راهن الهلاليون أكثر من مرة على أن سقف الإخفاق عندهم إنجاز في مقاييس آخرين، مكرسين مقولتهم الدائمة «هو الهلال .. لا يسقط إلا واقفا.. قد يمرض لكنه لا يموت»، في الوقت الذي يصر آخرون على أنهم في مرحلة عدم توازن وسيكون وضعهم أكثر تراجعا في الأيام المتبقية من الموسم بدخولهم تحت تأثير الضغط وفي لحظات الحسم!. وبين هذا وذاك وعلى أرض الميدان، خطف هلال دونيس الأضواء وأبهج أنصار الزعيم ومحبي النادي العاصمي آسيويا ومحليا، فارتقى مجموعته في دوري الأبطال الآسيوي وضاعف الفارق بينه وبين أقرب مهدديه على المركز الآسيوي في دوري عبداللطيف جميل، وحصد علامة كاملة في المباريات العشر المتتالية التي أدارها مدربه اليوناني فعليا باستثناء اللقاء الأول أمام السد القطري، وتأهل لدور الستة عشر قاريا وربع نهائي كأس الملك محليا وبمستويات رائعة رغم كل الظروف. الصدارة.. هدف!! لن يكون مجديا لـ الهلال التعادل في مباراته المقبلة آسيويا، والتي يلاقي فيها وصيف المجموعة الثالثة نقطيا فريق السد القطري في درة الملاعب السعودية استاد الملك فهد الدولي، إذ يتعين عليه الفوز لانتزاع الصدارة وتفادي مواجهة فريق بيروزي الإيراني في دور الستة عشر من المسابقة خاصة بعد الأحداث «المسيئة» التي واكبت لقاء فريق النصر السعودي في العاصمة طهران وما واكبها من استفزازات خارج حدود الرياضة انتهت بإصابة الفريدي بقطع في الرباط الصليبي. إذ أن صدارة المجموعة لن تخضع لفارق الأهداف على أية حال بل لنتيجة المواجهتين التي جمعتهما في جولتي الذهاب والإياب، ما يعني أن التعادل سيذهب بالبطاقة الأولى لصالح السد القطري الفائز ذهابا بهدف في مستهل المنافسات. وعبرت الجماهير الهلالية عن أمل في أن ينجح الزعيم في الفوز لتفادي مسألة اللعب في طهران، خاصة أن الاستحقاقات المتبقية في كأس الملك ستجعل من اللقاء أمرا مرهقا، سيضاعف من المسؤولية في الأداء وترتيب الأولويات والفوز سيسهل كثيرا من المهمة. وستلعب مباراتا دور الـ 16 من مباراتين الذهاب يومي 26 و27 مايو والإياب 2 و3 يونيو، وهي آخر مباريات الموسم الهلالي مع الإدارة الحالية وربما المدرب أيضا، في ظل التغييرات المتوقعة على المستويات الإدارية والفنية وانتخاب إدارة جديدة تخلف الإدارة الحالية المكلفة. فيما سيكون على الفريق الحذر من تلقي أي إنذار أصفر ثان تفاديا للإيقاف في دور الستة عشر، إذ أنه وبحسب ما أكده ياسر المسحل فإن البطاقات تلغى بنهاية هذا الدور لمن لديه بطاقة واحدة، حيث قال بنهاية دور المجموعات، أي لاعب معه بطاقة صفراء واحدة لا يتم ترحيلها لدور الـ 16، وسيشارك الفريق في الدور التالي بسجل خال من الإنذارات، ويواجه 7 لاعبين خطر الإيقاف وهم المدافعون كواك تاي هي و ديجاو وياسر الشهراني، إضافة إلى لاعبي الوسط والارتكاز سعود كريري وسالم الدوسري وخالد الكعبي والمهاجم يوسف السالم. رسالة القناص التصاعد الكبير في مستوى لاعبي الفريق الهلالي والآداء المتطور لهم منذ تولي محمد الحميداني رئاسة النادي ورحيل الإدارة السابقة والجهاز الفني بقيادة ريجيكامبف، كان لافتا لجميع متابعي الفريق من محبين ومنتقدين، إذ ظهر الفريق بشكل قوي واستعاد كثيرا من وهجه السابق رغم الإرهاصات التي عاناها الزعيم في موسم للنسيان خسر فيه نهائيين كبيريين وفقد فرصة المنافسة على الدوري مبكرا على غير عادته، ويجير المراقبون ذلك للعمل الإداري الجيد وللروح التي أشاعها المدير الفني اليوناني جورجيوس دونيس، وهي ما عبر عنها اللاعب ياسر القحطاني قائد الفريق ونجمه الجماهيري من مقر علاجه في ألمانيا، حيث غرد قائلا: «أعتقد بأن دونيس يستحق بأن يتسلم زمام الأمور للموسم المقبل من الآن، إذ استطاع أن يتغلب على الظروف بعمله الفني داخل الملعب، وهذا هو المهم!». ومن يقرأ ما بين السطور يستشعر أن هذه التغريدة هي أشبه ما تكون برسالة بعث بها القائد القريب جدا من جميع لاعبي الفريق، في أنه المدرب المناسب والمتفق عليه من قبل اللاعبين مستدلا على ذلك بما قدمه على أرض الواقع على المستويين المحلي والقاري، وربما يجد هذا الطلب آذانا صاغية من الإدارة التي ستقود المهمة في المرحلة المقبلة وربما لا. في المقابل، فإن النقاد الفنيين والكتاب الرياضيين يرون أنه نجح في مهمته وأن الإدارة ساهمت في هذا الظهور الجيد رغم الحديث السابق عن سقوط الزعيم ورفعه الراية البيضاء مبكرا. يقول المحلل الفني وقائد الفريق السابق فيصل أبواثنين: الجو العام في الهلال صحي ومشجع وعلاقة الاحترام المتبادل بين المدرب واللاعبين والإدارة، انعكست على اداء متميز ونتائج مفرحة الأهم الاستمرارية. وأثنى على تأهل الهلال والفوز الآخير. أما عضو الشرف حسن الناقور فقال إن روح الهلال ولاعبيه أظهرت كبرياءه وتزعمه لآسيا، ممتدحا مدرب الفريق قائلا دونيس أبرز إمكانات اللاعبين بشكل مختلف وأخرج أقصى ما لديهم. عودة النجوم ويتفق المتابعون على أن أهم ما فعله دونيس، تحرير عدد من لاعبي الفريق من القيود التي قيدهم بها ريجيكامف سابقا نفسيا وفنيا، إذ أخرج عددا منهم من دوامة الإحباط التي عانوا منها مع الروماني وعلى رأسهم نيفيز وناصر الشمراني ونواف العابد، فيما منح الثقة لأسماء شابة وواعدة لعبت دورا محوريا في دعم الفريق بينهم محمد جحفلي وفيصل درويش وخالد كعبي وعبدالله عطيف، فضلا عن تعزيز الثقة في الحارس خالد شراحيلي الذي كان واحدا من أهم صناع الفرح الهلالي في المواجهات العشر الأخيرة، والرهان عليه بديلا للحارس عبدالله السديري الذي شهد مستواه تراجعا كبيرا منذ بداية الموسم، والأخير تحديدا كان محط إعجاب الجميع دون استثناء. في ذلك يقول فيصل أبو اثنين خالد شراحيلي أعاد الثقة لحراسة المرمى في الكرة السعودية، وعبدالله الزوري وياسر الشهراني تطورا بشكل لافت في مستواهم مع دونيس، وختم بالقول منظومة الهلال تحتاج إلى مهاجم لتكتمل. في المقابل يقول الكاتب سامي اليوسف بالرغم من الهدف الآخير إلا أن خالد شراحيلي كان أسدا في عرينه، تصدى لعدة كرات خطرة وهجمة حقيقية، لافتا إلى أنه عاد ليقدم نفسه من جديد بصفته واحدا من ألمع الحراس العرب. فيما اكتفى الحارس السابق وأسطورة الكرة الآسيوية محمد الدعيع بالإشادة بمدرب الفريق دونيس في كلمتين قائلا: «مدرب صح». ويبقى أمر استمرار دونيس ووفقا لرغبة شرفيي الهلال مرهون بموافقة الإدارة المنتخبة المقبلة، إذ يمتلك النادي خيار التمديد له والأفضلية بذلك ما جعل التريث في الأمر منطقيا لدى مسيري البيت الأزرق الذي استعاد استقراره وبشكل لافت، كاسرا الكثير من التحديات والعقبات وعلى رأسها استقالة الإدارة وإقالة المدرب والإيقافات والإصابات، فضلا عن الظروف التي واجهت الفريق نفسيا وتحكيميا وحرمته من أغلى الألقاب وأهمها.