×
محافظة المنطقة الشرقية

حسن نصر الله "الفارسي"!!

صورة الخبر

أراقب خلال الخمس السنوات الأخيرة غياب شبه كامل للذائقة الشعرية، انعكس ذلك على الجو العام للأغنية بالخليج، فهل غابت الأحاسيس، وهل تغيرت الظروف، أم نردد تساؤل بعض الخبثاء عن استغناء أصحاب الأموال والباحثين عن الشهرة عن شراء المشاعر والأحاسيس الجميلة والشهرة السريعة من خلالها!. غياب الذائقة الشعرية لم ينعكس فقط على الأغنية الرومانسية، وإنما أثر وبشكل كبير وملحوظ جداً على الأغاني الوطنية، فخلال الثلاثة عقود الماضية أضحت الأغنية الوطنية نغم رائع، لا يدور فلكها على حدث معين أو مناسبة محددة، وإنما تظل تردد على مدار السنين وبمتعة تضاهي الأغنية الغرامية وبدون مبالغة. وما أمثلة "وطني الحبيب، بلادي منار الهدى، فوق هام السحب".. وغيرها من الأغاني إلا نموذج لعلاقة الأغنية بعشق الوطن، وحسب رغبة من يريدها بموسيقى أو بدون، لأن القاسم المشترك الأهم فيها، صدق المشاعر والأحاسيس. عندما تغنى محمد عبده برائعة بدر شاكر السياب "أنشودة المطر" إبان الغزو العراقي على الكويت عام 1990، لم يتغنَ بها من منطلق رومانسي أو مجرد التغزل بحالة عشق المطر، كانت رسالة سياسية كبيرة لمثقفي العراق خصوصاً والعرب عموماً، كانت قصيدة "مطر" تحمل تصوراً للحالة السياسية السيئة للعراق منذ الستينيات الميلادية وصولاً بتنبوئه بحال ما حدث أثناء الغزو للكويت. فرغم أن محمد عبده لم يتغنَ بالأنشودة كاملة، إلا أنه أعاد الوهج لها، والتذكير بالحال الذي يستشرف به السياب مستقبل العراق، فكان صدى إطلاق أغنية "أنشودة المطر" هاماً ومدوياً في الوقت نفسه. حالياً وبتجرد لم يلفت انتباهي عمل شعري غنائي يتناسب مع المرحلة الهامة التي نعيشها، فلم نجد الوهج المتوقع للأغنية التي تناسبت مع أحداث "عاصفة الحزم" أو "إعادة الأمل"، فما قدمه نجوم أغنيتنا المشغولون بحفلات الأعراس والمناسبات الخاصة لا يتناسب مطلقاً من الدور المأمول منهم، وقد أعجبني اختيار الأمير عبدالرحمن بن مساعد للأداء الجماعي كأغنية لرائعته "على قدر هول الحزم"، وقد نجحت بهذا الأسلوب، بدلاً من الانتظار أو الاعتماد أحياناً على مطربي الشيك المالي، هو الأهم في تعاملهم وغناء أي كلمات آخر اهتماماتهم، وهذه حقيقة محزنة بالفعل، ويعرفها الكثيرون، مما أوصلنا لهذه المرحلة من غياب الذائقة الفنية الراقية. مما سلم الساحة الغنائية حالياً لبعض الشعراء الذين يحركونها بأموالهم، والمصيبة الكبرى أن شعرهم ضعيف جداً، ولا يرقى للذوق العام، ففي السابق كان "بعض" أصحاب الأموال من المنتسبين للساحة الشعرية، "يشترون" شعراً جيداً ومؤثراً، وكان الجميع يشاركهم متعة جمال الكلمة والأغنية دون تدقيق أحياناً بالتفاصيل، أما حالياً للأسف فالوضع تغير "دفع فلوس" وشعر أقل وصف له أنه "سواليف"!. هل نحتاج أمام غياب الذائقة لدينا أن نخصص برامج جماهيرية، للتصويت على الأحاسيس والكلمات الغنائية الراقية، لنعود للزمن الجميل الذي أبدع فيه الفن الغنائي السعودي، وأنتج أعذب وأرق الأحاسيس، رغم البيئة الاجتماعية التي تنبذ المشاعر والرومانسية!.