ليه تدفع أكتر لما ممكن تدفع أقل.. هذا الشعار لم يعد قاصراً على الإعلانات التجارية في القنوات الفضائيات المصرية؛ حيث باتت هذه الجملة شعاراً أيضاً هذه الأيام لعدد كبير من الأندية في مصر. وذلك بعد أن ضاعت على خزانات هذه الأندية ملايين الدولارات بسبب الصفقات الفاشلة للمدربين الأجانب، والذين غالباً ما يتم استبدالهم بنظراء مصريين لهم؛ وذلك عقب رحيلهم أو ترحيلهم مباشرة ليثبت البديل أو المنقذ الوطني أنه أفضل وأوفر بكثير من الخواجة الوافد، والذي يفتح براكين الحقد الطبقي بين جموع الشعب على ما يتقاضاه بالعملة الصعبة جدا على المصريين. ملايين وملاليم وبعد إقالة الإسباني كارلوس جاريدو، المدير الفني للأهلي، واستبداله بفتحي مبروك نظيره المصري الأقل تكلفة والأكثر خبرة بلاعبي الفريق الأحمر، والذي نجح في تقديم نفسه من أول مباراة له مع فريق النصر وفاز بثلاثية نظيفة، تساءل الجميع في شارع الكرة المصرية: ليه تدفع أكتر.. لما تدفع وتكسب بالأقل؟!. واضطر مجلس إدارة النادي الأهلي لإقالة الأسباني جاريدو، وفتح باب المفاوضات مع عدد من المدربين من أبناء النادي وكان أولهم حسام البدري، والذي وقف الشرط الجزائي في عقده لتدريب المنتخب الأولمبي المصري، عائقاً أمام تدريب الفريق الذي سبق وأن فاز معه مدرباً عاماً، ومساعداً للبرتغالي مانويل جوزيه ومديرا فنياً بمفرده قبل ذلك،. مقارنة فورية وعقد مشجعو الأهلي مقارنة فورية بين راتب جاريدو وراتب مبروك، فوجدوا أن جاريدو كان يكلف خزانة ناديهم مبالغ عديدة، حيث كان يتقاضى 32 ألف دولار أميركي راتباً شهرياً، بالإضافة إلى 10 الآف دولار كان يتقاضاها مساعده ومواطنه سيمو، بجانب نفقات الانتقالات والمسكن الفاخر له ولمساعده، حيث كان الإيجار الشهري لفيلا جاريدو وحده بمنطقة التجمع الخامس يبلغ 35 ألف جنيه شهرياً. ليصل الإجمالي المنفق على المدرب الأسباني ومساعده إلى نحو نصف مليون جنيه شهرياً؛ في حين أن كل ما سيتقاضاه الـمبروك فتحي لن يتجاوز حد الـ10 آلاف دولار شهرياً، حيث سيتقاضى راتباً يقدر بنحو 75 ألف جنيه، بعد أن كان يتقاضى نحو 30 ألف جنيه فقط نظير عمله مديراً فنياً لفريق الشباب بالنادي؛ ولذلك طالبت أصوات عديدة بالنادي الأهلي برفع راتب مبروك إلى 90 ألف جنيه شهرياً حال مواصلته للانتصارات واستعادته لمكانة الأهلي المفقودة. شرط جزائي وفور إقالته أثار جاريدو أزمة بسبب وجود بند في عقده الذي يتكون من 12 بنداً، يتيح له اللجوء للاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا في حال فسخ عقده من جانب الأهلي ودفع الأهلي للشرط الجزائي في العقد، والذي يقضي بدفع باقي قيمة العقد له ولمساعده سيمو. وبحسبة بسيطة يكون على الأهلي المصري أن يدفع لهذا المدرب الأسباني - الذي اعترف بفشله مع الفريق المصري - مبلغ خمسة ملايين جنيه مصري (نحو 630 ألف دولار أميركي)؛ ولكن علاء عبد الصادق رئيس قطاع الكرة بالأهلي قال إنه وبناء على تكليف من المهندس محمود طاهر، رئيس مجلس إدارة النادي، فقد قام بتسوية الأمر مع جاريدو واقناعه بأن ما يستحقه لا يتجاوز ما قيمته شهرين فقط . تاريخ والمتابع لتاريخ الكرة المصرية يعلم أن سقف المدربين الأجانب والذين حققوا شهرة واسعة مع أنديتهم، كان له سقف محدود يتناسب وطبيعة المسابقة المحلية، حيث كان احمد عبود باشا رئيس النادي الأهلي أول من قرر الاستعانة بمدربين أجانب لتدريب الأهلي، ووضع سقفاً مالياً لراتب المدرب الأجنبي بحيث لا يتجاوز الـ100 جنيه مصري. وتوالى المدربون الأجانب على الفريق الأحمر ومنهم من ترك بصمات فنية مثل المجري هيديكوتي والذي صنع الجيل الذهبي للأهلي في السبعينات والثمانينات، وكان لا يتجاوز راتبه الـ3 آلاف جنيه شهرياً، كما لم يتجاوز راتب ديتريش فايتسه المدرب الألماني الشهير للأهلي حد الـ8 آلاف جنيه مصري. رقم قياسي وقد حطم مانويل جوزيه الرقم القياسي في عدد مرات الفوز بالبطولات، كما حطم الرقم القياسي في الحصول على راتب لمدرب أجنبي ومعاونيه، حيث حصل جوزيه في فترة ولايته الفنية الأولى بالأهلي على راتب يقدر بنحو 45 ألف دولار في موسم 2001-2002، ليبلغ نحو 84 ألف يورو في فترة الولاية الثالثة في موسم 2008-2009. منتخب الفراعنة ولم يكن الحال أفضل بالنسبة للمنتخبات الوطنية المصرية، والتي حقق معها المدرب الوطني المصري أغلب إنجازاتها التاريخية، حيث تولى تدريب منتخب الفراعنة على مر تاريخه نحو 19 جهازا فنيا بقيادة أجانب، في حين تولى تدريبه نحو 23 جهازاً بقيادة مدربين وطنيين، ونجح الوطنيون في حصد أهم الألقاب والبطولات، حيث كان التأهل للمونديال في عام 1990 على يد الجنرال محمود الجوهري، والفوز بالرقم القياسي لبطولة كأس الأمم الإفريقية لـالمعلم حسن شحاتة، وعلى الرغم من ذلك لم يتجاوز سقف المدرب الوطني حاجز ربع راتب المدرب الأجنبي.