ترتبط الحدود في أذهان الكثير منا بالاحتياطات الأمنية، الحواجز، الأسوار، كاميرات المراقبة، وغير ذلك من التجهيزات، التي اعتدنا رؤيتها عند سفرنا براً من دولة لأخرى؛ حتى بتنا نظن ونجزم بأنّ تلك هي الصورة الطبيعية للحدود، وغيرها سيكون ضرباً من الخيال، أو أمراً غريباً لا يمكن حدوثه، إلا أنّ هذا حقيقة وليس خيالاً، فبرغم وجود حدود كثيرة تحمل الصفات العسكرية السابقة؛ إلا أنه بالمقابل هناك نوعية أخرى من الحدود بعضها طبيعي، وبعضها الآخر صناعي، ولكنها بالمجمل حدود بسيطة جداً، لا توحي بأي صفات أمنية أو عسكرية، بل ربما يُعتبر بعضها من المناطق السياحية، التي يحج لها السياح راغبين بالمتعة والاستجمام والراحة والاستمتاع، ويجتازها المرء دون حتى أن يحمل جواز سفره، ويعود منها وقتما يشاء. ومن هذه الحدود التي تعد وفق قاموسنا من أغرب وأجمل الحدود جمعنا لكم ما يأتي: إشارات أرضية تعتبر الحدود بين هاتين الدولتين الأوروبيتين المتلاصقتين من أجمل وأرقى الحدود على مستوى العالم، فليست الحدود سوى إشارات بسيطة مرسومة على الأرض فقط في مدينة بارل الواقعة على حدود الدولتين، والجميل أنّ بعض المقاهي التي تقع على الحدود مباشرة تمكنك من احتساء كوب القهوة في بلجيكا أو في هولندا، وبرغم أنّ الأمور بسيطة جداً، كما تبدو، إلا أنّ كل شطر من شطري المدينة يتبع لبلدية مختلفة، فالجزء الهولندي يتبع لبلدية بارل هيرتوج، أما الجزء البلجيكي فيتبع لبلدية بارل ناساو، ومن الطرائف مثلاً ما يحدث مع سكان بعض البيوت التي تقسمها تلك الحدود، فمثلاً أحد السكان أكد أنّ لديه اشتراكين للكهرباء، هولندي لإضاءة الجزء الهولندي، وبلجيكي لإضاءة الجزء البلجيكي في نفس المنزل، وأنه يدفع فاتورتين منفصلتين، كما يدفع ضريبتين مختلفتين لكل دولة على حدة. أشجار السرو.. أيضاً الحدود الإسكتلندية الإنجليزية من الحدود البسيطة جداً، وبرغم كون إسكتلندا وإنجلترا دولتين من الدول الأربع المكونة لبريطانيا العظمى؛ إلا أنه رسميّاً هناك حدود تفصل بين الدولتين، فإسكتلندا التي تحتل الجزء الشمالي من الجزيرة المكونة لبريطانيا العظمى تحدها من الجنوب إنجلترا، والحدود الرسمية تسير من خلال خط الحدود كاملاً من البحر إلى البحر، ولكن وفي بعض المناطق الريفية فإنّ حقولاً ومنازل كاملةً تقع فوق تلك الحدود، بحيث تكون نصف هذه الحدود في إنجلترا ونصفها الآخر في إسكتلندا، ولا يفصلها شيء سوى مجموعة من أشجار السرو العالية التي تبين فقط موقع الحدود، وبكل بساطة يستطيع سكان تلك المناطق أو الزائرون لها العبور من خلال تلك الحدود، دون الأخذ في الاعتبار أي أمور رسمية أو أوراق ثبوتية. بين الولايات المتحدة وكندا.. شارع فقط تعتبر الحدود الأميركية الكندية من أطول الحدود بين دولتين في العالم، إن لم تكن فعلاً هي الأطول، وبطبيعة الحال فإنّ تلك الحدود فيها مناطق ومعابر حدودية متعددة بالقرب من المدن التي يستهدفها الناس، ولكن وبالمقابل فإنّ مناطق كثيرة على البحيرات وبين الغابات لا يحدها شيء، فبعض الجزر الصغيرة وبعض المدن الحدودية تعتبر ملكيةً مشتركةً، حيثُ يقع جزء منها في كندا فيما يقع الجزء الآخر في أميركا، وبطبيعة الحال فإنّ سكانها يملكون الحق في الانتقال دون أي قيود، ولا يوجد بداخلها سوى خط أرضي بسيط يخبرك فيما لو كنت تقف في الولايات المتحدة أم في كندا، وكذلك الأمر في بعض الغابات النائية في المناطق البعيدة، فالحدود هناك بين الدولتين العظميين، هي طريق صغير على يساره الأشجار الأميركية، وعلى يمينه الأشجار الكندية، فيما تغطيه الثلوج الكثيفة أغلب فترات العام. بين التشيك وألمانيا والنمسا.. شجرة تحد كل من تلك الدول؛ التشيك وألمانيا والنمسا بعضها بعضاً من مختلف الجهات فيما تلتقي ثلاثتها في نقطة واحدة، ما هي إلا شجرة، وهذه الشجرة تعتبر النقطة الوحيدة، التي تلتقي فيها حدود تلك الدول الثلاث، ويستطيع أي كائن الوصول لتلك الشجرة من أي دولة شاء من تلك الدول دون أي قيود، بل إنها تعتبر من المناطق السياحية التي تجتذب السياح، ببساطتها وبعدها عن المظاهر المعتادة في الحدود بين الدول، ولا يوجد ما يميز دولةً عن أخرى سوى لوحة صغيرة مثبتة بالأرض في كل جهة؛ لتخبرك أين تقف أنت الآن وفي أي دولة، فهل أنت في ألمانيا أم النمسا أم أنك الآن في التشيك؟ على ضفاف نهر واحد على الرغم من وفرة المياه في تلك الدول بمختلف مصادرها، فالبرازيل وحدها بها ما يزيد على ألف نهر؛ إلا أنّ نهر الأورغوي قد يكون واحداً من أهم تلك الأنهار، برغم عدم كونه أكبرها، أو أكثرها وفرة في الماء سواء في البرازيل، أو حتى في الأورغوي التي منحها اسمه، ويقسم نهر الأورغوي دولة الأورغوي إلى نصفين؛ إلا أنّ أهميته تنبع من كونه، وفي نقطة ما، تلتقي الجارات الثلاث على ضفافه، وبشكل مباشر، فتصبح البرازيل والأرجنتين والأورغوي على ضفافه من ثلاث جهات متقابلة، في منظر طبيعي غاية في الجمال والإبداع، وبمسافة قريبة جداً لا تتجاوز عرض النهر، وبطبيعة الحال فإنّ المكان متاح للجميع سواء للسكان المحليين في الدول الثلاث أو حتى للزوار، حيثُ يمكنك الإبحار من ضفة إلى أخرى في خمس دقائق؛ لتكون في بلد غير الذي أبحرت منه منذ قليل، ودون أي شروط أو قيود. دول المثلث الذهبي بلا حدود في منظر طبيعي جميل جداً تلتقي دول المثلث الذهبي الثلاث الآسيوية: لاوس، ومينمار، وتايلاند على ضفاف خليج صغير جداً؛ لتتكون لوحة طبيعة أخّاذة، الدول الثلاث تقع على خليج أشبه بالبحيرة لصغره، وفي وسطه جزيرة يمكن لأي شخص اجتيازه بسهولة شديدة ودون عناء يذكر؛ لتتكون لدينا واحدة من أهم المناطق السياحية في البلاد الثلاثة. أبسط علامات الحدود أما إسبانيا والبرتغال، وهما الدولتان الأوربيتان الجارتان؛ فتتميز نقاط الالتقاء بينهما بالبساطة المتناهية في أغلب الأماكن؛ حيثُ إنها لا تزيد على علامات صغيرة، وُضعت للتوضيح فقط، فأحياناً تكون منقوشةً على حجر، أو صخرة، تقع على الحدود مباشرةً، بحيث تكون البرتغال في جهة، وإسبانيا في الجهة الثانية، وأحياناً تكون الحدود عبارةً عن شق صغير جداً، في صخرة ممتدة ببين الدولتين، تستطيع القفز فوقه بسهولة شديدة؛ لتنتقل من دولة إلى أخرى، وفي أحيان تكون عبارة عن خط بسيط على الأرض، يفصل بين الدولتين الجارتين، بحيث يصبح الانتقال بينهما غاية في اليسر والسهولة لأي كائن كان. الحدود بين النرويج والسويد وكما هو الحال في إسبانيا والبرتغال الجارتين، فهو أيضاً بالنسبة للنرويج والسويد، فهما جارتان متلاصقتان في حدود طويلة نسبيّاً، تفصل بينهما في مناطق متعددة، والأمر أيضاً فيهما كما في السابق، فالحدود الفاصلة بسيطة جداً، ولا تعدو كونها لوحات أو خطوطاً أرضية، ترشد المار أين هو الآن، ويستطيع السياح والسكان الانتقال بين الدولتين بحرية تامة، وتعتبر منطقة الالتقاء بين الدولتين من المناطق السياحية المهمة والمميزة في القارة الأوروبية كلها.