انطلق منتدى الإعلام العربي، وهو أكبر تجمع إعلامي في المنطقة، أمس في دبي بمشاركة 1500 شخص، فيما هيمنت على أعماله تداعيات العمليات العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن والتغيرات الإقليمية الكبرى. وافتتحت فعاليات المنتدى، الذي ينظمه نادي دبي للصحافة للسنة الحادية عشرة على التوالي، تحت رعاية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، ليومي 12 و13 مايو الجاري. يتضمن المنتدى هذه السنة معرضا تفاعليا خاصا بوسائل الإعلام العربية والعالمية، تحت مسمى "الممشى الإعلامي". وعقد المنتدى هذه السنة تحت شعار "اتجاهات جديدة، وبحث متحدثون في الجلسات في "اتجاهات تغير العالم"، ولا سيما العالم العربي، وفي تداعيات عملية "عاصفة الحزم"، وهو الاسم الذي أطلق على العملية التي تقودها السعودية ضد الحوثيين في اليمن. وهيمن موضوع حرب اليمن والاتفاق النووي مع إيران وقمة كامب ديفيد الأمريكية ــ الخليجية على النقاشات في جلسات الحوار. وتحدث إياد بن أمين مدني، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى، حول واقع الأمة في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخها، مؤكدًا، أن المسلمين باتوا في حاجة أكثر من أي وقت مضى للتوصل إلى صياغة آلية جديدة يمكن من خلالها التنبؤ بالأزمات السياسية قبل اندلاعها وتفاقمها. كما أكد مدني أن المسلمين في حاجة إلى التعرف إلى بعضهم البعض، وعدم الاكتفاء بخطاب الانتماء إلى هوية أو حضارة واحدة. وحول نظرة العالم للإسلام والمسلمين، قال الأمين العام إن الأمة تواجه تحديات كبيرة جانب منها مصدره من الداخل، منوها بأهمية الخلفيات التي أدت إلى هذا التشويه الذي نال من صورة المسلمين حول العالم. إياد مدني أثناء إلقاء كلمته في افتتاح المنتدى. وأوضح أن المواجهة الأمنية وحدها لن تقدم حلولا شافية لظواهر التطرف والإرهاب المرتكبة للأسف باسم الدين، وأن هناك جهدا حقيقيا لا بد أن يبذله المسلمون للوقوف على الأسباب الحقيقية التي أسهمت في توليد تلك النماذج التي رأت سلوك طريق العنف. وشدد مدني على أهمية وجود خطاب يعبر عن حقوق الإنسان من منظور إسلامي، وقال: "إن حرية التعبير لا تعني النيل من دين آخر أو الاستهزاء به أو الإساءة إليه، فلا بد أن تكون هناك حدود واضحة تكفل إيجاد تعريف منطقي لحرية التعبير". ونوه بأن الحقوق التي قد تراها مجتمعات ضرورية ويجب تضمينها في الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، لا تعني أنها واجبة التضمين في الميثاق، لسبب بسيط، وهو أنها حقوق لا تعد أساسية، خاصة إن كانت تنافي منطق العقل والطبيعة التي جُبِلَ عليها البشر، مشددا على أهمية عدم الاكتفاء بالرفض، والعمل على تطوير خطاب يميز المسلمين حول العالم ويشرح له وجهة نظرهم. وقال إن المسلمين تجمعهم هوية مشتركة وفضاء حضاري واحد أرسى أسسه على مدار قرون طويلة، إلا أن هذا المخزون الثقافي يتعرض اليوم للتشكيك للأسف من الداخل ومن الخارج، بينما تصاعدت من داخله أصوات التطرف مثل "القاعدة، وداعش، وبوكو حرام، وحركة الشباب، وغيرها من الجماعات"، في الوقت الذي بات يُنظر إلى الأُمّة الإسلامية على أنها أُمّة جاوزها التاريخ وخلّفها وراءه، حيث يرى البعض المسلمين على أنهم "نموذج" يمكن دراسته للمجتمعات التي توقف بها الزمن ويمثل "الجمود الفكري" في العالم، وأنها أُمّة ترفض مواكبة المجتمع العصري بقيمه وعاداته. وأشار الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، إلى أن تهميش مجموعات سواء على أساس العرق أو الدين أو على أي أساس آخر؛ يدفع دون شك إلى انفجار العنف، إذ يسعى أصحابها إلى الثأر من المجتمع الذي أقصاهم. ودعا المجتمعات الإسلامية إلى فتح أبواب ونوافذ الأمل أمام الأجيال الجديدة لتبعث فيهم التفاؤل وتمنحهم الثقة حتى لا نتركهم ليقعوا فريسة في براثن الإرهاب. يعد منتدى الإعلام العربي أكبر تجمع إعلامي في المنطقة. (ا ف ب) وقال إن الاهتمام بالشباب لا بد أن يكون عبر إعلاء قيمة العلم والمعرفة وتوظيف التكنولوجيا المتطورة، وهو الموضوع الذي سيركز عليه مؤتمر لمنظمة التعاون الإسلامي خلال العام الجاري لبحث كيفية توظيف التقنية المتطورة في دفع معدلات التنمية الاقتصادية في العالم الإسلامي. ودعا الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، إلى تفادي الوقوع في فخ إيمان المسلمين بالصورة التي رسمها الغرب لأُمّتهم على أنها "جامدة" خلفها التاريخ وراءه ومضى، وأن يكون لدينا ثقة بأنفسنا، خاصة أن المسلمين هم صناع حضارة ومجتمعهم ثري بالأفكار والتجارة. كما دعا إلى عدم اختصار الأمة الإسلامية في منطقة واحدة من العالم، وقال إن المنظمة تضم في عضويتها 57 دولة تمتد من شرق العالم لغربه، ما يعني أن المسلمين لديهم فرصة حقيقية لدحض هذه الصورة السلبية التي رسمها العالم لهم، لافتا إلى أن هذا أمر ممكن، وأن المستقبل يمكن أن يكون ملك يميننا إذا ما توحدت الرؤى وتوافرت الإرادة والإمكانات. وعن دور الإعلام ــ وخلال جلسة حوارية مع الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، حملت عنوان "صورة الإسلام والمسلمين" ــ استبعد إياد مدني الاستخفاف بدور الإعلام، وقال إنه ليس "لعبة" ولكنه صورة من صور القدرات السياسية. ورفض مدني استخدام الدين أو المذهبية كأداة لتوسيع النفوذ أو التدخل في شؤون دول أخرى، وقال إن المنطقة في حاجة إلى صيغة توافقية تزيل أسباب الفرقة بين دولها وتبحث عما هو مشترك وتراعي المصالح المشتركة، بينما كشف عن انعقاد اجتماع لوزراء خارجية المنظمة قريبا لمناقشة الأزمة اليمنية وبحث الأدوار. ستتضمن فعاليات الختام للمنتدى حفل توزيع "جوائز الصحافة العربية" اليوم، حيث سيتم الكشف عن الأعمال الفائزة وتكريم الفائزين من بين أكثر من خمسة آلاف عمل مشارك في هذه الدورة.