أحيانا تبقى الأشياء العظيمة في الظل إلى أن يأتي حدث يزحزحها إلى منطقة الضوء على الرغم من أنف عظمائها. عظماؤنا في هذا المقال هم مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم التقنية ورئيسها الدكتور الأمير تركي بن سعود بن محمد آل سعود. وما يحدث أن الكثير لا يعلم ما تفعله هذه المدينة. مبدئيا، قد يعلم الكثير منا أن مدينة الملك عبدالعزيز هي الذراع العلمية المحترفة المرتبطة برئاسة مجلس الوزراء، ولديها كل الإمكانات اللازمة لاحتضان الاختراعات السعودية أو العالمية وتحويلها إلى نتائج حقيقية داخل المختبر. فقد أطلقت حتى الآن 12 قمرا صناعيا ناجحا، ووصلت إلى الخارطة الجينية للتمر، والإبل، ما يعني سلالات أفضل. كما أنها تتعهد بتحلية المياه بشكل أفضل في 2019 لتكون مزودا استراتيجيا للمياه في السعودية. هناك العشرات من الإنجازات، ولكن ما أتحدث عنه هنا، أن هذا الجذب العلمي لا يشعر به السعوديون! لأن نسبة كبيرة منهم لا تنسجم مع المادة العلمية، فمجتمعنا أدبي في نسبة كبيرة منه، كما أن على مدينة الملك عبدالعزيز أن تجعل هذا المحتوى جذابا، ومغريا للعامة بأن يكون الصغار جزءا من هذا الشغف الذي تقوم به. قد يكون جزءا من منارتها العلمية -بعيدا عن الاختراعات والاكتشافات التي يمكن سردها– أن تكون صانعة للمحتوى الذي يجذب الشريحة العمرية الصغيرة إليها عبر مسلسلات كرتونية، برامج أطفال، مسلسلات موجهة للعائلة، وغيرها مما ينتمي إلى المحتوى العلمي وإلى الابتكار في تحقيق نتائج نوعية ومفاجئة في المجتمع، أي أن صنعوا جيلا جديدا مهتما بالشأن العلمي، دون أن يكون مهتما بشأن الابتكار. مدينة الملك عبدالعزيز منشغلة بدورها الحقيقي، وهي تبدو مثل العالِم الذي انشغل داخل مختبره، ونسي أن يهتم بمظهره الخارجي، ليبدو من داخله مشعا ولكن خارجه يحتاج إلى إعادة ابتكار بسيطة، يمكن أن تؤدي إلى صناعة أجيال شابة في المجتمع السعودي بدل أن تتعامل مع التكنولوجيا بطريقة استهلاكية فقط، مثل: تويتر، فسيبوك، انستغرام، أوبر، باث. ولكنهم لا يعلمون أنها أولا وآخرا ليست سوى مجرد أفكار -ابتكارات- ومشاريع بدأت صغيرة ووجدت العناية والاهتمام حتى نجحت. الآن، على مدينة الملك عبدالعزيز أن تستثمر جزءا من جهودها في صنع جيل محب للابتكار، ولتحقيق ذلك عليها أولا أن تتصالح مع الإعلام، وتخوض التجربة من أبواب مبتكرة في مخاطبة جيل بدأ يميل إلى تجريب الأشياء المبتكرة.