الصورة اليوم هي من يصنع الأحداث في المملكة، فهي من يسقط الأشخاص ويكون الثقافات ويعبئ الرأي العام وهذا ما يثبت مقولة «ميرزوف» الشهيرة عندما قال بأن الأدب بورجوازي بينما الصورة ديمقراطية. صيغ تعبيرية تعاقبت على ثقافتنا ومرت بأربع مراحل تاريخية هي مرحلة الشفاهية ثم مرحلة التدوين وبعدها مرحلة الكتابة وأخيرا مرحلة الصورة التي هيمنت على الصيغ التقليدية أجمع من وصف وكتابة وأحدثت زلازل اجتماعيا وفكريا وثقافيا ولا قبل لأحد بمنازلتها أو تبريرها أو الصمود أمامها. هذه الصورة أصبحت تلعب اليوم دورا مهما في التغيير السياسي والفكري والاجتماعي في بلادنا ربما لكونها قد ألغت السياق الذهني للحدث وتميزت بالبعد الحي في تفعيل نجومية الحدث بالعرض المباشر والحي. ويتمظهـر التحول الضخم في ثقافة الصورة في ظهور فئات اجتماعية متباينة الثقافات أصبحت تقتات ثقافيا على هذه المقاطع وتستهلك مئات الكبسولات من الصور المعلبة يوميا بعد أن كانت النخب الثقافية والرسمية هي من يتملك ناصية هذه اللغة وهي من يحتكر تفسير الأحداث وصياغتها في ذهن القارئ أو المشاهد. من الثقافة البصرية ينشأ معجم جديد في مجتمعنا تتكون من خلاله مصطلحات جديدة لتتخلى الكتابة عن دورها الذي تحول إلى مجرد وصف للصورة. فالصورة لا تنتمي لمقدماتها لأنها حدث تقني سريـع له ما بعده فقط وليس ما قبله. التحول من نصوص اللغة إلى نصوص الصورة أصبح يحدث دويا كبيرا ويصنع ثقافة جديدة ومحايدة في مجتمعنا لا قبل لأحد بتزييفها أو نفيها أو حجبها..