بدا في الساعات الأخيرة ان لا صوت يعلو فوق صوت معركة القلمون التي جزم «حزب الله» بلسان أمينه العام السيد حسن نصر الله بأن وقوعها «محسوم» والتي يزداد الانقسام السياسي اللبناني حولها، وسط مخاوف من ارتدادات أمنية لها على الداخل، رغم الثقة بقدرة الجيش على التصدي لأي مجموعات مسلّحة يمكن ان «تتسرّب» من سورية عبر الحدود الشرقية للبنان. وفي موازاة انطلاق ما يمكن تسميته بـ «المواجهات السبّاقة» على الحدود اللبنانية - السورية عند السلسلة الشرقية التي تأتي على طريقة «التمرين بالنار» إما لاستطلاع نقاط تمركز وجهوزية طرفيْ المعركة، او لحرْف الانظار عن البقعة التي ستنطلق منها «الموْقعة»، ارتفعت وتيرة السجال بين الحزب و«تيار المستقبل» الذي يقوده الرئيس سعد الحريري، على خلفية هذا الملف الذي جاء ليضاف الى الانشطار القائم اساساً، حيال مجمل الموقف من الأزمة السورية وانخراط الحزب العسكري فيها، وهو الانشطار الذي تَمدّد الى الملف اليمني بعد عملية «عاصفة الحزم» وتولي الحزب دور رأس الحربة في شنّ حرب سياسية - إعلامية عليها، وضعتْه بمواجهة غير مسبوقة مع دول مجلس التعاون الخليجي، ولا سيما السعودية، وأربكت لبنان الرسمي نظراً الى انعاكاساتها على العلاقات التاريخية مع الخليج وتداعياتها المحتملة على مصير اكثر من نصف مليون لبناني يعملون في دوله. وتخشى أوساط سياسية في بيروت ان يتداخل غبار معركة القلمون مع دخان الملفات الخلافية الداخلية التي تتوالد انطلاقاً من أزمة الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية التي تدخل في 25 الجاري عامها الثاني، ولا سيما ملف التعيينات للقادة الامنيين، وسط اعتبار البعض ان الوقائع العسكرية في القلمون قد تكون وحدها كفيلة برسم المسار الاضطراري لقضية التعيينات (اول استحقاق لها في 5 يونيو المقبل مع احالة المدير العام لقوى الامن اداخلي اللواء ابراهيم بصبوص الى التقاعد) لجهة وجوب التمديد لقادة الأجهزة تحت ضغط الخطر الأمني وعدم جواز إفراغ المؤسسات الأمنية من رؤوسها، وصولاً الى عدم استبعاد البعض الآخر ان يكون الكلام عن إبلاغ الحزب زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون الوقوف معه حتى النهاية في معركته ضد التمديد التي يخوضها لإخراج العماد جان قهوجي من قيادة المؤسسة العسكرية، في سياق إبقاء قهوجي والجيش قيد الاختبار لجهة سلوكه خلال معركة القلمون. علماً ان دوائر مطلعة ترى ان عدم التمديد لقائد الجيش سيعني سياسياً حرق ورقته كمرشح تسوية رئاسي. وفي حين حيّدت الحكومة اللبنانية نفسها عن قرع طبول الحرب في القلمون، بقيت الساحة السياسية امس، رهينة المناخ المحتدم الذي ساد مع إطلالة نصر الله مساء أول من أمس، في كلمة متلفزة معلناً أن «المعركة ضدّ الجماعات الإرهابية المسلّحة في جرود القلمون أمر محسوم، لكن الزمان والمكان لم يتم الإعلان عنهما بعد (...)ولن ننتظر الإجماع اللبناني»، ومتوجّهاً «لمن يقول لنا مَن كلّفكم بهذا الأمر؟» بالقول: «هذا تكليف انساني وأخلاقي وديني». وتوقفت دوائر سياسية عند نقطتيْن في كلام نصر الله، الأولى «خفض سقف العدائية والتجريح بحقّ السعودية وقادتها على خلفية (عاصفة الحزم)»، والثانية «عملية (شدّ الهِمم) التي قام بها لمؤيدي النظام السوري وجمهور الحزب، بنفيه ان يكون حلفاء سورية تخلوا عنها». ولم يتأخّر الرئيس سعد الحريري في الرد على نصر الله عبر «تويتر» معلناً: «اقول للسيد حسن: أنت تكلّف نفسك بمهمة لا اخلاقية ولا وطنية ولا دينية، أنت تتلاعب بمصير لبنان على حافة الهاوية»، مشيراً إلى ان الدولة في لبنان مشطوبة من عقل نصر الله، ولا مكان للجيش والحكومة والمؤسسات عنده، و«حزب الله» هو البديل عنها، وسيقوم مقامها في الذهاب إلى الحرب في القلمون، ومضيفاً: «الاهتمام المثير لنصرالله بالملف اليمني، يؤكد المتداول من ان إيران كلّفته شخصياً منذ سنوات مسؤولية رعاية التنظيم الحوثي المسمّى (أنصار الله)». وترافق هذا التدافُع الكلامي، مع تقارير متضاربة، بعضها أفاد بأن «حزب الله» والجيش السوري شنا اول من امس، هجوماً على بلدة الحصينة المحاذية لبلدة الطفيل في الداخل السوري شرق جرود بريتال، وان الحزب استهدف بالقصف المدفعي 4 نقاط عسكرية للمسلحين في جرود بلدة عسال الورد وسط تقدم ميداني كبير وفرار عدد كبير من المسلحين وتدمير 5 آليات ومقتل 12 مسلحاً، في مقابل تقارير اخرى أفادت بان «جيش الفتح» في القلمون شنّ الإثنين الماضي، هجوماً على نقاط لـ«حزب الله» في الجبّة وعسال الورد، خسرت بنتيجته المعارضة 5 قتلى وعدداً من الجرحى، فيما سقط لـ «حزب الله» والنظام السوري 30 شخصاً بين قتيل وجريح، لافتة الى ان الحزب حاول أول من أمس، ردّ الهجوم بعملية تسلل على محور جرد عسال الورد، «لكن المعارضة صدّت التسلل وقتلت عدداً من عناصر الحزب بينهم أحد القياديين» في اشارة الى علي عليان. جعجع لنصر الله: مَن كلّفك بشنّ «حروب دفاعية» باسم اللبنانيين؟ | بيروت - «الراي» | ردّ رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع على ما قاله الأمين عام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله من أن «حروبنا دفاعية من صنعاء الى القلمون»، معلناً: «فتشتُ طويلاً في خريطة لبنان فلم أجد أي قرية على الحدود تُدعى صنعاء أو أي قرية تُدعى القلمون». وفي سلسلة تغريدات عبر حسابه على موقع «تويتر»، قال جعجع: «وجدتُ فقط بلدة القلمون قرب طرابلس والتي تقع في عمق الأراضي اللبنانية وليس على الحدود»، سائلاً: «هل يستطيع أحد أن يٌفسّر لي عن أي حروب دفاعية تكلم السيد نصرالله؟ وبكافة الأحوال من كلّفه بشن حروب دفاعية باسم اللبنانيين؟». «لن نسمح بموطئ قدم للإرهاب» قهوجي: أسرانا لدى الإرهابيين أمانة في عنق الجيش | بيروت - «الراي» | اكد قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي ان «الجيش لن يسمح بوجود أي موطىء قدم للارهاب في لبنان»، معتبراً ان «ان التجاذبات السياسية والارباك في عمل مؤسسات الدولة لن تثني الجيش على القيام بواجبه المقدس في الحفاظ على استقرار لبنان مهما تطلب ذلك من أثمان وتضحيات». وتوجّه قهوجي في كلمة له خلال الاحتفال باليوم الوطني لشهداء الجيش اللبناني الى «أسرانا المخطوفين لدى التنظيمات الارهابية لأؤكد ان قضيتكم هي أمانة في عنق الجيش ولن نوفر وسيلة في سبيل عودتكم سالمين إلى عائلاتكم ومؤسساتكم العسكرية».