لا يتبين الإنسان نظافة المدينة إلا متى سار على قدميه في طرقاتها، وتجول في أسواقها وحواريها ومنعطفاتها. هناك مدن تجعلك تحترمها وتحترم سكانها لما هي عليه من نظافة ونظام، وهناك مدن على عكس ذلك تنبئك النفايات المنتشرة في معظم طرقاتها بما أهلها عليه من قطيعة كاملة مع الجمال وحسن الذوق، وما مؤسساتها عليه من تقصير وعدم مبالاة. بقيت مدينة الرياض سنوات طويلة سيدة النظافة والبهاء، وكثيرا ما كنت حين أسافر أقارن بإعجاب بينها وبين عواصم الدول الكبرى التي يبدو بعضها أقل من الرياض في درجة النظافة. هذه الأيام لا أدري ما الذي دها الرياض!! اكتست ثوبا من القذارة لا يليق بها. فحين تتجول على قدميك في الأحياء السكنية أو حول الحدائق العامة، تتعثر في مشيتك بما هو ملقى على الأرض من زجاجات وعلب وأكياس وغيرها، ويصدمك منظر البراميل الإسطوانية الصفراء مبعثرة في الطرقات بطريقة عشوائية ومن حولها أكياس القمامة الفائضة منها متراكمة على الأرض تصنع للقطط مائدة حافلة تنهش منها ما تشاء. كثيرون الذين يتذمرون من أننا شعب لا يحافظ على نظافة مدنه ولا يلتزم بالنظام ويجد متعة في تخريب الممتلكات العامة وغير ذلك من اللوم الذي يوجه إلى الناس عند تبرير ما يظهر من عيوب في صيانة المدن. وقد يكون هذا صحيحا، ولكنه ليس عذرا مقبولا لما يجري من انتشار للقذارة أو تشويه للجماليات القائمة، إذ لابد من اتخاذ آليات فعالة تسهم في الحد من ذلك السلوك السيء وتعين على إحداث تغيير أفضل في سلوك الناس فتعلمهم تذوق الجمال واحترامه. قبل أعوام قليلة أعلنت أمانة الرياض عن فرض غرامة مائتي ريال لمن يلقي النفايات في الطريق، وكان المفترض أن لانجد ورقة ولا علبة سجاير ولا زجاجة ماء ملقاة على قارعة الطريق، إلا أن الإعلان مر كسحابة صيف ما تلبث أن تنقشع، فظلت الأرض على جفافها، لم تخصب سوى مزيد من النفايات المتراكمة في كل مكان!! تغيير السلوك لا تحققه أنظمة لا تغادر الورق، إن لم تطبق الأنظمة بحزم تصير كأنها لم تسن، فأين ذهب نظام الغرامة؟ وما الآلية التي وضعت لتطبيقه؟ من المهم أن تكون آلية واضحة وقابلة للتطبيق، بحيث يضمن معها احترام الناس لها والتزامهم بها. ومع هذا، فإن اللوم لا يوجه كله للناس لعدم محافظتهم على النظافة، فالشركة المسؤولة عن نظافة الرياض هي أيضا مقصرة لم تقم بدورها كما يجب، فكنس الشوارع وتنظيفها وجمع النفايات لا يحدث بشكل سريع ومتواصل، وبراميل النفايات الصفراء الصغيرة الملقاة عشوائيا في الطرقات لا تفي بالحاجة، فضلا عن أن توزيعها بهذه الصورة فيه تشويه للمدينة فحيثما سرت يصدمك منظر البراميل تفيض منها أكياس النفايات والقطط تتقافز من حولها. كان الأولى اختيار صناديق كبيرة الحجم ووضعها في أماكن ثابتة بدلا من نشرها في الطرقات بهذه الصورة غير الجميلة. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة