طهران: جاسون رضائيان* واجه أنصار السياسات المتشددة في إيران انتكاسة جديدة هذا الأسبوع عندما أمرت سلطات العاصمة بإزالة اللوحات المعادية للولايات المتحدة عقب أيام من تثبيتها، وهو ما خلق حالة من الجدل حول العلاقات بين طهران وواشنطن. ومنذ تولي رجل الدين المعتدل نسبيا، حسن روحاني، رئاسة إيران في أغسطس (آب)، أعطى هو ووزير خارجيته محمد جواد ظريف إشارات غير مسبوقة نحو الولايات المتحدة، بما في ذلك المحادثة الهاتفية بين روحاني والرئيس باراك أوباما، التي كانت أول اتصال مباشر بين البلدين منذ الثورة الإسلامية التي أسقطت الشاه عام 1979. لكن هذه الجهود الدبلوماسية والمحاولات الحكومية الواضحة للتخفيف من حدة اللهجة العدائية للولايات المتحدة أحدثت حالة من الغضب بين مؤيدي المحافظين المتشددين الذين يلقبون الولايات المتحدة «الشيطان الأكبر»، ويرون أن أي تقارب مع واشنطن خيانة لمبادئ الثورة. حملت اللوحات الإعلانية شعارا باللغة الإنجليزية «الشرف الأميركي» وصورة لمسؤول إيراني بلحية خفيفة (يفترض أنه يمثل جواد ظريف) يجلس أمام نظيره الأميركي الذي يخفي، تحت الطاولة، رموز العنف الأميركي. وتظهر صورة أخرى أميركيا يصطحب كلبا شرسا، وفي أخرى يرتدي سروالا عسكريا (الذي تخفيفه الطاولة) وبذلة ورابطة عنق (فوق الطاولة)، وكانت «الشرق الأوسط» نشرت يوم الأحد الماضي تحقيقا حول هذه اللافتات مع صورها. بيد أن الصور لا تحمل رسائل غير عادية أو مميزة نظرا لأن الأعلام الأميركية ودمى الرؤساء الأميركيين تحرق في شوارع طهران منذ 34 عاما. لكن قرار بلدية طهران بإزالة اللوحات الإعلانية، على الرغم من اقتراب ذكرى احتلال السفارة الأميركية في طهران التي تحل بعد أسبوع، كان صادما لبعض مؤيدي التاريخ الطويل من إظهار العداء الشعبي لواشنطن. وبرر مسؤولو المدينة إزالة اللوحات بأن المؤسسة التي قامت بتركيبها لم تحصل على تصريح بذلك. وانتقد حسين شريعتمداري، رئيس تحرير صحيفة «كيهان» اليومية المتشددة في افتتاحية الصحيفة قرر إزالة اللوحات. وكتب شريعتمداري: «يبدو أن بعض المقربين من روحاني يشعرون بغضب بالغ تجاه اللوحات الإعلانية المعادية للولايات المتحدة، رافضين فكرة (الشرف الأميركي) لأن منتجي اللوحات أهانوا أكثر أعز وأقدس معتقداتهم». لكن المسؤولين عن مشاريع اللوحات الإعلانية يستحقون التقدير نظرا للحراك الكبير الذي تسبب فيه عملهم. ورد إحسان محمد حساني، مدير معهد أو دبليو جيه، مؤسسة ثقافية غير حكومية، الذي قام بإنتاج اللوحات الإعلانية، على هذا الاهتمام الإعلامي بالقول: «إذا كانت الغاية النهائية تكثيف وانفجار الغضب الثوري بين الشعب في مظاهرات 4 نوفمبر (تشرين الثاني) (الذي يوافق احتلال السفارة الأميركية) وإضفاء مزيد من الفاعلية على هذه الملحمة الوطنية، حينئذ دعوهم يدقوا طبولهم في وسائل الإعلام». بيد أن الفرصة لم تفت بالنسبة لراغبي التعبير عن كراهيتهم للولايات المتحدة فلديهم خيار آخر، والذي يصاحبه إمكانية الحصول على جوائز نقدية، عبر الاشتراك في منافسة الجائزة الدولية الأولى لـ«تسقط أميركا»، التي تقبل اللوحات المناهضة أميركا وتغطي قضايا مثل «أسباب عدم مصداقية الولايات المتحدة»، و«الولايات المتحدة ونقض العهود» و«أميركا والغرور». * خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»