رأت المستشارة في محكمة استئناف بنغازي الليبية، نعيمة محمد جبريل، أن الحوارات المجتمعية لها دور في ترسيخ مبادئ التنمية المستدامة في أي بلد من بلدان العالم، مؤكدة أن ما حدث في الدولة العربية خلال الأعوام الماضية أثّر على مستقبل الدول، وأسهم في ظهور تجمعات إرهابية. وأوضحت جبريل في لقاء مع «الوسط» أن «الحوارات المجتمعية لها دور كبير في تنمية ثقافة ووعي المجتمع، وفي ترسيخ المبادئ القوية التي تحكم أهداف التنمية المستدامة، مثل حقوق وحريات الإنسان، والحوكمة الرشيدة، محاربة الفساد، ونشر ثقافة الحوار». جبريل وهي عضو بالحوار السياسي الليبي (حوار الصخيرات)، اعتبرت أن ما مر بالمنطقة العربية خلال الأعوام الخمسة الماضية، كان له أثر في خلق تحديات جديدة لتحقيق التنمية المستدامة، وهو ما يحتم على حكومات الدول العربية أخذها في الاعتبار، وأولها ما نشأ بعد الربيع العربي، وهي الحروب والنزاعات المسلحة والصراعات على أساس طائفي أو إثني، والتجمعات الإرهابية وزيادتها، وظهورها كدولة مثل الدولة الإسلامية في سورية، على حد قولها. ودعت إلى معالجة الصراعات والحروب وإيجاد حلول لإحلال السلم، وخلق إطار لتحقيق التنمية المستدامة، مشيرة إلى أن هذه الحروب أنتجت تلوثاً بيئياً وصحياً، فهناك آلاف المشردين والنازحين، إلى جانب فرص التعليم المهدرة وضياع فرص العمل، وزيادة نسب البطالة، وهي الأمور التي لامست جميع القطاعات الاجتماعية والتعليمية والمؤسسية، وأثرت على مستقبل العالم العربي. وبيّنت أن الدول العربية بحاجة إلى أن تتوحد وتتكتل اقتصادياً وأمنياً، وأن تضع استراتيجيات موحدة لمستقبل الشعوب العربية، مؤكدةً أن العرب بدأوا يتحسسون الخطر الذي يداهمهم، وهو ما يدعو إلى التوحد ووضع استراتيجيات ورؤى موحدة. وحول أثر ما حصل في ليبيا خلال الفترة الماضية على عملية التنمية المستدامة، قالت: «لاشك أن ما تمر به ليبيا من فترة عصيبة له انعكاسات وآثار سلبية على ليبيا، وهناك تحديات كبيرة أمام الليبيين والليبيات، وهي ضعف وهشاشة الدولة ومؤسساتها، ووجود الحروب والنزاعات المسلحة، سواءً أكانت في المنطقة الشرقية أو الغربية من أجل الصراع على السلطة والغنائم». ورأت أنه «لا يوجد تنمية من غير استقرار ولا استقرار من غير تنمية وإصلاح، وطالما لا يوجد أمن واستقرار سياسي ودولة قوية لن تكون هناك تنمية مستدامة، لأن من يشرف عليها واستراتيجيتها وبرامج تحويلها ولمس نجاحاتها بأهدافها الـ17 المعروفة، هي الدولة بمؤسساتها القوية، فالأثر الكبير على أهداف التنمية المستدامة هو المرور بهذه الفترة المتمثلة في النزاعات المسلحة، وهو ما يهدد البلاد لأن تكون على انهيار اقتصادي وأمن غذائي في المرحلة المقبلة، ولذلك نأمل أن نصل إلى اتفاق سياسي قريباً بين الأطراف المتصارعة، لنتمكن من الاحتكام للعقل ونلتفت إلى بناء ليبيا، دولة المؤسسات التي قامت أساساً من أجلها ثورة 17 فبراير، ومن أجل العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان والكرامة، ومن أجل إنهاء كل مظاهر التخلف والفقر والمرض». وأكدت أن الموارد المتوافرة في ليبيا كفيلة بأن تنهض بالتنمية المستدامة، وهي دولة غنية لديها موارد متعددة، موارد مائية ومعدنية وبترولية، ومياه أمطار وطاقة شمسية، وهو بلد غني ومتسع وتتوافر فيه كل موارد الطاقة التي نتمناها في أي مكان من العالم، وهي تحتاج إلى دولة قوية تستطيع أن تنهض بهذه الموارد وتوظفها وتنوع مصادر الدولة، في سبيل خلق فرص عمل، وتحقق مستوى دخل للأفراد في جميع المجالات». وتفاءلت أن تكون الفترة التي تحتاجها ليبيا لتنهض نحو التنمية المستدامة «قصيرة»، وخصوصاً في ظل وجود المقومات لذلك، مع عدد السكان القليل وتوافر الموارد، وإرادة الشعب الليبي لبناء دولتهم، وتوافقهم على حكومة وطنية قوية تستطيع وضع استراتيجية وأولويات لدعم اقتصاد الدولة والنهوض وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. كما أكدت مستشارة محكمة استئناف بنغازي الليبية، أن التطرف والتدهور الأمني في ليبيا خلق بيئة للإرهاب، وهي بيئة أنتجت ما يُعرف بتنظيم الدولة الإسلامية في شرق البلاد ووسطها وغربها، وهذا نتيجة غياب مؤسسات الدولة وهشاشتها، وعدم الاستقرار الأمني الذي يجب أن يتوافر بعد الثورة الليبية.