خلال الأيام التي تلت غزو العراق عام 2003 عينت إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش دبلوماسياً مغموراً يدعى بول بريمر لإدارة الجهود الانتقالية في العراق، التي تهدف إلى إعادة إعمار هذا البلد في مرحلة ما بعد صدام حسين. * امتلك بريمر السلطة لحكم العراق بصورة كلية، وكانت خطواته لاجتثاث البعث وحل الجيش العراقي، التي عرفت بصورة شائعة بأنها أوامر سلطة بريمر الأول والثاني، قد أصبحت موضع الكثير من الجدل في السنوات التي تلت الغزو. * بريمر أعلن مراراً وتكراراً عبر السنوات التي تلت خروجه من العراق أن الجيش الأميركي يتحمل مسؤولية الأخطاء التي ارتكبت في العراق. وكان بريمر يتمتع بسلطة شبه مطلقة على الجهات الاقتصادية والسياسية في العراق، وباعتباره أعلى موظف مدني متربع في الدولة، امتلك بريمر السلطة لحكم العراق بصورة كلية، وكانت خطواته لاجتثاث البعث وحل الجيش العراقي التي عرفت بصورة شائعة بأنها أوامر سلطة بريمر الأول والثاني، قد أصبحت موضع الكثير من الجدل في السنوات التي تلت الغزو. وقام العديد من الجنود الموالين للنظام السابق الذين أصبحوا عاطلين عن العمل في قيادة الثورات السنية ضد الجيش الاميركي، التي سببت الكثير من الأضرار للقوات الأميركية في السنوات التي تلت الغزو، كما أن العديد منهم واصل تقديم المساعدة لنسل الثورة السنية، وهي تنظيم داعش. وبناء عليه هل تقع الفوضى والأخطاء التي حدثت في العراق خلال حكم بريمر، إضافة الى الاخطاء والاجراءات التي اتخذت خلال هذه الفترة، على كاهل بريمر نفسه، أم أن ثمة جهة أخرى تتحمل وزر هذه الأخطاء؟ خلال برنامج يحمل عنوان طريق طويلة الى الجحيم.. أميركا في العراق، وهو عبارة عن برنامج مدته ساعة بثته محطة سي ان ان ليلة الاثنين الماضي، استكشف مقدم البرنامج فريد زكريا هذا السؤال، إضافة إلى أسئلة أخرى تتعلق بالاحتلال وإعادة إعمار العراق. وما هو السبب الذي يجعل من المهم لدى أميركا، وهي تعود إلى المنطقة من جديد أن تجيب عن هذه الأسئلة. وعمد بريمر إلى الدفاع دائماً عن عمله باعتباره رئيس سلطة حكم العراق، وخلال مقابلته مع زكريا، ادعى أن جهود اجتثاث البعث التي قام بها كانت تحظى بدعم وموافقة الرئيس بوش نفسه. ودار هذا الحوار بين الرجلين: زكريا: موظفو البيت الأبيض يلقون باللوم عليك. بريمر: ولكن الرئيس لا يقول ذلك. زكريا: طبعاً الرئيس لا يتهمك ولكن.. بريمر: لا لا الرئيس لم يُلق أي لوم. زكريا: لا. بريمر: نعم الرئيس كان يستحسن ما قمت به. زكريا: هل استحسن ذلك حقاً؟ بريمر: نعم. يشير النقاد غالباً إلى أن بريمر، الذي لا يتحدث اللغة العربية، وكان قد خدم سابقاً كسفير للولايات المتحدة في هولندا، يفتقر إلى المؤهلات والخبرة المناسبة لإدارة الفترة الانتقالية، وجهود إعادة إعمار العراق. وإضافة إلى القرارين المثيرين للجدل اللذين اتخذهما بريمر في العراق فقد ضغط من أجل تحرير الاقتصاد وخصخصة صناعة النفط، وهي الخطوات التي جعلته يثير الكثير من الشكوك في مآربه. ولكن سلطات بريمر على دولة العراق مبالغ بها، إذ ذكر تقرير وضعته منظمة البحث والتنمية غير الربحية عام 2009، أنه في واقع الأمر فإن سلطات بريمر كانت محدودة تماماً على 98% من الموظفين الرسميين الأميركيين، اذ إنهم جميعاً كانوا تحت قيادة الجيش. وفي واقع الأمر فإن بريمر أعلن مراراً عبر السنوات التي تلت خروجه من العراق، أن الجيش الاميركي يتحمل مسؤولية الاخطاء التي ارتكبت في العراق، وأن دعواته لإرسال مزيد من القوات إلى العراق غالباً ما كانت تذهب أدراج الرياح. وقال بريمر لصحيفة الإندبندنت البريطانية في الذكرى العاشرة للغزو الأميركي للعراق أعتقد أنه يجب أن يكون لدينا ما يكفي من القوات على الأرض، وعلينا أن نتعلم من حربي البوسنة والصومال أنه ينبغي أن يكون هناك ما يكفي من القوات على الارض لحماية المدنيين. ويصر بريمر أيضاً على أن جهود اجتثاث البعث تم تشويهها من قبل البعض، ويقع الكثير من مسؤوليتها على عاتق المسؤولين العراقيين الذين أسند إليهم الثقة والسلطة إثر الغزو. وقال بريمر في عام 2013 قمنا باستطلاعات للرأي لعملية اجتثاث البعث، ولم تكن النتائج يوماً بأقل من 95% يؤيدون العملية، والخطأ الذي ارتكبته أنني أسندت هذه المهمة لمجموعة صغيرة من السياسيين العراقيين، الذين تصرفوا حسب مصالحهم.