في حياتنا اليومية يصادف المرء مظاهر مؤسفة يرتكبها البعض بحماقة أو ربما ببلاهة أو بقصر نظر مع أنها تسيء إليه وإلى سمعته، لكنه مع الأسف لا يتركها ولا يتجنبها لأنه يكون قد تعود عليها هو ومن هُم من حوله من أفراد أسرته. من هذه المظاهر أنك ترى أباً يسوق سيارته وفي حضنه طفله الصغير الذي لا يتعدى عمره سنتين أو أكثر.. ونتساءل ألا يخاف هذا الأب على نفسه أو على طفله الصغير من أن يتحرك ويسبب حادثا يخسر فيه حياته وحياة طفله الصغير.. ولو سألته لماذا يفعل ذلك؟ فيرد عليك بغباء بأن السيارة مليئة بأفراد الأسرة من زوجة وأولاد وبنات ولم أجد لهذا الطفل الصغير من مكان يرتاح فيه سوى حضني، ولو قلت له لماذا لا تسلمه لأمه؟ لأجابك بأن أمه تضع في حضنها الطفل الأكبر والأكثر شقاوة، ولا يصحوا هذا الأب من غفلته هذه إلاّ إذا سمع أصوات طاخ.. طاخ في السيارة التي أمامه. ومن هذه المظاهر أن ترى الأب يخرج مع أفراد أسرته في نزهة بالسيارة وقد أخذوا معهم من الطعام والشراب ما لذ وطاب، لكنهم للأسف يبدؤون في التهام الطعام وهم بالسيارة.. فترى الأولاد الصغار يأكلون المينو والجبس ويرمون بأكياسها من نوافذ السيارة، وكذلك تفعل بقية أفراد الأسرة الصغار عندما يأكلون السندويشات ويشربون العصائر بعدها.. فكل المخلفات ترمى خارج السيارة ولا تحرك الأم أو الأب ساكنا لردع أولادهم عن هذه الأساليب الهمجية التي تدل على قلة الذوق وسوء التربية. ومن المناظر المؤذية التي نراها كل يوم هي امتلاء حاويات القمامة بأكياس القمامة لدرجة أن الكثير منها تتساقط من الحاوية يمنة ويسرة، وتكون بعدها مرتعا للقطط والفئران، وتتراكم عليها الحشرات من ذباب وبعوض ونمل وغيرها وتخرج منها الروائح النتنة والعفنة التي تؤذي المارة وتزكم أنوفهم، فإذا ما جاءت سيارات القمامة وقلبت هذه الحاويات داخل السيارة تساقطت منها بعض المخلفات بروائحها الكريهة. ومن المناظر التي تدل على سوء الأدب كثرة استخدام مزامير السيارات وبصوت عال، أو تشغيل مسجل السيارة حده وإزعاج الآخرين وربما إيقاظ الأطفال أو المرضى في بيوتهم، أو أن ترى شخصين وقد توقفا بسيارتيهما في عرض الشارع وهات يا كلام وسوالف ولا يتحركان إلا بعد أن يضج الشارع بالهرنات التي تنبههما إلى هذا الخطأ الذي يدل على التجرد من الأدب والأخلاق الفاضلة. ومن المناظر المؤلمة أن ترى أطفالاً صغارا وفي يد كل واحد منهم سيجارة يشفطها بنهم ورغبة.. وتتساءل أين أولياء أمور هؤلاء الأطفال؟ وهل يدرون ما يفعله أبناؤهم الصغار؟ وماذا ستكون عليه صحتهم عند الكبر وهم يدخنون هذا الداء الوبيل منذ صغرهم؟ أما المنظر الذي يحز في النفس ويبعث على الأسى فهو منظر المتسولات عند المساجد ونواصي الطرقات.. ولا تدري أنت الرجل المسلم هل هؤلاء محتاجات بالفعل فتمد يدك وتخرج ما في جيبك لتتصدق عليهن؟ أم أنهن امتهنوا مهنة من لا مهنة له وأصبحن من الثريات اللواتي لا تعرفهن إلاّ حسابات البنوك والمصارف. والأمثلة على المناظر المؤذية كثيرة.. وربما تكون لنا عودة لطرق هذا الموضوع مرة أخرى.