ليعذرني أستاذنا الكبير محمد الدويش إن اقتبست منه مفردته الشهيرة (السحابة رقم 9) والتي ابتدعها في منتصف الثمانينيات الميلادية مدحًا في الأسطورة الخالدة ماجد عبدالله. ليعذرني أبو سليمان عن فعلتي هذه، حيث لا أرى حماس وروح وعطاء الفتى الذهبي حسين عبدالغني إلا مطرًا يتساقط من سحابة أخرى تتخذ من الرقم 24 اسمًا، ولذا أبدلت تلك المفردة الشجية في عنوان مقالتي هنا بالرقم 24 وهو الرقم الذي سيُخلد باسم عبدالغني في ذاكرة تاريخنا الرياضي كما هو الحال مع الأسطورة ماجد ورقمه العذب 9. وللإيضاح، فأنا أهنا لا أقارن الفتى الذهبي بماجد، فلا زلت وسأظل عند رأيي أن ماجد في (كوم) وكل اللاعبين الآخرين في (كوم تاني)، ولكني أحببت أن أربط سيرة عبدالغني بشيء من ما يملكه ذلك الماجد، فحسين في رأيي ما هو إلا امتداد حقيقي لنجوم الجيل الذهبي الذي كان فيه ماجد سيدًا وزعيمًا. ولا أخفيكم القول.. أحبائي القراء.. أنني كنت منزعجًا من بعض تصرفات عبدالغني في مباراته أمام الاتحاد الأخيرة وخروجه في بعض فترات الشوط الثاني عن جو المباراة بسبب عصبيته، ولكنني قلت لنفسي آنذاك أن لكل لاعب عيب أو عيوب، وربما كان ذلك هو عيب عبدالغني الوحيد، وهو أمر تضطر أن تتناساه أو تتجاوز عنه عندما يُبهرك عبدالغني في مباريات لاحقة بعطائه الخارق وتتيقن تمامًا أنه لاعب حماسي ومقاتل ويرفض الخسارة. حسين عبدالغني والذي يطوي الثامنة من عقده الثالث، نجح في قيادة النصر إلى صدارة دوري جميل حتى اللحظة، ويبدو أنه عازم مع زملائه اللاعبين لتكرار منجز الموسم الماضي. يعتمد عليه المدرب في أدوار كثيرة، ولا يمكن الاستغناء عنه في أي مباراة، فهو من يزرع ثقة الأسود في نفوس اللاعبين ويمنحهم الروح والحماس والإصرار، وهو بحق أستاذ كبير في إدارة المساحة وإدارة الوقت، وأحد أكثر اللاعبين تسريعًا للعب ونقل الكرة بسرعة لملعب الخصم، وأفضلهم في تأدية الكرات العرضية بإتقان. هدفه الفذ في مرمى هجر أضاف متعة لسجلات دوري جميل، وصنفه كثيرون على أنه أحد أجمل الأهداف التي شهدها ملعب الملز. لاعب من حديد، يخطف الكرة من منتصف ملعب الخصم، يذهب للأمام ويراوغ.. ينظر للمرمى ثم يسدد قذيفة ذهبية تلامس الشباك بعنف. عبدالغني.. أيها السادة.. هو ملح المائدة النصراوية التي أحبته واحتضنته وقدرت موهبته، وهو شريان العطاء المتوهج الذي يختال برشاقة في معشبات الكرة، ليسابق أعوامه ركضًا وزهوًا، ويحكي بنجاح قصة 21 عامًا من الصمود وتقديم التضحيات. من نعم الله علينا في رياضتنا أن الأسطورة حسين عبدالغني لا يزال يركض داخل المستطيل الأخضر، وحتمًا سيتذكر الجميع بعد اعتزاله أن الكرة لدينا خسرت موهبة عظيمة لن تتكرر. علي مليباري