يتوجه الناخبون اليوم إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في الانتخابات البرلمانية التي تجرى وسط تقارب حرج في استطلاعات الرأي بين الحزبين الرئيسين، ما يثير شهية الأحزاب الصغيرة لتقاسم ثلث متبقي من الأصوات، فيما تزداد المخاوف من مواجهة احتمال الدعوة إلى جولة جديدة على أمل الخروج بغالبية. وناشد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الناخبين البريطانيين منحه خمس سنوات أخرى لتأمين اقتصادنا، في الوقت الذي أظهرت فيه استطلاعات الرأي أمس، تقدم حزبه بفارق ضئيل على أكبر خصومه، وهو حزب العمال، في اليوم الأخير للحملات الانتخابية. ومنحت استطلاعات الرأي كلاً من رئيس الوزراء المحافظ المنتهية ولايته وزعيم المعارضة العمالية ثلثي نوايا التصويت، ما يشجع عشرة أحزاب صغيرة للسعي على تقاسم الثلث المتبقي، في محاولة لتحقيق حلمها بأن تكون صانعة الملوك. والأمر الوحيد الأكيد، بحسب معهد لندن للاقتصادات، هو أن أيًا من الحزبين الرئيسيين التقليديين لن يتمكن من الحكم منفردًا لأنه لن يحصل على الأغلبية المطلقة في مجلس العموم الذي يضم 650 مقعدًا. وإذا جاءت النتيجة كما تتوقع استطلاعات الرأي منذ ستة أشهر، فسيكون بإمكان كل من كاميرون وميليباند أن يعلنا الفوز غداً الجمعة. وسيكون على القيادات السياسية أن تستعد لعمليات مساومة محمومة يمكن أن تستمر عدة أيام، وربما أسابيع. تقليص الفارق وأظهر أحدث استطلاع أجراه مركز كوم ريس لصالح شبكة آي.تي.في الإخبارية البريطانية وصحيفة ديلي ميل، أمس، حصول المحافظين على 35 في المئة، مقابل 32 في المئة للعمال. بينما حصل حزب الاستقلال البريطاني على 14 في المئة والديمقراطيون الأحرار على تسعة في المئة. وأكد الاستطلاع الأخير التوقعات التي تفيد بأن انتخابات اليوم ستسفر عن برلمان معلق بسبب عدم حصول أي من الحزبين الرئيسيين على أغلبية في المقاعد. من ناحية أخرى، أظهر متوسط أربعة استطلاعات للرأي تم نشرها الثلاثاء، أن الأحزاب الرئيسية تقاربت في نسب الناخبين المؤيدين لها، حيث حصل المحافظون على 33.5 في المئة والعمال على 32.5 في المئة. في حين أشار استطلاع نشرته مؤسسة لورد أشكروفت لاستطلاعات الرأي تراجع شعبية حزب المحافظين البريطاني الحاكم بمقدار أربع نقاط مئوية قبل الانتخابات ليضيق الفارق بينه وبين حزب العمال إلى نقطتين. احتمالات متوقعة تطرح الانتخابات على بريطانيا مواجهة أربعة احتمالات، ستحكم الحياة السياسية في البلاد خلال المرحلة المقبلة، ومنها احتمال إجراء انتخابات جديدة على أمل الخروج بغالبية، وهذه الاحتمالات هي: حكومة غالبية أو حكومة تحالف أو حكومة أقلية أو الذهاب إلى انتخابات جديدة. ويلزم لتشكيل حكومة غالبية أن يحصل الفائز على 326 مقعداً على الأقل من أصل 650 في مجلس العموم. وتم تشكيل 16 حكومة من أصل 18 منذ الحرب العالمية الثانية بهذه الطريقة مع استثناءين عامي 1974 و2010. إلا أن حكومة غالبية ليست مرجحة هذه المرة بسبب تراجع نفوذ الحزبين الرئيسيين والانقسامات على الساحة السياسية. ويجد العماليون والمحافظون المتعادلون في استطلاعات الرأي صعوبة اليوم في كسب ثلثي نوايا التصويت. وفي حال عدم الفوز بالغالبية المطلقة، فإن الحزبين الأساسيين يمكن أن يحاولا تشكيل حكومة تحالف مع شريك أو أكثر. وأدى سيناريو مشابه في الانتخابات الأخيرة في 2010 إلى تشكيل حكومة بين المحافظين والليبراليين الديموقراطيين مع بعض الصعوبات. ولا يزال من الممكن أن يعود هذان الشريكان إلى الحكومة ولو أن عدداً كبيراً من المعسكرين يستبعد الأمر. إذا لم ترتسم ملامح حكومة أكثرية واضحة ولم يتم تشكيل أي تحالف فإن العماليين أو المحافظين سيكون أمامهم خيار ثان وهو أن يشكلوا منفردين حكومة أقلية مع أقل من 326 مقعداً في مجلس العموم. وينطوي الأمر على مجازفة وسيكون بقاء هذه الحكومة الهشة رهناً باتفاقات مع أحزاب صغيرة لضمان دعمها خلال عمليات التصويت المهمة مثل الموازنة. انتخابات جديدة في حال اعتبر المحافظون والعماليون أن لديهم ما يكفي من الدعم في البرلمان، فإن المفاوضات ستبدأ لمعرفة من لديه فرص أكبر بتشكيل حكومة أقلية قابلة للبقاء. وسيكون الاختبار المهم الأول بعد بضعة أسابيع خلال كلمة الملكة أمام البرلمان حيث يتم التصويت على برنامج الحكومة. كما أن حكومة أقلية سيكون لديها صعوبات في الاستمرار لخمس سنوات. وصمدت حكومة مماثلة شكلها العمالي هارولد ويلسون سبعة أشهر في 1974. وفي هذه الحالة هناك احتمال ممكن هو أن تتم الدعوة سريعاً لإجراء انتخابات جديدة على أمل الخروج بغالبية. وفي كل الحالات فإن من مصلحة القادة السياسيين تفادي أي شلل يمكن أن يضع الملكة المرجع الأخير ولو أنها لا تتمتع بسلطات فعلية في موقف حرج. منازلة ساخنة لا تنبئ بنتائج حاسمة تأبى الانتخابات البريطانية، التي تجري اليوم، إلا أن تكون استثنائية، ورغم أنها تبدو واحداً من أسخن المواسم الانتخابية التي عاشتها المملكة المتحدة، إلا أنه من المستبعد أن تكون حاسمة. وإذا كان المراقبون يحيلون للمقارنة على انتخابات 1992، التي شهدت تقارباً محيراً بين الحزبين الرئيسين في استطلاعات الرأي، إلا أن الانتخابات الحالية لا تتوقف في دقتها على التقارب الحرج بين الحزبين الرئيسين، وتتعداه إلى حيثيات غير معهودة. فك الطوق الحزبين يبدو التقارب الحرج بين الحزبين في استطلاع الرأي العام، لا يشير بالذات إلى تساوي الفرص بينهما، بقدر ما يؤشر على فشلهما المتساوي في إقناع الناخب البريطاني وتحفيزه على الاقتراع، فقد أكد استطلاع سابق، أن نحو عشرة ملايين بريطاني لم يقرروا إن كانوا سيصوتون ولمن سيصوتون. وهذه الحالة تدعو للقول إن هناك توقاً إلى خيار جديد، أو على نحو أدق، تؤشر إلى حاجة عامة إلى تجديد الحياة السياسية. هذا، بالطبع يفك سيطرة الحزبين الرئيسين على الحياة السياسية في البلاد، ويمنح الأحزاب الأخرى فرصة للصعود بنسبها وحصصها. الاتحاد الأوروبي يبدو مصير الاتحاد الأوروبي معلقاً بدرجة ما بالانتخابات البريطانية، لا سيما أن أبرز نقاط برنامج زعيم المحافظين ديفيد كاميرون، يتركز على تنظيم استفتاء حول انسحاب بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي. إسكتلندا خطط زعيم المحافظين ديفيد كاميرون بشأن الاستفتاء حول انسحاب بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي، تثير عصبية خصومه السياسيين، ولكن التهديد الواضح، صدر عن زعيمة الحزب القومي الإسكتلندي، التي حذرت من أن إجراء استفتاء حول انسحاب بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي، يعني تلقائياً إجراء استفتاء آخر حول انسحاب إسكتلندا من المملكة المتحدة والاستقلال عنها. الحائرون يقدر محللون أن عدد الناخبين البريطانيين الحائرين، يزيد على عشرة ملايين ناخب. وهذا فتح شهية الأحزاب المتنافسة على استقطاب أكبر عدد من هؤلاء، ما أشعل نار الحملات الانتخابية. وكان هؤلاء محط اهتمام ديفيد كاميرون الذي قال إن الكثير من الناس لم يقرروا لمن سيصوتون بعد، ويجب أن نقنعهم خلال الساعات الأخيرة، وفي الأثناء، كان زعيم حزب العمال إد ميليباند يؤكد أنه لا يزال يقاتل من أجل الحصول على كل صوت. غير أن القتال من أجل الحصول على كل صوت، لا يمنع عدد من المراقبين البريطانيين من الإجماع على التنبؤ بأن لا تكون النتائج حاسمة، والتحذير من أن مثل هذه النتيجة يمكن أن تسبب حالة من عدم الاستقرار العميقة في بريطانيا.