تناقش دول مجلس التعاون الخليجي غدا جدول أعمال قمة كامب ديفيد بعد أن رتبت أوراقها ووحدت موقفها ورسمت أفق رؤيتها للأحداث في المنطقة وتأثيرها على مستقبل العلاقات بين دولها والقوى الإقليمية والدولية. وستكون على طاولة النقاش ملفات ساخنة كثيرة ومتداخلة يصعب فصلها لأن آثارها تنعكس على مجمل الأحداث، لكن من المؤكد أن هناك أولويات لدى كل جانب، وهذه الأولويات تفرض واقعها على أهمية اللقاء.. وليس خافيا أن دول مجلس التعاون لا تشعر بالاطمئنان الكافي لمحادثات الدول الكبرى مع إيران حول ملفها النووي وتخشى أن تكون نتائج الاتفاق في يونيو المقبل استراحة تعطي إيران المزيد من الوقت والإمكانات المالية والاقتصادية للاحتفاظ ببنيتها التحتية التي تستطيع تنشيطها في أي وقت للعودة مجددا إلى منطقة تهديد جيرانها.. والرئيس أوباما يدرك هذه المخاوف ويعمل مع مساعديه للوصول إلى صياغة ما يخفف أو يزيل هذه المخاوف والشكوك.. وسيسعى إلى إقناع المتخوفين بأن واشنطن لديها الرغبة لتقديم الضمانات الكافية وتمكينهم من الحصول على وسائل الدفاع والحماية المطلوبة للوقوف في وجه أي تهديدات خارجية إذا دعت الحاجة.. والحقيقة أن الشكوك والانزعاج من إيران لا يقف عند ملفها النووي العسكري رغم خطره وتهديده لأمن المنطقة كلها، بل تتصل تلك الشكوك بسياستها التوسعية وإثارتها للنعرات المذهبية وسعيها لاستغلال وجود من يتعاطف معها في جيوب قليلة في الجسم العربي.. وقد تجلت هذه الأطماع والرغبة في التوسع والهيمنة في الكثير من الدول أوضحها ما يجري في سوريا ولبنان وتداخل ميليشياتها مع الدولة في العراق، وها هي اليوم تحرض الحوثيين ليكونوا مصدر قلق ومشاغبة على المملكة وتهديد أمن واستقرار دول مجلس التعاون. وهكذا تظهر، إيران بسياستها التوسعية، مصدر القلق الرئيس في المنطقة كلها، وإذا أرادت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الكبرى إزالة أسباب التوتر ومعالجة آثاره في بقية الملفات فعليها تحديد سياستها تجاه طهران بما لا يوحي لها بأنها الشريك المفضل وأن تحسين العلاقة معها لا يعني إطلاق يدها والتغاضي عن تمددها غير المباشر من خلال أحزاب ومجموعات مرتبطة بها وتعتمد عليها في التسليح والتمويل والمساندة.. وتحديد موقف واشنطن من طهران هو المدخل الطبيعي لأي جهود يراد لها أن تعيد المنطقة إلى حال الاطمئنان الذي يساعد على توجيه الإمكانات لمحاربة خطر الإرهاب المهدد للجميع.. ويبقى موقف الرئيس أوباما من أحداث اليمن مهما بعد أن بادرت المملكة لقيادة تحالف عربي إسلامي لمعالجة المشكلة بما يحفظ الشرعية ويحول دون تمدد خطر الفوضى إلى جيرانها.. ثم الملف المعقد الآخر، الأزمة السورية التي تتناسل منها مخاطر الإرهاب، فهذا الملف يحتاج إلى وضوح الموقف، ليس للجانب الإنساني فقط بل لخطره على أمن المنطقة، بأسرها وتداخله بشكل عضوي مع العلاقة بين دول المنطقة وإيران. أعتقد أن وحدة الرؤية التي تتحرك بها دول مجلس التعاون عامل حاسم في دفع الحوار باتجاه فرز الخيوط ووضع الحدود بين المواقف حتى ينتهي الجميع إلى ما يحقق المصالح المشتركة.