«والآن يا صديقي، في انتظار نزول الستار بعد أن اقتربت النهاية، أفتح ملف قضيتي. لقد عشت حياتي بالطول والعرض، ورحلت إلى كل مكان. الأكثر أهمية هو أنني فعلت كل ذلك تمامًا كما أردت. هناك في حياتي بالطبع ما يدعو للأسف، غير أن ذلك كان في مرات قليلة لا تكاد تذكر. لقد فعلت ما كان يجب عليّ أن أفعله، لقد خططت بعناية لكل خطوة على الطريق، والأكثر من ذلك هو أنني فعلت ذلك تمامًا كما أردت.. نعم، هناك أوقات كان فمي يمتلئ فيها بأكثر مما أنا قادر على مضغه، غير أنني في كل الأحوال كنت أتخلص على الفور من كل ما في جوفي عندما أكتشف أنه ضار. لقد واجهت كل شيء، وظللت واقفًا على قدميّ. فعلت كل ذلك تمامًا كما أردت. لقد أحببت وضحكت وبكيت، لقد حصلت على نصيبي من الدنيا كاملاً، كما حصلت على نصيبي من الخسارة. والآن، بعد أن جفت الدموع، أفكر في أن كل ما مر بي كان ممتعًا. أقول ذلك ولستُ أشعر بالخجل.. لا.. لا.. ليس أنا.. لأنني فعلت كل ذلك تمامًا كما أردت.. ماذا لدى الإنسان أكثر من نفسه؟ بغير أن يقول حقيقة ما يشعر به يتحول إلى لا شيء. هذا هو يا صديقي ما يوضحه ملف قضيتي. لقد تلقيت كل الضربات غير أنني عشت تمامًا كما أردت». الكلمات السابقة هي الترجمة ربما السيئة لأغنية فرانك سيناترا الشهيرة «My way» التي قدمها عام 1969. الترجمة الصحيحة لاسم الأغنية هي «بطريقتي»، غير أنني وجدت أن المقصود من الأصل الإنجليزي هو «لقد فعلت ذلك طبقًا لإرادتي». على أي حال، يقال إن عملية الترجمة هي اغتيال للنص الأصلي، لكني أزعم أنني لم أقتل كلمات الأغنية، ربما أكون قد أصبتها بجروح خفيفة. أعجبتني نغمة التحدي في الأغنية، ولكن لماذا يغني سيناترا أغنية عن اقتراب النهاية ونزول الستار؟ مؤلف هذه الأغنية هو بول أنكا، مغن وشاعر وملحن وأيضًا شريك مهم في شركة تسجيلات، كندي من أصول لبنانية، والأغنية لها أصل فرنسي واشتراها أنكا من صاحبها بمبلغ زهيد. وعلى كثرة مواهب بول أنكا وشهرته كمطرب على الأقل، فإنني أعتقد أن جينات التاجر اللبناني كانت أقوى مواهبه. لقد تناول عشاءه مع سيناترا في أميركا وسمعه يقول «أنا قرفت من كل حاجة.. أنا عاوز أسيب الشغلانة دي»، كانت هذه الجملة هي المفتاح لفهم حالة سيناترا النفسية في تلك الأيام. عاد أنكا إلى باريس وكتب هذه الأغنية. ثم اتصل تليفونيا بسيناترا الذي وافق عليها على الفور، وكأنه كان في حاجة لهذه الكلمات للدفاع عن نفسه في مواجهة اتهامات ظالمة (كان متهمًا بأنه على صلة بعصابات المافيا). بالتأكيد كان أنكا الخبيث على وعي بذلك، وهو ما يفسر تكرار «اللازمة»: «لقد فعلتها كما أردت أنا (وليس أحدًا آخر)». الطريف أن أعضاء شركة أنكا غضبوا لأنه باع الأغنية لسيناترا ولم يغنها هو، كان من الصعب عليهم أن يعرفوا أن التاجر اللبناني الراقد في أعماقه أقوى بكثير من المطرب.