أعلنت الحكومة الإندونيسية أمس (الثلثاء) اعتزامها حظر سفر العمالة المنزلية من إندونيسيا إلى 21 بلداً في الشرق الأوسط بسبب مخاوف من ظروف العمل السيئة والانتهاكات التي يتعرض لها العمال. محلياً، أكد عدد من أصحاب مكاتب استقدام الأيدي العاملة المنزلية أن منع جلب العمالة الإندونيسية سيؤدي إلى التوجه إلى جلب عمالة من دول أخرى ورفع تكاليف ذلك، وخصوصاً أن البحرين ودول الخليج تعتمد بشكل رئيسي على العاملات الإندونيسية في المنازل كونهن مسلمات وقريبات إلى الثقافة والبيئة الخليجية. وشكا أصحاب المكاتب من وجود سوق سوداء وعصابات محترفة لجلب العمالة المنزلية وخصوصاً مع وجود قرارات أو قيود على استقدام العمالة الاثيوبية والهندية وحالياً الإندونيسية. ومن جهته، قال المتحدث باسم وزارة القوى العاملة الإندونيسية سوبهان إن الحظر سيشمل العمال الذين سيلتحقون بالعمل لدى الأفراد أو العائلات وليس الشركات. أما وزير القوى العاملة حنيف دهاكيري فقد قال في بيان على موقع الوزارة الإلكتروني إن السبب الأهم وراء القرار هو استمرار غياب أي قواعد أو معايير لتنظيم العمالة المنزلية في تلك الدول بما يجعل العمال الإندونيسيين في الشرق الأوسط يواجهون أوضاعاً غير مستحبة. وأضاف أن العمال المنزليين مثل الخدم في بعض بلدان الشرق أوسطية يتعرضون لمعاملة غير منصفة ويحصلون على أجور متدنية. وقال حنيف: «إن الحكومة لديها السلطة على فرض حظر على دول محددة إذا كانت الوظائف فيها تمثل امتهاناً لكرامة الشخص وكرامة الوطن». يشار إلى أن أغلب العمال الإندونيسيين في الخارج يعملون في وظيفة الخدمة المنزلية من خلال وكالات التوظيف التي تحتاج إلى ترخيص حكومي لممارسة عملها. وسيتم منع هذه الوكالات من توظيف الإندونيسيين في مجال الأعمال المنزلية في دول الشرق الأوسط بحسب خطة الحكومة. ونقل عن حنيف قوله: «في ظل هذا الحظر، فإن أي محاولة لإرسال عمال إندونيسيين لتلك البلدان يعتبر اتجاراً بالبشر». وتشمل البلدان التي ينطبق عليها الحظر، الذي سيدخل حيز التنفيذ بعد فترة انتقالية مدتها ثلاثة أشهر، البحرين والسعودية والإمارات ومصر وقطر. وقال حنيف إن أرباب العمل في الشرق الأوسط غالباً ما يمنعون الخادمات الإندونيسيات من العودة إلى وطنهن على رغم انتهاء عقودهن. وقال أيضاً ان الخادمات يدفع لهن أجور منخفضة تصل إلى 2.7 مليون روبية (حوالي 200 دولار) شهرياً. وفي الشهر الماضي، تم إعدام خادمتين إندونيسيتين في المملكة العربية السعودية في جرائم قتل منفصلة، ما أثار احتجاجات دبلوماسية من جاكرتا. وتوجه أكثر من 400 ألف عامل من إندونيسيا إلى الخارج العام الماضي، بما في ذلك مئة ألف إلى الشرق الأوسط، وفقاً لوكالة التوظيف وحماية العمال الإندونيسيين. ويعمل حالياً نحو 2 مليون إندونيسي في الشرق الأوسط معظمهم خدم في المنازل. بحرينياً، انتقد عدد من مديري وأصحاب مكاتب استقدام العمالة المنزلية قرار حظر سفر العمالة إلى البحرين، مطالبين بعدم تعميم القرارات على جميع الدول أو مكاتب جلب العمالة. فمن جهته، قال صاحب مؤسسة مرسيليا لاستقدام الأيدي العاملة رياض نعمة: «تعتبر العمالة الإندونيسية هي المقربة إلى مجتمعنا البحريني بل الخليجي ككل، وعلى رغم وجود مشكلات لدى تلك العمالة وارتفاع أجورهن، فإن المجتمعات الخليجية تفضل العمالة الإندونيسية في المنزل على بقية الجنسيات كونها في الغالب مسلمة ويحملن ذات الثقافة الإسلامية». وأرجع نعمة سبب قرار إيقاف العمالة الإندونيسية إلى أنه «كان هناك توجه في البرلمان الإندونيسي يطالب بالارتقاء بالعمالة الإندونيسية، واعتراض على تصدير البنات الإندونيسيات وما يلاقينه من انتهاكات لحقوقهن في بعض الدول. وقد انتقل هذا الأمر إلى الشارع، فأصبحت هناك ثقافة لدى العاملات اللائي تتجهن إلى مكاتب العمل، فتملين شروطهن وحصولهن على مبالغ معينة نظير سفرها، وهنا تبدل الوضع عن السابق وتعقدت الأمور نوعاً ما لاختلاف الثقافة، وطلب البنات حصولهن على حقوقهن مثل امتلاك الهواتف والخروج من المنزل، وهي أمور قد لا توافق عليها بعض الأسر». وأكد نعمة أن «قرار حظر جلب العمالة الإندونيسية حتماً سينعكس سلباً على الواقع البحريني، وخصوصاً أن الكثير من الأسر تعتمد على هذا النوع من الأيدي العاملة للأسباب السالف ذكرها، وهنا سيتم البحث عن البديل، وهنا تجدر الإشارة إلى وجود قرارات منع جلب جنسيات أخرى مثل كينيا وإثيوبيا والهند». وبيّن أن «ما يشاع عن إندونيسيا توجهها إلى تصدير عمال نظافة وليس خدماً كتكريم لهن، وقد اجتمع بنا المسئولون في السفارة الإندونيسية في وقتٍ سابق وأخبرونا أنه سوف يتم إيقاف استقبال طلبات جلب العمالة خلال شهري مارس/ آذار وأبريل/ نيسان». مدير مكتب الأهلية للأيدي العاملة ناصر الحبيب، قال: «أعتقد أن شمول البحرين في قرار منع استقدام العمال الإندونيسية يرجع إلى قيام البعض من البحرينيين أو مزدوجي الجنسية الخليجية باستقدام عمالة إندونيسية منزلية عن طريق البحرين ومن ثم التوجه بها إلى دول خليجية رغم كون عقود العمل وجميع الإجراءات تتم في البحرين، وهي مخالفة صريحة. وقد تم ضبط عدد من هذه الحالات عن طريق الأجهزة الرسمية في البحرين، وهو يعتبر اتجاراً بالبشر». وبخصوص تأثير قرار المنع على سوق الأيدي العاملة في البحرين، أجاب الحبيب: «سيكون لهذا القرار تأثير سلبي، إذ سيرتفع سعر العمالة المنزلة، وخصوصاً إذا ما قرنا ما تتقاضاه هذه العمالة من أجر يصل إلى 75 ديناراً شهرياً مقارنة مع العمالة الفلبينية التي لا تقل عن 90 ديناراً». وأشار إلى أن «هذا القرار سيؤدي إلى التوجه إلى العمالة الأخرى كالهندية والفلبينية والسيلانية، وخصوصاً مع وجود طلب مع قرب حلول شهر رمضان المبارك، وكل ذلك سيؤدي إلى ارتفاع أسعار جلب الخدم مع فرض هيئة تنظيم سوق العمل وديعة بمبلغ 10 آلاف دينار على مكاتب استقدام الأيدي العاملة». ولفت الحبيب إلى أن ما يتسبب في إحداث المشكلات وانتقاص الحقوق هو «اختلاف الثقافات المجتمعية، فثقافتنا المحلية لا تسمح للعاملة بالخروج إلى خارج المنزل، وخصوصا أنهن يأتين من بيئات مختلفة عن بيئاتنا وثقافتنا، الأمر الذي يمنع إعطاءهن يوماً للخروج لوحدهن خشية إقامة علاقات غير شرعية». وفي السياق ذاته، يقول عباس البصري صاحب مكتب وكالة الحبيل للأيدي العاملة: «إن إيقاف أو حظر جلب العمالة الإندونيسية والاثيوبية سيؤدي حتماً إلى ارتفاع أسعار الخدم، كما أنه سيتسبب لنا نحن كأصحاب مكاتب عمل في مشكلات وسيؤثر على مداخلينا مع وجود الالتزامات». وأضاف «أعتقد أن هذا القرار سيزيد الطلب على العمالة الفلبينية الأمر الذي سينتج عنه ارتفاع أجورهن، وخصوصاً أن الدول الخليجية المجاورة تمنحهن رواتب شهرية بمبلغ 150 دينارا ونحن مئة دينار أو أقل من ذلك، وهن يمتنعن عن المجيء إلى البحرين بسبب ضعف الرواتب ويفضلن التوجه للسعودية والكويت. وكشف البصري عن وجود «أشخاص يقومون بجلب الخادمات الهنديات والأثيوبيات والإندونيسيات بالتهريب، وليس عن طريق السفارة والمكاتب، الأمر الذي أوجد سوقا سوداء في جلب الأيدي العاملة، وهذا أيضاً أدى لارتفاع الأسعار». وانتقد المتحدث «عدم وجود قانون يضبط جلب استقدام العمالة المنزلية إلى البحرين، إذ يفترض أن تأتي هذه العمالة عن طريق المكاتب المرخصة في البحرين أو السفارة وليس عن طريق أشخاص، متساءلاً: من يحمي هذه العمالة ويضمن حقوقها؟». واستذكر البصري «اجتماعا جمعنا بالسفير الإندونيسي في البحرين قبل عشرين يوماً تقريباً، أخبرنا فيه أنه سيتم إيقاف استقبال طلبات جلب العمالة الإندونيسية، وذكر أن السبب هو وجود مخالفات لتهريب عدد من العمالة إلى دول خليجية عن طريق البحرين». وقال: «أعتقد أن القرار طبق، ولكن الحكومة لدينا لم تمنع إصدار تأشيرات دخول لهن». وانتهى البصري إلى القول: «نعاني من سوق سوداء في استقدام العمالة الأجنبية، لعدم وجود قانون ينظم هذه العملية، فالكل باستطاعته جلب العمالة فيما يفترض أن الجهات المعنية تصدر توجيهاتها وقراراتها وتشريعاتها بأن أي عاملة لا يمكنها دخول البحرين إلا عن طريق مكتب خدم يضمن حقوقها ويتحمل مسئوليتها». عقيل المحاري صاحب مكتب جاكرتا للأيدي العاملة، قال: «كانت هناك مشكلات من بعض المكاتب أو من يقومون بتسفير العمالة إلى دول خليجية عن طريق البحرين، مستغلين في ذلك ما يسمح به النظام من إمكان إخراج الخادمة خارج البحرين مع كفيلها، وهو في اعتقادي السبب الرئيسي لشمول البحرين بهذا القرار». وأوضح «الجهات الرسمية تعاملت مع هذه الحالات من تهريب العمالة المخالفة، وتم ضبطها والإعلان عن ذلك، وهي (الجهات الرسمية) مشكورة قد نجحت في إيقاف هذا الأمر». وأكد المحاري أن «الإيقاف كان مؤقتاً لشهري مارس وأبريل لحصر تلك الحالات، ولما تم ذلك بل إنه قبل انتهاء مدة الشهرين تم فتح الباب لاستقبال طلبات استقدام العمالة المنزلية». وأكد ذلك بأن «وزارة العمل الإندونيسية اخبرت المكاتب والوكلاء عن فرص توريد عمالة لعدد 8 آلاف عاملة إلى البحرين وعمان وهما الدولتان الوحيدتان المفتوح لهما استقدام العمالة في الخليج».