هل الولايات المتحدة قلقة من أن تُقدم طهران على تهديد أمن جيرانها بشكل مباشر مستقبلاً؟ وإذا كان ذلك صحيحاً، فلماذا اللعب بالنار وتعريض الخليج لرهانات محفوفة بالمخاطر، بإمضاء الاتفاق النووي مع إيران؟ أن تذهب أميركا إلى اتخاذ إجراءات من شأنها تعزيز الأمن الاقليمي فهذا أمرٌ ايجابي، فالمنطقة التي تعاني ارتباكاً شديداً بحاجة إلى قوة دولية تضبط الوضع الأمني المتردي. لكن ما الفائدة أن تلجأ واشنطن إلى تلك الإجراءات في الوقت الذي تحفز فيه أحد عوامل الاضطراب الأمني في المنطقة ونعني هنا إيران للاستمرار في خلق البلبلة والمشاكل، إذ سيسهم الاتفاق النووي الذي تجري صياغته الآن لخروج طهران من دائرة العقوبات، الأمر الذي يعني حصولها على السيولة المالية التي لن تتوانى في توظيفها لتمويل الجماعات والمليشيات الارهابية في المنطقة التي تعاهدت على رعايتها وهي تحت العقوبات، فما ظننا بعد أن ترفع عنها. تتحدث الأنباء أن الرئيس الأميركي باراك أوباما سيعرض على دول الخليج منظومة دفاع صاروخي أميركية، كطريقة لتهدئة القلق الذي تبديه دول التعاون من خطر تطوير إيران لأسلحة دمار شامل أو صواريخ بالستية. إذن لن يعالج الاتفاق النووي مخاوف الدول الخليجية بل ستقدم الولايات المتحدة ما يمكن أن يسهم في ردع إيران إن هي حاولت تهديد الأمن الخليجي، وواشنطن هنا تضع عواصم الخليج في موقع الدفاع وليس في وضعية الهجوم، كما أن الخشية ليس صاروخية بحتة بل هي في أساسها نووي. فالمجتمع الدولي يخشى أن تصل إيران حد تصنيع قنبلة نووية، وهذه الخشية إن لم يتم دفعها خارج نطاق الشك والريبة فإن سباق التسلح النووي قادم لا محالة في أكثر المناطق اضطراباً وتوتراً. واشنطن التي تمهد لتوقيع اتفاق نووي دولي مع إيران، يجب عليها إن قامت بذلك أن تقوم به وهي واثقة من سلوك طهران، ولا يبدو أن الأخيرة محل ثقة وهي متورطة بشكل صريح ومباشر كما نرى وباعترافها في مناطق عدة على الخريطة العربية من سوريا ولبنان مروراً بالعراق وانتهاء باليمن والبحرين. تتهادى التساؤلات في أذهان الخليجيين من اندفاع الولايات المتحدة لإنجاز الاتفاق النووي مع الجمهورية الإيرانية في وقت تخشى من أن تستمر الأخيرة كما عهدها المجتمع الدولي وجيرانها دولة مارقة تجيد حياكة المشاكل واللعب في بؤر التوتر، وفوق ذلك تحظى بما لا تستحق اتفاقاً نووياً يضمن لها حق التخصيب. يبدو أن الولايات المتحدة ترى في التقاربات الخليجية متعددة الأطراف تقليصاً لفرص تعاونها الاقتصادي والعسكري؛ لذا ترغب في قطع الطريق على عدة دول منها بريطانيا التي عادت لبناء قاعدة جديدة في البحرين، وفرنسا التي تبني قاعدة عسكرية لها في الامارات، ويبقى الأمر موغلاً في حسابات معقدة.