يقول عدد من المواكبين لسير المعركة الدائرة في منطقة القلمون السورية وامتداداتها اللبنانية بين «حزب الله» والجيش النظامي في سورية من جهة وبين قوة في المعارضة السورية إضافة إلى «جبهة النصرة» و «داعش»، أنها ما زالت في بدايتها ولم تبلغ مرحلة الحسم الذي يتيح لأحد طرفَي النزاع العسكري السيطرة على هذه المنطقة المؤدية مباشرة إلى بلدات في ريف دمشق. ويضيف هؤلاء المواكبون أن «حزب الله» يشكل رأس حربة لهذه المعركة مدعوماً من وحدات في الجيش النظامي في سورية في مواجهة المجموعات التي تتزعمها «داعش» وإلى جانبها أطراف آخرون في المعارضة، ويؤكدون أن الغموض يكتنف سير المعركة في غياب معلومات ميدانية يمكن الركون إليها غير الصادرة عن طرفَي النزاع. ومع أن المواكبين لهذه المعركة يتوقفون أمام ما سبق وقاله الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله في خطاب ألقاه في أواخر الشهر الثاني من العام الحالي وفيه أن معركة القلمون ستحصل فور ذوبان الثلج «للقضاء على المجموعات التكفيرية التي تصدّر الإرهاب إلى لبنان»، فإنهم في المقابل يعتقدون أن كلامه تزامن مع وجود فاعل للجيش النظامي في سورية في بصرى الحرير ومناطق أخرى من درعا ودير الزور وإدلب وجسر الشغور بينما تغير الوضع الميداني اليوم في ضوء تحقيق المعارضة تقدم دفع الجيش النظامي وحلفاءه الى التراجع من هذه المناطق. ويعتقد المواكبون ان لتبدل واقع القوى على الأرض في المناطق الساخنة تأثيراً في سير معركة القلمون، ويرون ان الجيش النظامي وحليفه «حزب الله» باتا في أمس الحاجة الى حسم المعركة فيها لما سيكون لها من تداعيات على المعارك الأخرى في ريف دمشق. فحسم المعركة يساعدهما على تعزيز وجودهما في بلدات ريف دمشق وتحويلها الى خط دفاعي لحماية العاصمة التي يتواجد فيها الرئيس بشار الأسد. لكن هناك من يعتقد ان «حزب الله» لن يبادر إلى الإعلان في شكل واضح عن بدء المعركة في القلمون ما لم يتمكن من تحقيق تقدم عسكري على الأرض يجد فيه قدرة على حسم هذه المعركة في غضون أيام عدة... وهذا ما يبرّر اقتصار هذه المعركة، على الأقل في المدى المنظور، على حرب المواقع من خلال محاولة كل طرف السيطرة على التلال التي تمهد له الطريق لاتباع خطة عسكرية يريد من خلالها الاعتماد على سياسة القضم أي الموقع تلو الآخر. في هذه الأثناء تتصرف الحكومة اللبنانية وكأنها غير معنية بالمعركة التي تشهدها منطقة القلمون والمناطق المتداخلة بين سورية ولبنان التي تشكل المعبر العسكري الحيوي للحزب لاستقدام التعزيزات العسكرية والبشرية إلى داخل الأراضي السورية. ويكمن التفسير الوحيد لسياسة الصمت التي تتبعها الحكومة في أنها كعادتها نأت بنفسها عن اتخاذ أي موقف على رغم ان ارتدادات المعركة في القلمون ستكون حاضرة على الساحة المحلية من خلال احتمال ارتفاع منسوب الاحتقان المذهبي والطائفي الذي هو بند أساسي على طاولة الحوار بين تيار «المستقبل» و «حزب الله» برعاية رئيس المجلس النيابي نبيه بري والذي أدى الى خفض التوتر مع استمرار تبادل الحملات السياسية والإعلامية بينهما على خلفية الاختلاف حول ما يجري في اليمن وأخيراً في القلمون. وكان لافتاً في هذا السياق أن مجلس الوزراء الذي يعقد جلسات متواصلة لمناقشة مشروع قانون الموازنة للعام الحالي أصرّ على «تغييب» نفسه عن مجريات التطوّرات العسكرية التي تشهدها المنطقة الحدودية المتداخلة بين لبنان وسورية ولم تسجّل في جلسة أول من أمس مبادرة أي وزير إلى السؤال عما يدور في هذه المنطقة، ربما من باب «الحرص» على بقاء الحكومة «ممسوكة» في غياب أي شكل من أشكال التماسك بين الوزراء فيها لأن لكل فريق رأياً لا يتفق والآخر. وعليه، فإن الحكومة قرّرت حتى إشعار آخر أن تدير ظهرها لهذه التطورات لئلا يؤدي التداول فيها إلى تشقّقها من الداخل تاركة مفاعيلها للقضاء والقدر.