لم تطلق المملكة "عاصفة الحزم"، إلا من أجل الشعب اليمني أولا، ومن أجل حماية مكتسباته الوطنية، من خلال صون الشرعية في هذا البلد. إضافة طبعا إلى إبعاد التوتر والفوضى التي تؤثر بصورة أو بأخرى في كل المنطقة، ولاسيما مع وجود جماعات غير وطنية في اليمن، تنفذ مخططات إيران في الدرجة الأولى. وهذه الأخيرة، لم تعمل منذ عقود وفق مبدأ حسن الجوار، ولم تتجنب التدخل في شؤون بلدان المنطقة، الأمر الذي أوجد حالة إقليمية خطيرة، كان لا بد للسعودية الدولة المركزية أن تتدخل من أجل احتوائها، والتقليل من مخاطرها، ووضع المخربين عند حدودهم، وفضح القوى المخربة الأجنبية في اليمن، وفي بقية البلدان العربية التي تعبث بها. وعلى هذا الأساس، فليس غريبا أن تقدم المملكة 274 مليون دولار، دعما لأعمال الإغاثة الإنسانية في اليمن، وهي التي تخوض عملية واسعة من أجل شعبه. وهنا يكمن الفرق، بين بلد يقدم الدعم اللازم لشعب بلد، وآخر يقدم كل الأدوات التخريبية للنيل من هذا الشعب. كما أن هذه المساعدات، تؤكد مجددا صدق عملية "عاصفة الحزم"، ونبل أهدافها. والأهم وضوح هذه الأهداف، وهي معروفة لكل الأطراف، ولاسيما تلك التي تنفذ استراتيجية مشينة يمكن أن تحمل ببساطة توصيف "استراتيجية الخراب"، خصوصا أن السعودية لم تتوقف في كل المراحل السابقة، عن تقديم العون للشعب اليمني، سواء من خلال مساعدات مباشرة، أو أدوات إغاثية إنسانية مختلفة، عبر جهات دولية متعددة. لم يحدث في التاريخ الحديث أن قدمت دولة مساعدات إغاثية لبلد يفترض أنها تنفذ عمليات عسكرية فيه. والمملكة التي تقود "عاصفة الحزم" العربية في الوقت الراهن، لم تتأخر لا في أوقات المعارك ولا أزمنة السلم عن إغاثة وإعانة أي شعب عربي شقيق. كما أنها لم تسع في أي حالة من الحالات إلى مردود سياسي من وراء الإعانات والمساعدات. لأنها تقوم بذلك من واقع المسؤولية التي كلفت بها نفسها، لرفع حدة المعاناة عن أي شعب عربي، ولتوفير ما أمكن من الحماية له، بأكبر قدر من الكرامة والعزة. هذه سياسة سعودية ليست وليدة الأسابيع الماضية، بل منذ قيام السعودية كدولة، تحولت مباشرة إلى بلد مركزي إقليميا ودوليا. وإذا ما أضفنا أنها بلد صُنع قرار في المنطقة، فإن عناصر المشهد العام تكتمل. لقد أثبتت "عاصفة الحزم"، أنها عملية إنسانية قبل أن تكون عسكرية سياسية. لماذا؟ لأن عصابات الحوثيين ومعهم المخلوع علي عبد الله صالح، ومن ورائهم إيران ومرتزقتها، يسعون جميعا إلى النيل من الشعب اليمني بكل الصيغ الممكنة وغير الممكنة. وكأنه ينقص هذا الشعب المزيد من المآسي والأحزان. ومساعدات الإغاثة السعودية الجديدة، تؤكد مرة أخرى، وقوف المملكة قيادة وشعبا إلى جانب الأشقاء اليمنيين. ولولا مصلحة هذا الشعب والشرعية التي اغتصبت في اليمن، لما كانت "عاصفة الحزم"، خصوصا، بعد أن حرصت الرياض على أكبر إشراك عربي ممكن في هذه العملية، من أجل إثبات أنها عملية عربية من أجل شعب عربي شقيق يستحق النجدة والإنقاذ والحياة الكريمة، ويستحق أيضا، أن يعيش حياة مستقرة، كبقية الشعوب الأخرى. في المملكة، المال هو دائما للمصلحة العامة. والشعب اليمني في الوقت الراهن، يمثل مصلحة عامة ليس للسعودية فحسب، بل لكل الوطن العربي. وليس أقوى وأجدى من أن يتم الدفاع على الشعب اليمني فعلا لا قولا، ولاسيما بتكريس شرعيته التي اختارها بمشيئته. إنها مسألة أخلاقية قبل أن تكون سياسية أو عسكرية.