مع تكرار عدد من الحوادث الأخلاقية على أرض الواقع، أو حتى على مستوى طريقة إلقاء التهم والتلفظ المجاني في تويتر، لا بد أن يتساءل العديد منا عن المشكلة الأخلاقية التي يعتمد عليها مثل هؤلاء في تبرير سلوكهم. في تويتر ــ مثلا ــ يمكن أن يأتي يدافع البعض عن الأخلاق في تصوره بمزيد من التحريض على الذم والشتيمة، بل وصل الحال إلى التحريض على التحرش بالمرأة والاستناد عليها نصوصيا من فعل بعض السلف، وهذا مدعاة إلى التعامل بدعوى حفاظ الأخلاق بسوء الأخلاق، وهذا ــ بحد ذاته ــ مفهوم أخلاق (مضروب) إذا ما أردنا استخدام العبارات التجارية، ويمكن أن نجد لاستخدام اللغة التجارية في توصيف الأخلاق مخرجا، خصوصا أن «تسليع» الأخلاق أصبح إحدى سمات الرؤية الاستهلاكية في المجتمع الذي مهما قلنا عن تدينه أو تمسكه بالعادات، إلا أن قيمه أصبحت هي ذاتها قيمة مستهلكة عبارة عن مطية اجتماعية لمكاسب أخرى قد تكون مادية بحتة أو اجتماعية أو غيرها. من يدافعون عن الأخلاق يستغلون عدم الأخلاق في تثبيت دعاواهم في تحجيم أي حراك ثقافي أو اجتماعي يمكن له أن يتحقق على أرض الواقع . فالهيمنة الثقافية من الخطاب الديني ــ مثلا ــ بدأت تتراجع، وإن كان لها السلطة الأكبر في خلق أفكار وتصورات عامة عن المجتمع والفكر والثقافة، بل وصياغة منظومة الأخلاق بكليتها دون النظر في اختلاف الزمان والمكان. منظومة الأخلاق في المجتمع السعودي مشكلة حقيقية، وتحرير مفاهيمها من أهم الخطوات الفكرية التي كان يجب على الكثير من المثقفين، بل وحتى علماء الدين المعتدلين، التركيز عليها دون الاعتماد على الاكتفاء بالحديث عن القيم الأخلاقية بعموميتها وأهميتها. الجميع يعرف قيمة الأخلاق، حتى أولئك الذين لا قيم أخلاقية لديهم في سلوكهم اليومي، لكن القضية ليست في الحديث عن أهمية الأخلاق، بل في تحقيق قيمها على أرض الواقع من خلال سلسلة من القيم الهرمية، بحيث لا تطبق على الضعيف دون القوي، أو أنها تخضع لمفاهيم ناس محددة تفرض رؤاها على بقية المجتمع.