فضلا تأمل في خصائص عنصر اليورانيوم المشع. كل ذرة من هذا المعدن تتميز بنواة مشبعة بالبروتونات والنيترونات لدرجة أنها تريد أن تخرج عن طورها، ولذا فهي مشعة لحملها الثقيل. تنفث الأشعة لأن حالتها وصلت لحد ما بعد التشبع. وفضلا تأمل حال الأشخاص الذين لا يطيقون أنفسهم.. ولا الآخرين. وتأمل في الأجهزة التي لا تطيق أنفسها، بعض المؤسسات العامة والخاصة طاردة للمراجعين مهما كانت طلباتهم وجيهة ومعقولة.. وفي عالم الطيران ستجد أن طائرات الهيلوكوبتر من المركبات التي يصعب التعامل معها لأنها عبارة عن «كومة» متناقضات من قوانين الحركة تعمل بعنف ضد بعضها البعض. دوران المروحة الكبيرة التي ترفع الطائرة يحتم على جسم الطائرة بأكمله الدوران باتجاه معاكس.. وأي تغيير في الصعود أو النزول يتسبب في تغيير اتجاه الطائرة نظرا للقوى المعاكسة المتولدة عن ذلك التغير في الارتفاع. وكل لفة إلى اليمين أو اليسار تتطلب تغيرات في «وزنية» الطائرة. وحركة المروحة الضخمة أعلى المركبة ممكن أن تصل إلى سرعات عالية جدا تقترب من سرعة الصوت أثناء حركة الطائرة نفسها، ولذا فسرعات هذه الطائرات محدودة، وهي بطيئة نسبيا. وقيادة الهيلوكوبتر تتطلب مهارات متميزة جدا ومختلفة عن قيادة الطائرات التقليدية أي ما يسمى «ذوات الأجنحة الثابتة».. مثل الزوج الذي لم يوفق في الزواج من أربـع سيدات. كلهن في صراع مع بعضهن البعض، ومعه شخصيا، ومع أنفسهن، في بيت واحد صغير لا يتعدى حجمه حجم «انيسة» أي باص صغير. ولكن في المقابل، تتمتع هذه الطائرات بمزايا طيران عجيبة بمشيئة الله، فيمكنها المناورة بطرق عجيبة جدا يمينا ويسارا وإلى الأمام والخلف أيضا. وتستطيـع أيضا أن تنقل حمولات كبيرة بداخل الطائرة أو خارجها، وتستطيـع أن تقلع وتهبط بدون الحاجة إلى مدارج. وكل هذه المزايا تمنحها بإرادة الله قدرات مميزة في السلم والحرب. وعندما نفكر في القوات الجوية الملكية السعودية نتصور عادة المقاتلات النفاثة السريعة، والطائرات الهجومية والدفاعية، والأسلحة الفتاكة، ولكن هناك أحد الأجزاء الجوهرية المكملة لكل هذا ومنه أهمها الحوامات أو طائرات الهيلوكوبتر التي تقوم بمهمات متنوعة وتشمل التصويب وضرب العدو، والتنصت، ونقل القوات والمعدات، ونقل المصابين، والقيادة والتحكم، والعشرات من المهمات الأخرى التي لا غنى عنها في السلم والحرب. وتتمتع قواتنا الجوية بأسطول جوي متميز في تقنياته الحديثة وتنوعه وأعداده. وإحدى مكوناته الأساسية هي طائرات «الصقر الأسود» Black Hawk من إنتاج شركة «سيكورسكي» الأمريكية العريقة، وهي من أحدث طائرات الهيلوكوبتر في العالم. طولها يعادل تقريبا طول ثلاث سيارات «كامري»وعرض مقصورة ركاب الطائرة يعادل تقريبا غرض جسم السيارة (اللاند كروزر)، وأما مساحتها الداخلية فتعادل مساحة «الأنيسة».. وفضلا انظر معضلة الأربـع زوجات أعلاه. وإجمالي وزنها يصل إلى حوالى عشرة آلاف كيلوجرام وبالرغم من ذلك فهي من أسرع الحوامات إذ تصل سرعتها إلى حوالى «300» كلم في الساعة. وتستطيـع أن تحمل أحد عشر من الأفراد بكامل معداتهم لمسافات تصل إلى ما يفوق الألف كيلومتر. وهي من الطائرات التي تتمتع ببصمة بيئية خفيفة، فصوتها ليس مرتفعا، بالرغم أنها مزودة بمحركين قويين قوتهما مجتمعة تعادل محرك 25 سيارة كامري. وتلك المحركات نفاثة حديثة جدا، وهي مربوطة بمروحة عملاقة أساسية للرفع أعلى الطائرة، وأخرى صغيرة في مؤخرة الطائرة للتحكم بالاتجاه. وفي العمليات العسكرية تتميز هذه الطائرات بتوفير القدرة على المناورات العسكرية المتميزة، ومضاعفة جهود القوات من خلال مضاعفة فعالية تحركاتهم، وتستطيـع أيضا أن توفر قاعدة معلومات متميزة. أمنـيـــــة المعدات الحديثة المميزة لا تكفي للدفاع عن الأوطان، والاستراتيجيات والخطط المحكمة لاستخدام تلك المعدات هي أيضا غير كافية، فالأهم من كل هذا هو دعم القيادة بمستوياتها المختلفة، وعقول وسواعد وقلوب الرجال المخلصين وهؤلاء هم الصقور. أتمنى أن نتذكرهم بالخير دائما لأنهم يعملون بإخلاص وهدوء وفاعلية يشكرون عليها... اليوم وكل يوم .. وفقهم الله تعالى. وهو من وراء القصد.