توقعت منظمة التجارة العالمية أن تحقق تجارة السلع العالمية زيادة في الحجم بنسبة 3.3 في المائة هذا العام و4.0 في المائة بحلول العام المقبل، وتُمثِّل هذه الأرقام زيادات طفيفة عن المستويات السابقة، حيث بلغ نمو التجارة 2.8 في المائة خلال 2014. وأعلن روبرتو آزفيدو، المدير العام لمنظمة التجارة العالمية في بيان أمس، أن المنظمة تتوقع أن تواصل التجارة انتعاشها البطيء، لكن هذا الاتجاه يُمكن تقويضه بسهولة مع نمو اقتصادي عالمي لا يزال هشا واستمرار التوترات الجيوسياسية. وتظل تلك الأرقام أدنى من متوسط النمو التجاري البالغ 5.1 في المائة منذ عام 1990 ومتوسط ما قبل الأزمة 6.0 في المائة، حسب تقديرات اقتصاديي منظمة التجارة. وبين العوامل التي حافظت على نمو التجارة في مستويات متواضعة في العام الماضي ومطلع هذا العام، تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصادات الناشئة، وانتعاشا متفاوتا في الاقتصادات المتقدمة، حسب شرح الجهاز التجاري العالمي. ووفقا للتوقعات الجديدة الصادرة عن الخبراء الاقتصاديين في منظمة التجارة، فقد لعبت التوترات الجيوسياسية أيضا دوراً في نمو مُلطِّف للتجارة، مثل أزمة أوكرانيا وما أسفر عنها من توتر في العلاقات بين روسيا ومختلف شركائها التجاريين الغربيين، جنبا إلى جنب مع أزمة فيروس إيبولا المدمر في غرب إفريقيا. وللنمو التجاري علاقة تقليدية مع نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة «2:1» حسب تعريفات منظمة التجارة، أي أن الناتج المحلي الإجمالي يُسهم بنسبة 33 في المائة من النمو التجاري، إلا أنه في السنوات التي أعقبت اندلاع الأزمة المالية العالمية في 2008 لم يعد هذا الوضع موجوداً، إذ يقول اقتصاديو المنظمة الآن إن هذين العنصرين أصبحا من الآن تقريبا على قدم المساواة، ما يزيد من صعوبة التنبؤ بالأرقام المستقبلية. وفيما يتعلق بالقيمة الفعلية لتجارة البضائع، ترسم أرقام منظمة التجارة صورة مختلفة قليلاً، حيث تقول المنظمة إنَّ تأثير ارتفاع قيمة الدولار في التجارة أدت إلى زيادة في الصادرات بنسبة 0.7 في المائة لتصل إلى 18.9 تريليون دولار، بعد أن ركدت فعلياً في العام الماضي. وفي ملاحظاته التي وضعها على التقرير، حث المدير العام للمنظمة الدول الأعضاء على الانسحاب من التدابير الحمائية، وإدخال تحسينات في الوصول للأسواق، جنبا إلى جنب مع إدخال إصلاحات على قواعد التجارة العالمية بطريقة تكفل زيادة التدفق التجاري العالمي، وتكاد هذه التوصيات أن تكون بمثابة «الكتاب المقدس» لعمل منظمة التجارة العالمية. وقال آزفيدو، إن العالم ليس عاجزاً عن مواجهة هذه الصورة القاتمة، مسلطاً الضوء على إمكانات التجارة في تعزيز النمو الاقتصادي والنهوض بالتنمية. وتقرأ "الاقتصادية"، في حيثيات التقرير إشارات إلى الصورة العامة للاقتصاد العالمي التي تُظهر آفاق نمو غير متكافئة، حيث من المتوقع أن تشهد اقتصادات متقدمة نمواً أقوى هذا العام، في حين يتوقع أن تشهد الاقتصادات الناشئة والنامية نمواً ضعيفاً. وبقيت التوقعات المتعلقة بالنمو العالمي للمؤسسات المالية العالمية دون تغيير عند 3.5 في المائة المقدرة لعام 2015 و3.8 في المائة بحلول عام 2016، وتقترح هذه النتائج أن ترى الاقتصادات المتقدمة نمواً أقوى هذا العام عن العام الماضي، والعكس بالعكس للأسواق الناشئة والاقتصادات النامية. وسيكون لهبوط أسعار النفط وتحركات أسعار الصرف تأثيرات كبيرة كامنة على التوقعات العالمية، على الرغم من أن التأثير سيختلف تبعاً لظروف كل بلد، حيث ذكر التقرير أن التحركات الكبيرة في الأسعار، سواء في أسعار صرف العملات أو أسعار النفط، ستوجد رابحين وخاسرين. وفي هذا السياق، دعا اقتصاديو المنظمة لتبني إجراءات حاسمة تنفذ على وجه السرعة، وتتضمن تطبيق سياسات نقدية ملائمة، فضلا عن تعزيز الاستثمار في البنية التحتية، وسن إصلاحات هيكلية، وتقليص الحواجز على التجارة والاستثمار، وتحسين بيئة التشريعات بجلعها أكثر اندماجاً مع العولمة التجارية. وأبرز الاقتصاديون أيضا فرصة أثارها الانخفاض الأخير في أسعار النفط وذلك بالدعوة إلى خفض إعانات الطاقة، وشددوا على أن القائمة المناسبة للإصلاحات تختلف من بلد إلى بلد، وأنه يتعين على الدول أن تحسب بعناية الكلفة الاقتصادية والاجتماعية قصيرة الأجل المرتبطة بعديد من هذه الإصلاحات، مشيرين إلى أن التحدي الرئيس الذي ستواجهه تلك البلدان هو في كيفية اختيار الإصلاحات الهيكيلة التجارية والاقتصادية بعناية، وكيفية وضعها في سلم الأولويات.