×
محافظة جازان

بالصور .. جموع غفيرة تُشيّع الشهيد الجندي أحمد العتودي بالدرب

صورة الخبر

هذا المقال جادٌ جدا.. وليس به أي قصدٍ ظاهري ولا خفي للتفكّهِ وقلّة الجدية. وهو عن الدجاج. وشخصيات الدجاج، وماذا علمني الدجاج.. وأكرّر المقال جادٌ جدا. يهوى ابن أخي عبدالملك من صغره تربية الدجاج، ويهتم بذلك، بل إنه كان تقريبا يعزل نفسه متابعا لتطوراتها، ومعيشتها، وطرائق حياتها. ويوما ما أخذني لمستعمرته الدجاجية، التي صارت بعد سنين من المتابعة -وطبعا المتاجرة بالدجاج وبيضه مما أقام له ميزانية تغنيه عن طلب المصروف المدرسي- مستعمرة صغيرة منظمة ومتراتبة ومهيأة بيئيا (بابتكارات صغيرة وذكية من عنده).. وهناك جلست أتأمل كيف يتعامل الدجاج في مجموعاته، وعجبت كثيرا كيف فاتتني هذه الدروس الواقعية والمنطقية من الدجاج. لقد اكتشفت مع شرح عبدالملك ورؤية العيان، ومراقبة المتعجب المهتم، أن للدجاج شخصيات، لذا من الصعب بعد الآن أن أقبل أن يصف أحد شخصا لتنقيصه بالدجاجة.. لأن الدجاجة لها شخصيتها، ولها طريقة تواصل وتعاملها مع مجتمعها الذي يحدد مكانتها الاجتماعية، بل حتى حجم وكمية البيض المُنتج. للدجاج كما راقبت ولاحظت شخصيات تجعل للدجاج مراتب بأُسَر الدجاج، تعلو وتنخفض تبعا لقوة شخصية الدجاجة، تماما كما هو الحال مع كائن زميل لها في هذا الكوكب؛ الإنسان. خذ أن عبدالملك في كل قسم وضع ما يقارب الثلاثين دجاجة تزيد أو تنقص بهذا المعدل، وهنا يمكنك مراقبة وتصرف هذا المجتمع الدجاجي الصغير، وتراقب كيف تتصرف كل دجاجة بمفردها، وكيف تتصرف مع مجموعتها.. بعد فترة من المراقبة تستطيع بسهولة أن تقول إن لهذه الدجاجة شخصية أولى، وهذه ثانية، وهلم جرا.. إلى كل الثلاثين دجاجة. كيف تعرف هذا؟ وهو ما دلني عليه عبدالملك، من النقر. الشخصية الأولى أو الكبرى تنقر سائر الثلاثين دجاجة كما تشاء واللي فيها خير فلتجرؤ على مناكشة الدجاجة الكبرى المنتفشة هذه فما لها إلا الثبور، بل ويساعد بقية القوم الدجاجي في معاقبة تلك الدجاجة السخيفة التي اعتقدت أن باستطاعتها أن تكون حُرّة تملك سيادة قرارها الشخصي، بل حتى إرادتها التلقائية في الدفاع عن نفسها. وهنا الدرس: القوي هو الذي يفرض النظام ثم يسميه الأخلاق والنظام. ومن يخرج عنه.. فسيُنقر حتى تتنتف آخر ريشة فيه! ثم تأتي الشخصية الثانية-عجبٌ عب- وتنقر الجميع ما عدا من؟ طبعا ما عدا الدجاجة صاحبة الشخصية .. وهكذا دواليك حتى تبقى الدجاجة الأخيرة -وا قلباه- التي ينقرها الجميع ولا تنقر أحدا. كيف يمكن أن تعيش وتأكل تلك الدجاجة الضعيفة، لا سبيل لها إلا بطريقة واحدة أن تستيقظ قبل الجميع وأن تنام آخر النائمين.. لذا ستراها الأهزل وتحمل هما نفسيا اعتزاليا بسبب الخوف وقلة النوم. إنه مجتمع يمثل المجتمعات في مملكة الطيور.. ولكن أريد أن اسألكم هل هو موجود في عالم الإنسان؟ هل من ينظم الأخلاق والشرائع في أمور الحياة العادية هم الأقوياء، أم جمع مختار محايد من العادلين المنصفين.. وإجابتكم على هذا السؤال تعتمد عليها المجتمعات الإنسانية إما النزول لعالم الدجاج أو الارتفاع والبعد عنه بملكاته الأخلاقية والضميرية والدينية. يبقى شيء مهم وفاصل يحدد الفرق الشاسع بين عالم الإنسان وعالم الدجاج، أو يجعلهما قرينين متساويين.. وهذا الشيء اسمه الرحمة. ليس بين الدجاج، ولا في مملكة الحيوان، شيء في تركيبها الحي اسمه الرحمة والعدل.. إذن الرحمة والعدل هما اللذان يحددان مكاننا بين مخلوقات الله في الأرض. ليس بين الدجاج، ولا في مملكة الحيوان، شيء في تركيبها الحي اسمه الرحمة والعدل.. إذن الرحمة والعدل هما اللذان يحددان مكاننا بين مخلوقات الله في الأرض.