بينما يعيش الاقتصاد السعودي زهوا ملحوظا في قطاع رواد الأعمال والمشاريع المتوسطة والصغيرة، التي باتت تشكل رافدا مهما من الروافد المعززة للاقتصاد الوطني، إلا أن رواد الأعمال ومشاريعهم تهددها عوامل ضعف الوعي الاستراتيجي والتخطيطي، وأصبحت بعض تلك المشاريع التي يقوم عليها رواد أعمال مهددة بانعدام الاستدامة نتيجة الافتقار لدقة الاستراتيجيات الموضوعة لها بحسب خبراء. ويدعو عدد من الخبراء والمتخصصين الاقتصاديين رواد تلك المشاريع والأعمال الصغيرة إلى ضرورة رفع معدلات الوعي لكي تسهم أعمالهم في دورة التنمية الاقتصادية، حيث يعزى إليها أنها تقوم بلعب دور مهم في تنوع قاعدة الاقتصادات الناشئة. وتقام بين الحين والآخر في المملكة معارض موسمية لجذب رواد الأعمال ويتم خلالها عمل برامج جاذبة لمثل تلك المشاريع الصغيرة التي تأخذ من الإعلام الجديد أحيانا منصة لتسويقها، في حين يرى الخبراء أنها على الرغم من أن ذلك أمر جيد إلا أنه تفتقد للجدية والاستدامة، ما يؤدي إلى توقفها وفشلها سريعا. من جانبه، أكد الخبير المالي الدكتور عبدالله باعشن أن فاعلية الحراك الاقتصادي لمثل تلك المشاريع والمنتديات والمعارض المخصصة لها تفتقد للاستراتيجية الدقيقة رغم أنها أسهمت في جذب الشباب إلى العمل واستغلال طاقاتهم الشبابية بنسبة 50%. وأوضح باعشن في حديث إلى "الوطن"، أن الإستراتيجيات الدقيقة تساعد على تبني الفكرة واستنتاج نتائج تدعم لبنة الاستثمار الحقيقي من القطاعين العام والخاص، مطالبا بعملية تنظيمية تمكن من تحقيق المستوى المطلوب للعمل، ما ينعكس بالفائدة الاقتصادية العامة، وأن تكون تلك المنتديات والبرامج والمعارض المخصصة لمثل هذه المشاريع متصفة بالجدية الاستراتيجية من دون اقتصارها على التعريف. وعما يشهده المشهد الاقتصادي من معارض رواد الأعمال، أوضح أن المشهد حاليا يغلب عليه الطابع الإعلامي بشكل كبير في ظل ضياع الاستراتيجية النشطة التي تسهم فعلا في توظيف تلك الفرص والقضاء على معدلات البطالة بدلا من البطء الحاصل الذي نواجهه، فلو تم النظر إلى الاقتصاد الهندي مثلا لوجدنا أنه نما وبشكل مناسب ومتطور، بسبب اعتماده على الطاقات البشرية بجانب تصنيفه لخطة استراتيجية مستندة إلى خبرة تلك الطاقات وليس فقط استقطابهم وجذبهم للتوظيف من دون تبن وتخطيط دقيق. وبين أن الرسالة الاقتصادية التي يحملها شباب دول الخليج العربي بصفة عامة والواقع المحلي للمملكة خاصة مرتبط بـ"المشاريع الصغيرة" المتعلقة بالأفكار الوليدة التي تحتاج إلى بيئة ومن ثم دراسة جدوى لما سوف ينتج عن ذلك المشروع، وما يمكن أن يحققه مستقبلا في توفير الفائدة العامة وتشغيل الجانب الاقتصادي على الوجه الأكمل، مشيرا إلى أنه لو استمر إغفال هذا الجانب ستزداد لدينا عشوائية الإنتاج في تلك المشاريع التي تعتمد في توظيفها على مواقع التواصل الاجتماعي من تويتر وفيس بوك وإنستجرام بقصد التمويل، من دون تبن ودراسة من قبل مؤسسات خاصة تعنى بالتوظيف الحقيقي للمجال.