الموضوع الذي نطرحه اليوم أكبر من البطيخ الإيراني وإن اتصل أو ارتبط به. العنوان متصل بالغذاء عموماً في الإمارات، والرقابة عليه، والجهة أو الجهات المفوضة أو المخولة رسمياً. كل هذا مهم في كل الأحوال، لكن أهميته تتعاظم أضعافاً مضاعفة في ظل فوضى وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يتكلم كل متكلم على سجيته وهواه إلا من رحم ربي. نحن اليوم، إذاً، أمام موضوع كبير يتصل بالغذاء ورقابته، وأمام أسئلة حائرة متعددة. وينبغي تناول مثل هذا الموضوع بعيداً عن أية موسمية بغيضة، لكن مناسبة طرحه اليوم اللغط العجيب الذي ساد أوساطنا الإدارية والمجتمعية إثر تداول أخبار عن ثقوب سوداء في البطيخ الإيراني، وظل المجتمع حائراً على مدى أيام طويلة، وقيلت شائعات كثيرة انتشرت بسرعة البرق، وأخيراً بعد ذلك قالت وزارة البيئة والمياه رأيها الذي يجب، كما يبدو، اعتماده، حيث البطيخ الإيراني بريء مما نسب إليه. السؤال المنطقي مبدئياً: هل وزارة البيئة هي الجهة الاتحادية المسؤولة عن موضوع مراقبة الغذاء استناداً إلى قانون إنشائها؟ إذا كان ذلك كذلك، فهذه معلومة جديدة لا تعرفها معظم أوساطنا المجتمعية، وقد يكون ذلك ناتجاً عن الجهل أو عدم المعرفة، وقد يكون ناتجاً عن عدم حضور للمؤسسة الاتحادية في هذا المجال الحيوي. السؤال الذي يلي بالضرورة المنطقية: هل وزارة البيئة حاضرة في مجال متابعة ومراقبة الغذاء على الأرض، وهل لدى الوزارة، التي نقدر تماماً دورها في مجتمعنا، أذرعة تؤسس لدور افتراضي في رقابة الغذاء على الأرض؟ أم أن الدور تشريعي وربما نظري، فيما المحليات هي المسؤولة مباشرة عن هذا الجانب؟ ما دمنا بصدد تناول منطقي وهادئ لموضوعنا، فإن الوقائع تشير إلى الاحتمال الأخير، فلدينا على مستوى الجهات المحلية بلديات ومؤسسات وهيئات رقابة غذائية تتفاوت في الأهمية والدور والتأثير، ويعود ذلك لتفاوت الإمكانات البشرية والمادية بطبيعة الحال. ونريد أن نسأل عن الآليات المتخذة في الإمارات بصدد وقائع قد تحدث أو تستجد مثل واقعة البطيخ الإيراني، ونريد أن نسأل عن غياب أو حضور جهة تنسيقية في موضوع الغذاء، مذكرين بالأمانة العامة للبلديات، وهي هيئة كانت تقوم بهذا الدور ثم ألغيت، ونريد أن نسأل عن الدور هل يلغى مع إلغاء المؤسسة؟ لو كانت هنالك ملاحظات مثلاً على أداء الأمانة العامة للبلديات السابقة، فهل كان الإلغاء إلا الحل الأسهل؟ ليس البطيخ موضوعنا، وإنما ما وراء البطيخ.