×
محافظة المنطقة الشرقية

المدنية: تمديد فترة التقديم للوظائف الصحية النسائية ليومين اضافيين

صورة الخبر

أخيرا هنالك من امتلك الشجاعة من المعارضة ليقول على الأقل أن هنالك أخطاء وأنه يجب عمل مراجعة ما لمسيرة المعارضة وخطابها ومواقفها... أخيرا أعادت بعض المداخلات الحرة في وجه زعماء المعارضة المقدسين الذين لا يرد عليهم كلام، ولا يقال في حضرتهم إلا: لبيك..!!، أعادت مثل هذه المداخلات الجريئة - وإن كانت متأخرة - بما تضمنته من أسئلة حية ومشروعة، الأمل في قدرة الناس على مغادرة ما فرض عليهم من حالة استلاب جماعي، في ضوء قوى القهر التي تجرم مساءلة القادة الدينيين، فما بالك بالخروج عنهم. هذا في الحقيقة ما درجنا عليه خلال السنوات الأربع الماضية على الدعوة اليه، حيث كنا ودون تردد أو مجاملة نتحدث عن أخطاء الجميع، والحاجة الى المراجعة، حيث كان من الواضح ان المعارضة في سياق حالة الغرور العام، والعمى السياسي والقراءة الطفولية للواقع، لا ترغب في هذه المراجعة لأنها تورطت في ادعاء العصمة من الأخطاء القاتلة، ولذلك لم يكن هنالك من يستمع، ولم يكن هنالك من يتكلم جهرا فالجميع خائف من ان يتهم بالخروج عن الجماعة. الجديد اليوم أن بعض الأصوات القليلة التي كانت هامسة، قد بدأت ترتفع لتقول بضرورة المراجعة، وبضرورة تصحيح أخطاء المعارضة، ولذلك أعادتني تلك الملاحظات المطروحة هذه الايام، إلى أسئلة ذلك الرجل الشجاع في السنابس الذي لخص أزمة البحرين آنذاك وجملة الأخطاء الفادحة، بل والجرائم التي ارتكبتها بعض قوى التأزيم الطائفية، ومن قبله أسئلة التحدي التي طرحها الصديق الكاتب الصحفي حسن عبدالله المدني في أكثر من مناسبة والتي بشر فيها بارتفاع أصوات الهمس في المجالس الرافضة للأخطاء في حق الوطن والمواطن، وبأن هذه الأصوات سوف تتحول إلى جهر، ومن ثمة إلى سيل يجرف قداسة المقدسين والزعماء المؤبدين. ومن المؤسف أنه قد تمت إضاعة وقت ثمين وتفويت الفرص لتجاوز حالة الفوضى السياسية والتخبط في المواقف، حيث قرأنا وسمعنا طبيعة تلك الردود الخشبية الديماغوجية الجاهزة للإجهاز على نسائم الحرية، وعلى الحق في المساءلة والسؤال، سمعنا التهجم والتجريح والتسفيه في مواجهة الأسئلة الحية التي تقول للزعماء المقدسين: إلى أين تأخذوننا؟ وإلى متى الصمت على الانحراف والمغامرة؟ وما هي نهاية هذه المغامرة القاسية؟ ردود الأفعال والأقوال تلك لا تكن تنم عن ضيق أفق في الفكر فقط، بل كانت تنم أيضا عن ضيق صدر الزعماء المقدسين بالأسئلة التي تذكرهم بأفعالهم وأقوالهم التي زجوا بواسطتها الآلاف من المواطنين في أتون مواجهة طاحنة، من خلال وعود كاذبة وسيناريوهات مفبركة، ليجدوا أنفسهم على رصيف البؤس، وليكتشفوا بعد انقشاع أبعاد المغامرة أنهم فقدوا الكثير، ولم يكسبوا شيئاً على الإطلاق غير قبض الريح. ومن تلك الأخطاء الكارثية أيضا، اللجوء إلى التصنيفات الجاهزة التي تصنف الناس إلى مؤمنين وغير مؤمنين، باعتباره مغالطة كبرى تهدف إلى خلط الأوراق واستغلال العقول المستلبة على الطريقة البابوية، بمصادرة العقول، والعمل على تجريد الناس من الحرية ومن الفكر، ليتم في المقابل تعويضهم عن ذلك بالمغالطات الادعائية والثرثرة اللغوية، حيث يكون الكلام المنمق في الخطب الرنانة مجرد دليل على قلة المعاني، وقلة الفائدة في الحياة العامة والخاصة، ولذلك كان ما رأيناه وعايشناه من محاولات موحشة للهيمنة المكبلة للحرية وللفكر الحر على قطاعات واسعة من المواطنين، باسم الدين، والطائفة أحيانا، وباسم المعارضة، وباسم الوطنية المزيفة أحياناً أخرى، خطراً داهماً، ولذلك أصبحت- ضمن سياق الهيمنة الكاتمة للأنفاس عصابات الفوضى ومليشيات الحرق والتعدي على الأمن والحريات العامة والخاصة، مناضلين من الدرجة الأولى، وأصبحت القرارات العشوائية قرارات حكيمة. الخطأ الكارثي الآخر يتمثل في مأزق المعارضة في تعاطيها مع الوضع هو وضوح سعيها لافتكاك السلطة بالمغالبة والتحشيد والتحريض، او الذهاب بالبلد نحو الجدار، وفق منطق: إما نحن وإما هم، هذه المعادلة أفضت بالضرورة إلى المواجهة، وبإلحاق الضرر بالجميع، في حين هنالك فرق كبير بين أي جهد من أجل تحقيق الديمقراطية وتعزيزها، وبين السعي المستميت إلى افتكاك السلطة وليس إصلاحها واستخدام كافة الآليات والأدوات للوصول إلى هذا الهدف، بما في ذلك الدفع بالناس نحو المغامرة والمجهول، وحتى إلى الموت المجاني في اتجاه مغالبة الدولة والآخرين وحشرهم في الزاوية. هذا هو المأزق الحقيقي الناجم عن اختيار هذه الوثبة العدمية في السياسة، بحشر الدولة والمجتمع في الزاوية، ودون التفكير بالاستتباعات القريبة والبعيدة بالتحليق خارج الفضاء العقلاني الإصلاحي الرّحب، بما قاد إلى انسداد الآفاق. الخطأ الكارثي الذي اعتقد أن المعارضة وقعت فيه كذلك، هو تكريس تقسيم المجتمع عنوة وبتجاوز غريب، إلى فئة مظلومة ومحرومة ومقهورة وفئة مستفيدة من الوضع القائم، وبناء على هذا التقسيم الطائفي الحديث هنا عن طائفة وليس عن طبقة اجتماعية بكل ما يحمل ذلك من تضليل..تم حشر المجتمع برمته في زاوية ضيقة، مدججة بالشعارات والمطالب التي ترى دونها الموت، وقررت ان على الجميع ان يستجيب لهذه المطالب وإما نشر الخراب المقيم، وإشاعة الفوضى وتخريب الاستقرار الاجتماعي وإحداث شلل في الاقتصاد، وجر الدولة إلى حرب شوارع يومية.. في حين أنه لا مبرر لتقسيم المجتمع على أساس طائفي وبناء النظام الفكري والسياسي والعقدي بأكمله على أساس طائفي مثلما هو حاصل حاليا في البرنامج- آليات وشروط الانخراط في الجمعيات غير المكتوبة تبوأ المناصب- الترشح للبرلمان وللبلديات... ولكن للأسف فإن جميع الأحزاب الطائفية التي تتبع نفس النهج ونفس المنطق، قد نجحت في تقسيم المجتمع بالحديث عن المظلومية والتمييز، بما يجعلها في تقاطع تام مع تاريخ آخر لا اسم له سوى تاريخ الأوهام، الذي تصول وتجول فيه الكتابات والتصريحات والخطب الطائفية، وهذه الكتابات والبيانات والتصريحات التي تعي طائفيتها فتعمل وتتحرك تحت شعار إما نحن وإما هم، وبعضها يبدو أكثر حياءً بمسميات وشعارات لم يعد يصدقها أحد، ولا يصدقها الواقع.. وللحديث بقية