الوطن يتكون من ثلاثة أسماء: المملكة العربية السعودية، فالشكل السياسي لهذا الوطن: المملكة، والإطار الثقافي القومي له: العربية، والمسمى الرسمي: السعودية، ويلاحظ القارئ أن مفردة «العربية» جاءت كواسطة العقد بين الشكل والمسمى، ولا أريد القول من هذا الكلام إن اللغة العربية رئتنا التي نتنفس بها، فيجب الحفاظ عليها، أو يكفينا فخراً كعرب أنها لغة القرآن الكريم، فمثل هذه الأمور وربما غيرها يعرفها الصغير والكبير، لكن الذي دعاني لكتابة هذه الأسطر هو اندفاع بعض المسؤولين الرسميين، حينما يقفون أمام كاميرات القنوات الفضائية للحديث، يحرصون على التحدث بلغة أجنبية، علمًا بأنه في موقف رسمي، وليس في اجتماعات جانبية أو مغلقة أو حوارات شخصية، خاصة أن وسائل الترجمة متاحة ومتوفرة بشكل لافت، فهذا الأمر أثار استغرابي، لاسيما وأن بلادنا أصبحت بفضل الله ثم بفضل حزم المليك خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز محط الأنظار، ومزار العيون والقلوب، فالاعتزاز باللغة تابع طبيعي لتطور الشعوب والأمم، ومظهر من مظاهر الاعتزاز بالذات والهوية الوطنية. كيف نطالب الطلاب في المدارس بالكتابة بالعربية والحديث بالعربية، وهم يرون بعض المسؤولين يتسارعون للإجابة باللغة الأجنبية، وهم يقفون على أرض عاصمة المملكة العربية السعودية. جميل أن يكون لدينا رجال يتحدثون بلغات أجنبية، وهذا مطلب حتمي في اكتشاف الآخر، غير أن الاعتزاز باللغة الوطنية للشعب أمام شاشات التصوير والتلفزة أمر ملحّ، ولن أبالغ إن قلت بأنه واجب ديني ووطني، فمهما بلغ المرء من التحضر وهو لا يحرص على الحديث بلغته الوطنية لن يكون لتميزه معنى، لأن اللغة مقياس الجودة وعنوان التحضر، وكلما افتخر الإنسان بلغته التي ينتمي إليها تجاوز كثيرا من العقبات النفسية والاجتماعية، واستطاع النظر لمن حوله بالندية والوقوف كتفًا إلى كتف معه في سلّم الأولويات والمساواة.