لقد أوجد لي الكاتب منصور الطبيقي -في العدد (4406) بعنوان «ماذا قدمنا لمرضى التوحد وماذا قدموا؟!» وما جاء في ثنايا مقال الكاتب- مدخلا لطرح حقائق تدمي القلب وتغص في الحلق عن معاناة هؤلاء الأطفال وذويهم، تطرح بين أيديكم من أب يعيش نفس المأساة ويتحدث بلسان الآلاف الذين يجدون قسوة المعاناة ويتذوقون كأس المرارة صبحا ومساء. إن الإحصائية التي ذكرها كانت في عام 2000، ولو بحث اليوم عن إحصائية جديدة لوجد العدد أضعافا لما ذكر، كم من الحالات التي لا نعلم إحصائيتها وغيبت إما لجهل أو خجل اجتماعي، بل إن البعض، كما يعلم الجميع، يسميه جنونا، ولا علاج يرتجى لطفل مجنون. سأتحدث لكم كأب لطفلة توحدية وسأنثر ما وجدته خلال السنوات الثلاث الماضية، حتى لا يجد أي باحث العناء مرة أخرى في البحث عن أوجه الاختلاف بما يقدم هناك وما يقدم هنا. إليك ما وجدت، وهو على سبيل المثال لا الحصر: ينعدم في وطننا وجود مركز حكومي مختص بهذه الفئة الغالية على قلوبنا، يكثر الاستغلال المادي في المراكز الخاصة والمستشفيات الخاصة المتواجدة في بعض مناطق مملكتنا ومن بعض الهواة والمختصين، لا تعليم ولا تدريب ولا تثقيف يستحق الإشادة به، وزارة الصحة لا تفقه شيئا عنه ولم تحاول فك رموزه، الشؤون الاجتماعية مهملة حاجات أطفالنا فبطاقة التأهيل تحتاج إلى سنة أو أكثر ليحصل الطفل التوحدي على حقه المادي الممنوح من الدولة، الخطوط السعودية لا تراعي البتة ما يحتاجه أطفال التوحد ويفتقرون إلى الثقافة الإنسانية قبل الثقافة العلمية، لا كوادر طبية تستحق وسام الثقة في المستشفيات الخاصة والمراكز المنتشرة في الرياض وجدة، مما أدى إلى تخبطات مستمرة في التشخيص وفي وصف العلاج من طبيب لآخر تدل على الجهل العام بين كوادر صحتنا المطعونة، استغلال تام من بعض هواة الظهور الإعلامي على حساب هذه الفئة وأسرها المكلومة، أهل التجارة والمال يرون بأن أبناء وبنات الوطن التوحديين رقم هامشي لذا لا يستحقون أي اهتمام أو إنفاق! نأمل أن نرى في المستقبل القريب عكس ما ذكرت، من توفير خدمات تكون معينة لفلذات أكبادنا ومراكز تؤوي وتهتم وتعطي ولا تخذل من يلجأ بعد الله إليها، خادم الحرمين حفظه الله ورعاه وأطال في عمره لم يقصر في شيء، ولكنني أتمنى أن أعلم أين مصدر الخلل؟ وهل هناك من يستطيع تغيير هذا الحال إلى حال أجمل وأرقى ليتناسب مع الميزانيات الهائلة التي نشهدها نهاية كل عام؟! هادي الحكمي