خلال الأسابيع السابقة على (عاصفة الحزم)، كان اليمن يحترق ويتشظى أرضا وشعبا ودولة ومقدرات، بالانزلاق السريع كدولة فاشلة، ببصمة إيرانية لتقوية وتوسيع نفوذها الإقليمي، وبإمضاء أدواتها المسلحين، الذين تقاطعت أطماعهم داخليا مع حسابات أطراف أخرى، وكان السؤال في الإعلام العربي ومن الرأي العام حينها: أين موقف المملكة ودول مجلس التعاون، وماذا هم فاعلون؟ وأين الموقف العربي والدولي قبل أن تضيع اليمن؟. بعد انطلاق (عاصفة الحزم) للتحالف العربي بقيادة المملكة، والتحرك السياسي والدبلوماسي الفاعل على كل الأصعدة، رأينا كيف تحرك الإقليم والعالم وتغيرت التوازنات الدولية إلى درجة صدور قرار مجلس الأمن تحت الفصل السابع يدعم شروط التحالف وأهداف العاصفة. هذه المرحلة واكبتها عاصفة حزم إعلامية مكثفة تعكس الوعي العربي، بل وتتعجل النتائج، وخاض محللون عسكريون وسياسيون في سيناريوهات افتراضية أو متوقعة لحرب برية، بينما ظلت عاصفة الحزم والتحالف على الرؤية الأشمل لنجاحات الضربات الجوية المركزة في القوة والأهداف لإنقاذ اليمن وشعبها دون حسابات الطرح الإعلامي المتعجل. أما الحالة الإعلامية الثالثة، فوجدناها مجددا مع إعلان التحالف انتهاء عاصفة الحزم وبدء عملية (إعادة الأمل)، فقد ساد الظن بوقف جميع ضربات العاصفة، وخاض بعض الإعلام التقليدي والإليكتروني في تقييم النتائج على الأرض وانعكاساتها على آفاق العملية السياسية المحتملة في ظل سباق مبادرات من كل اتجاه. لقد أكد التحالف عمليا استمرارية تحقيق النتائج الاستراتيجية للعاصفة عسكريا وسياسيا على الصعيد اليمني والإقليمي والدولي، وأن عملية ( إعادة الأمل) تعني مراحل جديدة لإطلاق الإغاثة الإنسانية وتهيئة المناخ لحلول سياسية على أسس سليمة تعيد الشرعية، مع استمرار ضرب بؤر الخطر على الشعب اليمني، بعد تدمير نحو 90% من الأسلحة الثقيلة للمتمردين ومستودعاتهم، وإتاحة الفرصة لتحول القبائل إلى الشرعية وتزايد وتيرة انشقاقات معاكسة في الجيش اليمني ضد الحوثي وصالح والانضمام للشرعية، كذلك انقسامات متزايدة داخل حزب المؤتمر ورغبة في إخراجه من المشهد، إدراكا بأن بلدهم وجيشهم ومستقبلهم أهم وأعظم وأبقى من أطماع الطامعين في السلطة. هذه القوى تتيقن بأن المملكة من خلال عاصفة الحزم إنما تنحاز بصدق وقوة لحماية اليمن وشعبه ومستقبله. من هنا يمكن فهم استمرار الضربات الجوية من قوات التحالف، وإن كانت بوتيرة أقل وبأهداف محددة تستهدف بقايا البؤر النشطة. فالتحالف لم يقل ولم يعلن أو يضمر استهداف القضاء على هذا الفصيل أو ذاك، ولا حرمانه أو إقصائه عن مستقبل العملية السياسية لليمن، وغير ذلك من الأكاذيب. المهم هو أن الدرس الحازم سيظل قويا لكل من يفكر في اختطاف اليمن وعروبتها، ولمن يسعى لتوسيع الفوضى والسيطرة على البلاد في صراع لو استمر ستكون الفاتورة الباهظة كالتي لا تزال تدفعها العراق وسوريا ولبنان، بفعل أذرع خبيثة لإيران وجماعات مارقة لا عهد لها، ما أن تنطفئ نار أشعلوها تحت مسميات وشعارات وأقنعة ماكرة. المملكة ودول مجلس التعاون والقوى الكبرى المؤيدة للتحالف حريصة على تحقيق أسباب الاستقرار وإنقاذ اليمن ووضعه على طريق الاستقرار والنهوض من جديد، والحل السياسي آتٍ حتما في الأجل المنظور، لكن بعد نضج أسبابه وفق معطيات حاسمة ودقيقة لمستقبل اليمن العربي، بعيدا عن الفخ الإيراني وأدواته في الداخل اليمني.