تمتد علاقة الشعب السعودي بجيرانه في اليمن آلاف السنين، وقد رسختها كثير من الأحداث والعوامل المشتركة، التي صهرت المجتمعات، ووحدت بينهم في التطلعات والمصير، فأمن اليمن من أمن المملكة، والخطر الذي يواجه المملكة يواجه اليمن أيضاً. وانطلاقا من استشعار عميق بالمسؤولية التاريخية، والمسؤولية الحضارية للملكة تجاه اليمن، ودعما لاستقرار الشعب اليمني، ودرء ما يهدده من مخاطر جسيمة، كانت قد بدأت تنذر بتفكك أوصاله، وتحوله إلى مشكلة حقيقية، لولا مبادرة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وأيده وسدد خطاه، بإيقاف التغول الإيراني في اليمن، ومد يد العون للشعب اليمني الشقيق الذي استنجد بإخوانه في المملكة. فكانت عاصفة الحزم التي عصفت برياح إيران في المنطقة، وهبت لاقتلاع أشجارها، واستئصال جذورها، فهي نبتة غريبة غير صالحة للبيئة العربية، ولا تزرع في بيئتنا العربية إلا النباتات العربية، ولن تجري في مضاميرنا إلا الخيول العربية. ومن الأهمية بمكان أن أتحدث عن جانب آخر من جوانب مساعدتنا للشعب اليمني الشقيق، وأسميه (عاصفة الحب)، فهما عاصفتان تكمل إحداهما الأخرى: عاصفة الحزم وعاصفة الحب. فاليمنيون يعيشون تحت وطأة حرب فرضتها عليهم طائفة لا همّ لها إلا دوس كرامة الشعب اليمني، والعبث بنسيجه الاجتماعي. ومن ثم فاليمنيون بحاجة ماسة إلى عواصف من الحب تتمثل في قرارات إنسانية، ولمسات إنسانية أيضاً، ينبغي أن يشعر بها المقيمون داخل المملكة قبل غيرهم. والشعب السعودي هو شعب نخوة وكرامة، وسيقوم بدوره الإنساني تجاه إخوانه من المقيمين اليمنيين داخل المملكة. وكذلك رجال الأعمال وغيرهم من شرائح المجتمع، الذين يضطلعون بدور مساند لدور الجنود البواسل في عاصفة الحزم، وكل مواطن جندي في عاصفة الحب. وفي هذا السياق، واستكمالا لما تقوم به وزارة الداخلية ممثلة بصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف ولي ولي العهد حفظه الله، من جهود كبيرة في حفظ أمن البلاد وضمان استقرارها. وكذلك ما أصدره سموه من تمديد تأشيرات الزائرين اليمنيين، وهي مبادرة إنسانية رائعة، متوقعة من صاحب السمو، ينبغي أن نشيد بها، وهذه البادرة تشجعنا على مزيد من الاقتراحات التي تجعل من عاصفة الحب حديثا للشعب اليمني، يلمسون آثارها، ويجنون ثمارها، بالرغم من استمرار عاصفة الحزم، فبلادنا بلاد الخير والعطاء والنصرة والحب أيضاً. ولعل من المقترحات التي نرى أنها تحقق عاصفة الحب، سواء فيما يتعلق بالتأشيرات، أو فيما يتعلق بقطاعات أخرى، كالصحة والتعليم، والعمل، ما يلي: 1- تحويل كفالة اليمنيين على الدولة. 2- إعفاء اليمنيين المخالفين لنظام العمل والجوازات من الغرامات والعقوبات. 3- منح المواليد إقامة دائمة. 4- استثناء اليمنيين من المهن التي تم قصر العمل بها على السعوديين. 5- استثناء القادمين بتأشيرة زيارة من شرط «غير مصرّح له بالعمل»؛ لاستيعاب المؤهلين منهم في سوق العمل. 6- إعفاء الحالات المستعجلة لعوائل الوافدين اليمنيين بتأشيرة زيارة من رسوم العلاج في مراكز الصحة الأولية والمستشفيات العامة. 7- تمكين اليمنيين من استقدام ذويهم، والتأشير لهم في المنافذ الحدودية مباشرة. وتوجيه السفارات السعودية في مختلف البلدان، بتسهيل إجراءات التأشيرات لليمنيين القادمين إلى المملكة. 8- استثناء الوافدين اليمنيين من الترحيل في حملة تنظيم سوق العمل. 9-التوجيه باستيعاب اليمنيين في المدارس ومؤسسات التعليم، وتيسير إجراءات قبولهم. 10- إيجاد مخيمات للنازحين اليمنيين في المناطق الحدودية. تلك عشرة كاملة. ولا يخفى أن مثل هذه الإجراءات لها مردود إيجابي كبير على المقيمين اليمنيين في المملكة، وعلى الشعب اليمني، وعلى المملكة العربية السعودية أيضاً. ومن شأنها أن تخفف العبء عن كاهل العامل اليمني، ففي المملكة ما لا يقل عن مليون ونصف مغترب يمني، ويكفلون ما لا يقل عن سبعة ملايين في اليمن من أسرهم وذويهم، ومثل هذه الإجراءات ستخفف من معاناة اليمنيين في اليمن، وتسهم في رفد الاقتصاد. وتضمن كثيرا من الولاءات، وتعزز موقف الفئة المساندة لعاصفة الحزم، وتنقل الفئة المحايدة إلى فئة مساندة، وتخرس ألسنة المعارضين. وكل ذلك يصب في تحقيق أهداف عاصفة الحزم. ولعل مثل هذه المقترحات خطوة في الطريق المأمول وهو انضمام اليمن إلى دول مجلس التعاون الخليجي.