×
محافظة المنطقة الشرقية

الطيران المدني يجري فرضية حريق داخل مطبخ طائرة‬ بمطار الوجه

صورة الخبر

من الواضح أن مسار الأوضاع في اليمن يسير في تطورات سريعة ومختلفة، لا يمكن أن يُضمن مآلاتها والتي قد لا يُدركها هذا المقال عند نشره، لكننا هنا نؤكد على حقائق رئيسة لا تتغيّر في قضية أزمة اليمن، يُفهم منها بوضوح مسار النصر السياسي والاجتماعي للشعب اليمني، أو على الأقل تحييد الخصوم المركزيين فيه، لكي يتمكن من إعادة بنائه من جديد، بوحدته الوطنية الاجتماعية والسياسية التوافقية مع مخرجات الحوار الوطني التي يتَوافق عليها أهل اليمن دون أي ظروف ضغط أو إكراه. ولا نعرف ما هي دوافع أو أهداف إعلان التحالف إنهاء عملية عاصفة الحزم، أو إن كان المقصود منها، إعادة تنظيم جدول ومُشَرِّعَات العمل العسكري العربي الداعم للشرعية وفقا للقرار الدولي، وأهم من شرعية الرئيس هادي شرعية الشعب الذي اختُطف وطنه وقراره من قبل المشروع الإيراني، وعليه فإن قوة هذا المشروع وهيكلته على الميدان هي مصدر الأزمة، منذ التفاف المخلوع على الثورة اليمنية، وإحراق الأرض أمام كل فُرص للنجاة دونه، وها هو اليوم يعود ليضرب من جديد، لكنّ إيران هي القوة التي ترعاه بذراعها الحوثي وبسياستها معاً. وما يهم هنا كقراءة عملية، هو أن التحالف الإيراني، استعلى كلياً، على قرار انهاء عملية عاصفة الحزم، وأنهُ ميدانياً يتجه للتصعيد والحسم، وكل ما يُقال عن مبادرات حتّى ولو أعلنت رسمياً، ليس له دور على الأرض، أمام تواصل الزحف الميداني وإن قيل ان المخلوع قد يخرج إلى مسقط أو أي بلد آخر، فهذا لا يُغيّر من المعطيات القائمة على الأرض، وأن القوة الميدانية في اليمن والتي ستصنع أي مشروع سياسي مستقبلاً أو ستضغط عليه تحت أي مسمّى هي في قبضة الحوثيين وقوات المخلوع. وما يهم التأكيد عليه، في وقف أو إنهاء عاصفة الحزم، ضرورة التحول إلى العمليات النوعية التي تتجنب كليا احتمالات الوصول إلى أهداف مدنية أو بنية تحتية، فهذه المسألة التي أُشير إليها مهمة جدا، كواجب مبدئي ومهام سياسية للدعم العربي لليمن، أما الخروج من هذه المعادلة إلى معادلة أخرى، فهو ما يضمن هزيمة المشروع الإيراني لسلامة الشعب وعدم تمزقه أو سقوط اقاليمه في حرب موسمية طويلة لطهران وتقديراتها، أو حسم سياسي يصنع وطنا متفجراً طائفيا كنموذج العراق. وأركان هذه المعادلة تقوم على ثلاثة أضلاع: أولها البيت اليمني الاجتماعي نفسه، والمقصود توحيد قواه الرافضة للإيرانيين والمخلوع، ووضعها في سياق اتحاد وطني اجتماعي فاعل، واخراجها من أي دائرة تهميش، وهي تعني بالضرورة إعادة تشكيل القيادة الانتقالية اليوم، والتي لا تزال ضعيفة، فالسيد خالد بحاح هو شخصية حُكم تكنوقراط جيّد للبناء الاقتصادي ويحظى بتوافق نسبي، لكن الوضع اليوم يحتاج إلى قوة إدارة حرب وتنظيم للقوات المسلحة وبالذات من البناء الشمالي، الذي لن يُحقق أي نصر في تحييده ولا حتى تأمين الجنوب. وتعيين علي محسن الأحمر وزيراً للدفاع، ونائبا ثانياً للرئيس هو ما يُحقق استدعاء القوة الاجتماعية الشمالية في القبائل والقوات المسلحة، على أن يتعامل التحالف معه مباشرة وتشجيع الرئيس هادي على ذلك، فتَحقُق هذا الأمر سيُشجع الكثير ويُطمئنهم للتعاطي مع هذا البناء العسكري الجديد والعميق في ذات الوقت، والتحالف العشائري المساند له، وعليه تكون غرفة العمليات المركزية بهذا الحضور الإستراتيجي، ويَدعم التحالف مقاومة الجنوب وتعز وغيرها، بجسور تسليح مباشر وعن طريق هذا البناء القادر على اختراق حواجز التحالف الإيراني. أما العنصر الثاني فهو بناء تصوّر لخطوط عامة للمشروع السياسي القادم، تُطلع عليه هذه الأطراف الرئيسة ويُحقق طموحات الشعب اليمني، ويؤسس لتوازن عادل لطموحات الجنوبيين في إطار وحدة فدرالية مرنة، مع الانتباه إلى أن الأحداث كشفت جلياً، أن الانفصال ليس من صالح الجنوب وأن التفكك والصراع الذاتي فيه واضطراب وضعه وضعفه العسكري قد يؤدي إلى كوارث لو نُفذ الانفصال اليوم، وقد يُحوّل إلى حديقة تصفية إقليمية خطيرة على شعبه. في حين المطلوب العزيمة الحقيقية لمصالحة وتنظيم فدرالي يرعاه منبر الرياض والدوحة الذي أُعلن، وتمهيد تنفيذي لضم اليمن واحتوائه اقتصاديا في مجلس التعاون الخليجي، كما أن تصحيح الخطاب ورفض النزعة المذهبية مهم جداً اليوم في خطاب دول التحالف المركزية. أما العنصر الثالث والأخير فهو إدراك أن إيران تحشد لليمن، وفقاً لعناصر قوتها الإقليمية المتعددة، وعليه كُلما قويَت بطاقاتها أو قُويّت من الغرب كما هو في الحرب على ثورة سوريا ودعم حكومة العبادي في مذابح الحشد الطائفي، فهي تتقوى يمنياً، وعناصر خضوعها وقبولها لأي تسوية سياسية تقتضي قوة المشروع اليمني البديل الذي تحدثنا عنه، وتحجيم نفوذها في مشاريعها الأخرى، هذه هي الحقيقة التي يَعبُر فيها اليمن لاستقراره ونجاته ومصالح العرب وأمنهم معاً. كاتب وباحث إسلامي ومحلل سياسي