أكد الدكتور علي عبدالله موسى، المنسق العام للمجلس الدولي للغة العربية، أن اليوم يعود الاعتبار للغة العربية من دبي عاصمة المبادرات الشجاعة، ويسجّل التاريخ أنّ اليوم هو يوم البرّ للغة العربية، لاسيما أنها باتت محصنة بحماية ورعاية وضيافة وتكريم وتشريع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الحاكم العربي الأصيل الذي كرس عمره ووقته وماله وجهده لبناء الوطن وإعداد المواطن، والاهتمام بالقضايا الوطنية والعربية والإنسانية والشراكة العالمية . وأضاف أن المؤتمر خلق مساحة واسعة للباحثين لتبادل الخبرات، وخلق مبادرات ومشاريع من شأنها رفع الوعي بأهمية اللغة العربية وكيفية المحافظة عليها، إذ بدأت الحكومات تركز على رفع مستوى الوعي بأهمية اللغة العربية . واصل المؤتمر الدولي الرابع للغة العربية الذي انطلقت فعالياته برعاية وحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بمشاركة عدد كبير من الوزراء والعلماء والخبراء والباحثين من نحو 73 دولة . وفي وصفه لجائزة محمد بن راشد آل مكتوم للغة العربية، أكد فاروق شوشة، الأمين العام لمجمع اللغة العربية في القاهرة، رئيس أمناء الجائزة، أنها مسبار علمي ينطلق إلى فضاء اللغة العربية، لينجز ما يشغل الفكر العربي في كل بقاع الأرض، للارتقاء والازدهار بهذه اللغة . وأكد أن مبادرة "معجم أو قاموس اللغة العربية العصرية"، مطلب يحتاج إليه الطلبة والمعلمون والأساتذة والدارسون والمستعربون، وكل من يعيش على هذه الأرض، ويريد أن يطالع في حصاد لغة تطورت واتسعت وارتقت وتفاعلت على مدار أكثر من خمسة عقود من الزمان، مشيراً إلى أن لدينا العديد من المعاجم القديمة لكنها تتوقف عند القديم، فتلك المبادرة تأتي لغرس المفاهيم الصحيحة للغة العربية في نفوس أبناء عصرنا ومستقبلنا . وشهدت فعاليات اليوم الثاني من مؤتمر اللغة العربية في دورته الرابعة مناقشات عدد من قضايا اللغة في التعليم العام والجامعات، وتقويم المناهج، والبحث العلمي، فضلاً عن التعرض لمشكلات اللغة العربية، عبر 75 ندوة تناقشية . الجلسة الرئيسية طالب المشاركون في الجلسة الرئيسية لليوم الثاني للمؤتمر الدولي للغة العربية، بتوحيد المصطلحات اللغوية ضمن "مجمع لغوي في دولة واحدة" أسوة بالأكاديمية الفرنسية التي تعنى باللغة الفرنسية وتوزيعها على جميع البلدان الفرانكوفونية بمعزل عن موقعها الجغرافي، فضلاً عن سبل تعزيزها في الانظمة والتشريعات داخل منظومة الدول العربية . أدار الجلسة الدكتور خليفة السويدي الأكاديمي والإعلامي الإماراتي، وشارك فيها الدكتور بدر الدين العلالي، الأمين العام المساعد في جامعة الدول العربية، ونور الدين بو شكوج، الأمين العام للاتحاد البرلماني العربي، والدكتور أبو بكر باقادر مدير إدارة الثقافة بمنظمة التعاون الإسلامي . 3 مستويات من جانبه، قال الدكتور نور الدين بو شكوج، إن هناك 3 مستويات يجب أن يركز عليها واضعو السياسات من أجل تطوير اللغة وتعزيز التعامل بها، تتمثل في أهمية اللغة في حفظ ذاتها، إذ إن كثيراً من المصطلحات المستخدمة في عالمنا العربي تتغير معانيها بتغير مكان استخدامها، وهناك بعض المجتمعات التي تركز على استخدام مصطلحات لا يستخدمها شعوب دول أخرى، وهذا ما يجعل هناك تشتيتاً لجهود توحيد لغة ثابتة بمفردات واصطلاحات واحدة، مشدداً على توحيد الجهود لتكون تحت مظلة واحدة لمؤسسة تعنى بتثبيت وتوحيد هذه المصطلحات واستخدام الجميع لها بشكل واحد . وأشار إلى أنه يجب وضع قوانين لحماية اللغة واستعمالها كلغة وطنية في جميع البلدان العربية، لافتاً إلى وجود دول عربية أقرت قوانين لتمكين اللغة في مؤسساتها، وأنه يجب التعاون مع المجلس الدولي للغة العربية لصياغة مشروع قانون للاستنارة به عند بدء التشريع لقوانين حماية اللغة العربية . وركز على أهمية نشر اللغة بين دول العالم والعمل بشكل دؤوب لتسريع ذلك من خلال منظماتنا ومؤسساتنا في كل دول العالم كافة، لافتاً إلى أنه يجب على جامعة الدول العربية إنشاء مركز لتعليم اللغة العربية على غرار مراكز تعليم اللغات الاخرى المنتشرة داخل بلادنا، لأن من شأن ذلك نشر اللغة وتعريف الآخرين بها وتوثيق صلاتنا مع المجتمع العالمي وزيادة متحدثيها، خاصة أن لغتنا العربية جميلة بمفرداتها وغنية بمعانيها التي تجعل منها لغة للعصر . من جهته، أوضح الدكتور أبو بكر باقادر أن اللغة العربية هي لغة الدين الإسلامي، وأن منظمة التعاون الإسلامي رغم استخدامها في نشاطاتها اللغتين الإنجليزية والفرنسية، إلا أنها تتلقي طلبات كثيرة لتعليم اللغة لغير المتحدثين بها، وهذا يؤشر إلى إقبال كبير على تعلمها . وأكد أن منظمة الايسيسكو التابعة لها تقوم بدور مهم في توفير برامج نشر وتعليم اللغة للكثير من الراغبين في ذلك في كافة الدول، مشيراً إلى أن ما يؤلم هو استخدام كثير من أبناء الوطن العربي للغات أخرى على حساب لغتنا الأم، وهو ما يشكل واقعاً يجب العمل على تغييره من خلال تطوير المناهج التعليمية . رمز الهوية وأشار الدكتور بدر الدين العلالي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية في مداخلته، أن اللغة العربية هي رمز الهوية وأداة مهمة للتواصل والانتماء، وأن المؤتمر يوفر فرصة رائعة لبحث مشكلتها وهمومها وإيجاد حلول تناسب الواقع الذي نعيشه، مؤكداً أهمية استخدام اللغة في المجالات الثقافية والعلمية كافة، لافتاً إلى أن هناك 3 محاور يجب التركيز عليها، وهي واقع اللغة العربية، وكيفية تفعيلها، فضلاً عن سن تشريعات تصونها وتحافظ عليها . ونبه على دور الإعلام العربي في ضرورة تعزيز دورها، من خلال استخدم اللغة بشكل صحيح، وتوفير الإخبار بها، موضحاً أنه رغم الجهود المبذولة، إلا أنه عند تأمل واقع اللغة نجد أن الأمر مختلف رغم أن كثيراً من الدساتير تنص على استخدام اللغة في المناحي كافة . وذكر أن تعدد الأنظمة التعليمية، وعدم تمكن المعلمين من أداء دورهم بامتياز، وخاصة عند تعريب المواد العلمية، كلها أدوار تضعف من واقع اللغة، مشيراً إلى أنه رغم أهمية اللغات الأخرى في سوق العمل، إلا أنه يجب ألا يكون على حساب لغتنا العربية . الأمن والولاء وأثارت ندوة "علاقة اللغة العربية بالأمن والولاء والوحدة" التي أدارها الدكتور علي أحمد الكبيسي، تفاعل العديد من الباحثين والعلماء وخبراء اللغة العربية خلال المؤتمر، حيث تطرقت إلى رؤي مختلفة، تؤكد أهمية الأمن الفكري في عصر العولمة، وسيادة اللغة العربية وجوهر الهوية والأمن الثقافي في الأمة . وتناولت الدكتورة زينب دوادي إمكانية صون الانتماء اللغوي والثقافي من الانحلال بمواجهة ما يتهدده من سيطرة العولمة، والتغريب الفكري، ما يؤثر في الانتماء الإسلامي ومقومات الوجود العربي وسيادته اللغوية الأصيلة . وأشارت إلى الهجمات العنيفة التي تتعرض لها اللغة العربية، يسهر على إعداد خططها دهاة عملوا في الخفاء والعلن كثيراً وقطعوا أشواطاً في تنفيذ خطط الإضعاف، مشيرة إلى أن اللغة عنوان القومية وعلم مجد الأمة ورمز شرفها وما فرط قوم في جنب لغتهم إلا ضربت عليهم الذلة والمسكنة . د . وافي حاج لـ الخليج: 11 بحثاً للجامعة العالمية أعلن الدكتور وافي حاج ماجد، رئيس قسم اللغة العربية وآدابها، وقسم اللغات والترجمة في الجامعة العالمية في لبنان، أن الجامعة شاركت في المؤتمرب 11 بحثاً أكاديمياً، أعدها 5 باحثين، تناقش عدداً من مسارات اللغة العربية وتؤكد أهميتها ومكانتها بين اللغات الأجنبية وهذا يدل على حب العطاء للغة . وأكد أن تحديات اللغة ليست جديدة بل قديمة، واللغة واجهت عدة تحديات، يكمن أكبرها في تقليص الفجوة بين استخدام العربية اللغات الأخرى، وينبغي أن نتخلص من ازدوجية اللغة، الاعتزاز باللغة العربية، والتخلي عن الازدواجية في الفكر، فلابد أن نهتم في طريقة تدريس العربية بشكل يؤكد مكانتها وأهميتها، فلغتنا كنز لكننا لم نحسن استخدامها فهي ليست صعبة، وهناك من يخلطون بين أساليب التدريس من المدرسين المنفرين بجميع التخصصات، فاللغة جيدة وإن كانت صعبة في تدريسها فهناك عوامل جذب كثيرة في تدريس مواد اللغة ترتكز في "المنهج، الأستاذ، البيئة المدرسية" . وأضاف أن المناهج لها دور في إعداد الطالب والمعلم، وصنف المناهج إلى 3 أنواع، الأول مناهج جامدة لا تراعي بعض العوامل التي تؤدي إلى تغير معين "الجمود بطرفيه"، ومناهج تصيب الواقع لكنها لا تظفر به، لأن هناك أصحاب فكر لا يجدون الدعم، ومناهج لا تواكب التغيرات وتحتاج إلى تطوير وتحسين، فالاعتدال أمر جيد والجمع بين الجديد والقديم بخطوات مدروسة يحقق الأهداف المنشودة، ويرى أن النجاح يكمن في الاندماج بين الجودة والجودة التخصصية . تقويم المناهج جاءت ندوة تقويم المناهج وأساتذة اللغة العربية، التي أدارها الدكتور عبدالقادر مليود سلامي، وتناولت المناقشات حول الكفاءة الذاتية للمعلمين واتجاهاتهم نحو القراءة، إضافة إلى التقويم الصفي في ضوء خلل المعايير في مقررات اللغة العربية . وأكد الدكتور سيف بن ناصر بن سيف العزري، أن للمعلم دوراً مهماً وأساسياً في الرقي بالمستوى اللغوي للتلاميذ، وتأتي متغيرات القناعة بالكفاءة الذاتية للمعلم "self-efficacy"، وكذلك اتجاهات المعلم نحو القراءة في مقدمة المتغيرات، التي تحدد مستوى هذا الدور، مشيراً إلى وجوب اكتشاف الكفاءة الذاتية للمعلمين، ومدى قناعتهم بتدريس اللغة العربية، واتجاهات نحو القراءة لهؤلاء المعلمين في تنمية اتجاهات طلابهم نحو القراءة على وجه الخصوص، ونحو ممارسة اللغة العربية وتعلمها على وجه العموم . وناقشت ندوة اللغة العربية والتكنولوجيا المهارات التكنولوجية الخاصة بمعلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها، إضافة إلى معالجة دقة النصوص العربية الرقمية لمزيد من الوضوح والفاعلية . رقمنة المعاجم جاءت ورقة عمل للدكتور عمر مهديوي عن مشروع رقمنة المعاجم العربية، عبر قاعدة معطيات المعجم التاريخي، مشيراً إلى التعريف بمشروع رقمنة المعاجم اللغوية العربية عامة، والمعجم التاريخي خاصة، وذلك نظراً لما يقوم به هذا الأخير من وظائف ثقافية وحضارية وعلمية . إذ، توجد فجوة معجمية كبيرة بين لغة الضاد واللغات الأجنبية المتقدمة تقنياً ومعرفياً . وأكد معاناة المكتبة العربية من أصناف من المعاجم العصرية العامة والخاصة، على غرار ما ماهو موجود في لغات كثيرة في العالم . وحتى إن وجدت، فإنها لا تعكس الكفاية المعاصرة للمتكلم العربي، باستثناء بعض المحاولات المعجمية القليلة العدد، والتي حاولت ما أمكن تخطي ثغرات المعجم العربي القديم من خلال الاقتداء بالمعاجم الأجنبية على مستوى تقنيات الصناعة المعجمية . 15 توصية لدعم اللغة العربية في الإعلام أبرز ما شهده المؤتمر جاء في مشاركة الباحثة غروب حسن الثنيان، أصغر باحثة ضمن 2000 شخصية من 73 دولة من أنحاء العالم لمناقشة 550 بحثاً في المؤتمر، حيث أكدت من خلال بحثها الذي جاء تحت عنوان "تحديات العصر بين اللغة العربية والإعلام" أهمية جعل اللغة العربية لغة للمؤتمرات العلمية، فضلاً عن الزام وسائل الإعلام "الدعاية والإعلاني" باستخدم "العربية الفصيحة" خلال عملها . وقالت غروب الثنيان، في تصريح ل"الخليج" إن البحث أفرز 15 توصية لدعم اللغة العربية في الإعلام، ركزت في مضمونها على عدم قبول أي كادر إعلامي إلا بنجاحه في مادة اللغة العربية، وتشجيع الطلبة في جميع المراحل التعليمية على إقامة مباراة في الإلقاء وضرورة الترقي بالعامية إلى الفصحى، وإلزام المدرسين في مختلف المراحل الدراسية بإلقاء دروسهم ومحاضراتهم باللغة العربية الفصحى، وجعل ذلك في تقويم أدائهم الوظيفي كشرط أساسي، وكذلك الطلبة الملتحقون بالجامعات في قسم اللغة العربية، زيادة الوقت المخصص للبرامج التثقيفية في اللغة العربية والعمل على رفع مستواها . ودعت الثنيان إلى أن إحلال اللغة الأجنبية للدراسات الأكاديمية، بحجة الحرص على العلم في جميع المراحل التعليمية أمر له خطورته، فلابد من الاحتراس في تعليم اللغة الأجنبية واختيار المرالحل المناسبة لتعلمها، ويكون اختيار المذيعين قائماً على جودة اللغة العربية وإتقانهم لها فكراً وثقافةً وكتابة واستغلال الرسالة الإعلامية في الفضائيات العربية بما يخدم اللغة العربية ويسهم في الارتقاء بها .