×
محافظة الرياض

مسح سكاني لمدينة الرياض يساهم في التخطيط لاحتياجاتها

صورة الخبر

يشهد حي شيربور في العاصمة الافغانية الملقب بـبيفرلي هيلز كابول والمعروف بمنازله الفاخرة المطلية بألوان زاهية، تراجعا بفعل التدهور الامني وانسحاب القوات الدولية من افغانستان وسط تساؤلات كثيرة حيال مصدر ثروات قاطنيه في بلد يعيش كثيرون من سكانه في فقر مدقع. وتبدو هذه المساكن التي تساوي قيمتها ملايين الدولارات ويطلق عليها كثيرون بسخرية لقب قصور زهرة الخشخاش للاشتباه في أنها بنيت بأموال غير مشروعة جراء ازدهار تجارة الأفيون في أفغانستان، اشبه بواحة مبهرة غريبة في مدينة دمرتها عقود من الحرب. وبإمكان أي شخص العيش في حي شيربور الراقي شرط ان يكون قادرا على دفع ايجار شهري يراوح بين 25 الفا و60 الف دولار في حال لم يشعر بالريبة جراء وجود أمراء حرب سابقين كجيران له. هذه الفيلات التي برزت خلال مرحلة الطفرة العقارية في افغانستان بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2001، كان جرى تخمينها بما يقارب ضعف قيمتها الراهنة قبل عامين بسبب ارتفاع الطلب على السكن الفاخر من جحافل المقاولين الأجانب ووكالات الاغاثة وشركات الأمن. لكن الوتيرة المطردة لمغادرة الأجانب - مع انتهاء الحرب التي تقودها قوات حلف شمال الاطلسي منذ اكثر من 13 سنة في أفغانستان- والخوف من ازدياد الهجمات الدامية لمتمردي طالبان أديا الى تراجع في قيمة الايجارات، وباتت لافتات للايجار من المشاهد المألوفة في شيربور . وقال عبد اللطيف الوكيل العقاري في كابول بأسى مع مسبحته الملفوفة حول معصمه إن السوق شبه معدومة، وذلك خلال مرافقته صحافيي وكالة فرانس برس في جولة شملت دارة تضم 52 غرفة فارغة تطل على حديقة للورود. وقد طرح المسكن المطلي باللون السكري والمصنوع من الرخام والغرانيت وراء أسوار عالية تعلوها لفات من الأسلاك الشائكة، في السوق منذ ما يقارب ستة أشهر. وقدم صاحب المسكن مغريات اضافية عارضا بناء غرفة واقية من الانفجارات توفر حماية ضد أي هجوم للمتمردين بحسب لطيف. لكن الطلب على هذه العقارات قد ضرب الحضيض. وأشار لطيف وصدى صوته يتردد في ارجاء الفيلا الفارغة، الى ان اصحاب الثروات الطائلة يغادرون كابول. وترمز صفوف القصور الشاغرة في حي شيربور حيث مساكن بعض أمراء الحرب السابقين، الى الحالة المتعثرة للاقتصاد الأفغاني الذي تلقى لسنوات دعما بمئات مليارات الدولارات من المساعدات الخارجية. لكن مع الهروب المتواصل للمساعدات والاستثمارات، يعيش هذا البلد المنهك بالحروب مخاضا يصفه المراقبون المحليون بأنه مرحلة انتقالية من اقتصاد الدولار إلى الاقتصاد الأفغاني. وبالنسبة لكثير من الأفغان، تطغى المخاوف جراء تفشي البطالة بفعل الاقتصاد الحربي بعد أكثر من عقد من نمو يفوق نسبة عشرة في المئة، على تلك المرتبطة بتدهور الوضع الأمني. وفيما تعاني البلاد لفك اعتمادها الكبير على المساعدات الخارجية، يشبه مراقبون ساخرون افغانستان بمريض في حالة غيبوبة أبقي على قيد الحياة لسنوات مع تغذيته بحبة سكر، لكن الغذاء الاصطناعي توقف فجأة وبات مطلوبا من هذا المريض النهوض للركض. كما أن القصور الفارهة في حي شيربور التي ينظر إليها على نطاق واسع كرمز لحالات متفلتة من جنون العظمة، تسلط أيضا الضوء على مشكلة مستشرية اخرى في افغانستان: الفساد. وقبل غزو القوات الاطلسية بقيادة الولايات المتحدة لأفغانستان سنة 2001، كان حي شيربور مجرد بقعة قاحلة عند سفح تلة استخدمت كموقع لمخيمات اللاجئين. لكن الجماعات المدافعة عن حقوق الانسان تتهم طبقة الاثرياء الجدد من أمراء الحرب والبيروقراطيين السابقين في كابول - ولقبهم الأسود - بإرسال جرافات في عام 2003 لطرد اللاجئين. ويبقى مصدر ثروات اصحاب هذه القصور موضوعا للتكهنات، وسط شبهات بارتباطها بتجارة الأفيون المزدهرة في أفغانستان - التي تقدر الامم المتحدة قيمتها بثلاثة مليارات دولار سنويا. وقال بشير عمر وهو صاحب وكالة عقارية مقرها في كابول فكروا جيدا. كيف يمكن لموظف حكومي براتب شهري قدره الفا دولار شراء قصر فاره بقيمة 2,5 مليون دولار على أرض تقدر قيمتها بمليون دولار؟ وأضاف يجب السؤال: من أين لهم هذه الثروات؟، لافتا الى ان البنى الحقيقية لملكيات العقارات في حي شيربور تبقى غامضة. وأشار عمر الى ان الحكومة الافغانية عاجزة عن لجم أنشطة تبييض الأموال وذلك خشية تحويل افراد النخبة الافغانية ثرواتهم الى الخارج. إلا ان هروب الرساميل يحدث على أي حال بوتيرة مثيرة للقلق، بحسب الخبراء، مع نقل الأثرياء أموالهم الى مناطق عدة في الخارج خصوصا الى دبي وتركيا وباكستان والهند. ولفتت فاندا فلباب براون وهي من كبار المسؤولين في معهد بروكينغز وخبيرة في الاقتصادات غير المشروعة في مناطق الصراع، الى ان قصور الخشخاش في شيربور لا ترمز فقط الى الإفلات من العقاب والفساد وسوء استخدام السلطة لكن أيضا الى الطبقية المتفشية بقوة في المجتمع الأفغاني على مدى العقد الماضي. وهناك قسم صغير من افراد النخبة في كابول - ويطلق عليهم اسم اثرياء 11 ايلول/سبتمبر - جمعوا ثروة طائلة في السنوات التي تلت الغزو في 2001 بفضل مليارات الدولارات من المساعدات الخارجية، ومعظمهم مقاولون من القطاع الخاص تعاقدوا مع القواعد العسكرية والمنظمات غير الحكومية الدولية. وقد أبدت الجهات المانحة الدولية غضبها بسبب اختفاء الكثير من تلك الاموال في جيوب جهات خاصة في حين لا تزال أفغانستان تعاني الفقر والعنف.