دخل الطفل السوري ديار (10 سنوات)، إلى مقهى دانكن دوناتس، تجول ليبيع العلكة، لكن الموظف عاجلة بلكمات عديدة على وجهه!! أما الطفلة السورية فاطمة عبد الفتاح (11 عاماً)، فقد توفيت قبل أيام بحادث سير في مدينة صيدا، جنوب لبنان، هذه الطفلة التي حولها النزوح عن بلدها كما الكثيرين إلى أطفال شوارع في لبنان، باعة ومتسوّلين، يترامون على الأرصفة وأمام السيّارات، بحثًا عن لقمة عيش ليطعموا أولادهم وأسرهم.. ولكن يشير البعض إلى وقوع بعض الأطفال ضحية لعصابات التسول التي تعمل على تشغيلهم لمصلحتها، وربما تعمل على تشويههم لاستجلاب الشفقة والإحسان. فقد تنامت هذه الظاهرة مع الأحداث الجارية في سوريا، التي فرضت حالة من النزوح، ليجد مئات آلاف السوريين أنفسهم فجأة بلا مأوى وبلا أرزاق.. عائلة من المتسولين أطفال مدمنون ويشير خبراء يتابعون موضوع المتسولين إلى وجود أطفال متسولين مدمنين على استنشاق الشعلة وهي مادة مخدرة وحبوب الـبالتان (حبوب هلوسة)، إضافة إلى وجود عدد من الحالات التي تعاني من انحرافات جنسية، وهذا الأمر غير مستبعد أمام طفل لم يعرف من الحياة إلا الشارع. تنامت الظاهرة مع الأحداث الجارية في سوريا عند دوار ايليا، في مدينة صيدا، جنوب لبنان، تقف مجموعات صغيرة من المتسولين، صغارا وكبارا، يقفون لساعات طويلة من النهار والليل، في الصيف والشتاء، لا يهم الطقس إن كان صحوا أو شتاء.. فهم عند توقف إشارة السير يركضون باتجاه السيارات، عمو.. الله يخليك ويخليلك أولادك ساعدني.. اشتر محارم.. والبعض يمسح زجاج السيارة دون إذن منك.. لكي يقبض بعض المال!! بعضهم ينظر إليك بعد أن يقفز باتجاه السيارة، بكثير من الخيبة والحزن وأحياناً بحقد وشر مبطن، خصوصا إذا لم ينل منك مبتغاه. بعض هؤلاء المتسولين، عنيفين جدا عندما يتشاجرون مع بعضهم، على زبون، لا يقيمون وزنا لأحد من المارة المنتظرين أن تفتح إشارة السير لكي يمضي كل واحد إلى مبتغاه. ضد التسول أما في بيروت، وبالتحديد على الطريق الرئيسي للمطار، تجد المتسولين من كل الأعمار منتشرين في أماكنهم المعتادة، هنا عجوز تنادي بصوت يجعلك ترق لمنظرها. وهناك أخرى تقف حاملة ابنها أو طفلا، قد يكون مُستأجراً.. في عز الشمس، لتقول: اعطني لإطعام هذا الطفل اليتيم!!. وفي جولة على الطرق في أكثر من منطقة من بيروت، لوحظ وجود متسولين أو مشردين وبيّاعين من جنسيات مختلفة في الأحياء الداخلية، والتي لم تكن تشهد هذه الحالات في السابق، ما يعني انتشارها في أكثر من منطقة، الى استخدام أساليب جديدة في التسول للحصول على المال. من هنا، ليس التسول حاجة فقط، بل أصبح مهنة يعتاش منها الكثيرون، فقد أوردت صحيفة لبنانية قصة عائلة تقيم في منطقة شاتيلا، في العاصمة اللبنانية بيروت، مكونة من 7 أفراد (الأبوين و5 أطفال بين 9 و17 سنة من عمرهم)، يمتهنون التسول. ضد ظاهرة التسول في طفولته، كان الأب من الأطفال في الشوارع، وقد بدأ بالعمل في محل لصيانة السيارات بعد زواجه. وقد بدأت زوجته في سن مبكرة، بعد وفاة والديها، بالعمل في الخدمة المنزلية. وقد عاش هو وزوجته في ظروف صعبة للغاية. وعندما أنجبت الزوجة مولودها الأول، بدأت بممارسة التسوّل في الشوارع. ومنذ ذلك الحين وجميع أفراد العائلة ـ باستثناء الأب ـ يعملون في الشوارع دون هوادة على مدار أيام الأسبوع. ويتراوح دخل العائلة بين 80 ألف و140 ألفاً يومياً. وتقول الأم: هكذا هي الحياة، هذا هو قدرنا، في حين يعلن الأب: أنا ولدت وترعرعت في الشوارع، وسأموت في الشارع.وقال، وزير الداخلية اللبناني الأسبق، مروان شربل في تصريح له في 4/4/2012 إنه تم توقيف 78 مشغلاً لأطفال متسولين، موضحاً أن المجموعات التي تستغل الأطفال تقوم باستئجارهم من أهلهم، ويدفعون لهم سلفًا مبلغاً معيناً عن الطفل ومن ثم يحضرونهم بشاحنات صغيرة ويقومون بتوزيعهم على الأراضي اللبنانية ليقوموا في نهاية اليوم بتفتيشهم وأخذ الأموال التي قاموا بتحصيلها من التسول، ومن ثم يقومون بإرجاعهم إلى أهلهم. طفل يبيع الورد القانون يعاقب المتسول! يعاقب القانون اللبناني بحبس المتسول الذي يستجدي باصطحاب ولد غير ولده أو أحد فروعه ممن هو دون السابعة من العمر من ستة أشهر إلى سنتين، مع التشغيل، كما نصت بذلك المادة 613 من قانون العقوبات. ويُعاقب بالحبس مدة ستة أشهر ودفع غرامة من عشرين ألفاً إلى مئة ألف ليرة، والدَي القاصر اللذين تركاه مشرداً، وفق المادة 617. ويعاقب أيضاً وفق المادة ٦١٨ بالسجن من ستة أشهر إلى سنتين مَنْ دفع قاصراً إلى التسول لمنفعة شخصية. إحدى الظواهر المزعجة وحول ظاهرة التسول، خاصة عند الأطفال، قال الدكتور خالد العزي لصحيفة كل الوطن ربما تكون ظاهرة التسول من الظواهر المزعجة والشاذة التي تدل على عدم الاهتمام الكافي بالأطفال من قبل دول العالم النامي مما تسبب بظاهرة غريبة وشاذة جدا، بالإضافة إلى غياب مفهوم الأسرة التي تتعرض لأزمة مالية وانفصال يدفع ثمنها الأطفال بشكل عام. ضد ظاهرة التسول أما عن كيفية الحد من هذه الظاهرة، فقال الدكتور العزي الحد من انتشار هذه الظاهرة لدى الأطفال لا يمكن الحد من هذه الظاهرة الشاذة وسط عالم الطفولة بشكل مباشر لأن مشكلة التسول لا يتحمل مسؤوليتها الأطفال بل يتحمل مسؤوليتها الدولة والأهل والمجتمع وبعض السماسرة الذين يستغلون هذه الحالة كمصلحة خاصة يستغلون الأطفال فيها لحاجات شخصية. وحول العمل للحد من انتشار هذه الظاهرة، أجاب الدكتور العزي للحد من هذه الحالة لا بد من العمل الدوؤب على نشر ثقافة الأطفال والعائلة في المجتمعات النائية، وعلى الدولة اخذ الموضوع على عاتقها من خلال الاهتمام بأطفال الشوارع في إيجاد أماكن لهم ولتعليمهم كي لا يكونوا عرضة لمصير مجهول.. طفل سوري يتعرض للضرب أما عن السبل لمواجهة هذه الظاهرة وسبل القضاء عليها، فقال يرى الخبراء والمختصون أن هذه الظاهرة ليست جديدة بل هي قديمة ومعقدة بحسب تركيبات المجتمعات المختلفة، ولكن يمكن التعامل معها من خلال برامج تعليمية وتربوية ومؤسساتية. والعمل على فتح مدارس خاصة وتعليمية وتأهلهم وتساعدهم بالإضافة إلى احتضان هذه الأجيال من خلال دمجهم في المجتمع وفي مؤسسات الدولة للعبور إلى هذه الحياة بسلام. والعمل الجاد والجدي، لإرشاد العائلات التي لا تستطيع تأمين أولادها من خلال تحديد النسل والإشراف عليها من قبل مؤسسات الدولة، عندها يمكن تخفيف عدد المتسولين. في الختام، إن من المستبعد إيجاد حل لتزايد أعداد المتسولين في لبنان، خصوصا مع تدفق أعداد النازحين السوريين إلى لبنان وتردي الأوضاع الإقتصادية، بات كثيرون يتخذون التسول مهنة لهم!!