غير عادلة. ولتوقيع هذا الاتفاق قبل نهاية ولايته، يريد الرئيس أوباما أن يتبنى الكونجرس ما يعرف بعملية تسريع الإجراءات، ويتعين على الكونجرس أن يصادق على كل الاتفاقات التجارية لكن عند إقرار تسريع الإجراءات، فإنه يقلص طوعا من سلطاته ليصوت بنعم أو لا على الاتفاق دون إدخال تعديلات عليه. وسينطبق تسريع الإجراءات على كل الاتفاقات التي يتباحث الرئيس الحالي وخليفته بشأنها حتى 2018 أو2021 وهو ما قد ينعكس إيجابا على الاتفاق الذي يتم التباحث بشأنه مع الاتحاد الأوروبي. وبفضل عملية التصويت أمس، فإن مجلس الشيوخ بات بوسعه التباحث الأسبوع المقبل في قانون تسريع الإجراءات، وفي حال إقراره، فإن النص سيرفع لمجلس النواب حيث يعتبر أولوية بالنسبة لغالبية الجمهوريين. وأشار جون باينر رئيس مجلس النواب، إلى أن مزيدا من التجارة معناه مزيد من الوظائف بالنسبة إلى الأمريكيين، وكان مجلس الشيوخ أقر سابقا مشروعي قانون حول التجارة الدولية. وأقر المشروع الأول بتأييد 78 صوتا مقابل 20 وهو يحدد برامج مراقبة عند الحدود والجمارك، ويتضمن مادة مثيرة للجدل انتقدها البيت الأبيض ترغم الإدارة على انتقاد الدول التي تتلاعب بأسعار عملاتها وهو ما يستهدف خصوصا الصين واليابان. أما المشروع الثاني فكان محل إجماع حيث يجدد التعرفة الجمركية التفاضلية لأكثر من 160 دولة لعدة سنوات خصوصا دول إفريقيا جنوب الصحراء وهايتي حتى 2015. والدول الـ 12 التي يشملها اتفاق التجارة عبر الهادئ هي أستراليا وبروناي وكندا وتشيلي والولايات المتحدة واليابان وماليزيا والمكسيك ونيوزيلندا وألبيرو وسنغافورة وفيتنام. إلا أن اتفاق الشراكة عبر الهادئ سيواجه معارضة في مجلس النواب حيث أعربت نانسي بيلوزي زعيمة الأقلية الديمقراطية عن "قلق" معسكرها إزاء الإجراء الذي يمكن أن يعطي صلاحيات مطلقة لإبرام اتفاقات مجهولة مع دول غير محددة ولفترة لا متناهية. وشكر أوباما الذي كان آنذاك في المقر الرئاسي في كامب ديفيد خارج واشنطن أعضاء مجلس الشيوخ على إفساح المجال لبدء النقاش لكنه أقر بصعوبة إقناع الديمقراطيين باتفاق الشراكة عبر الهادئ. وقال أوباما "أريد أن أستمر في المحاولة وإعطائهم المعلومات التي يحتاجون إليها للشعور بالثقة من أنه رغم الصعوبات التي واجهناها مع بعض الاتفاقات التجارية في السابق، فإن المقاربة التي نتحدث عنها اليوم هي الصحيحة برأيي". وشدد أوباما على أن الاتفاق مع شركاء متنوعين إلى هذا الحد سيكون بمثابة انتصار ليس فقط للشركات الأمريكية الكبرى بل للمؤسسات الصغيرة وللعمال الأمريكيين في النهاية. إلا أن السيناتور المستقل بيرني ساندرز الذي ترشح للانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي ضد هيلاري كلينتون اعتبر أنه اتفاق تجاري كارثي، وقارن ساندرز هذا الاتفاق بآخر للتبادل الحر بين دول أمريكا الشمالية (نافتا 1994) معرباً عن تخوفه من أن يؤدي إلى إلغاء وظائف في الولايات المتحدة. وأضاف ساندرز أن القانون سيسرع قدرة الشركات المتعددة الجنسيات على إغلاق مصانع في الولايات المتحدة وانتقالها إلى دول حيث الأجور متدنية.