×
محافظة المنطقة الشرقية

رئيس اتحاد الكرة البرازيلي الجديد يتعهد بتحديث الرياضة الأكثر شعبية في البلاد

صورة الخبر

كما أن من مهمات المؤسسة الثقافية تجهيز المبنى، المثقف مسؤول أيضاً عن إنتاج المعنى. وهذا هو جوهر التكامل ما بين الطرفين في معادلة الفعل الإبداعي. فالمؤسسة معنية في المقام الأول بايجاد التسهيلات والتشريعات والفضاءات التي تجعل من التقاء المثقفين في مناخ تفاعلي مثمر أمراً ممكناً. وبأفضل الوسائل. ليتفرغ المثقف إلى إنتاج الخطاب. بما هو - أي الخطاب - الهدف المركزي لأي اشتغال ثقافي. وهذا لا يعني أن المثقف يعمل في فضاء تؤثثه وتملي مرئياته المؤسسة، بل ضمن حالة تفاعلية تكفل له التماس مع المتلقي. وهذا هو ما أبدعت في أداء فروضه الثقافية إدارة النادي الأدبي الثقافي بجدة. في ملتقى قراءة النص الثالث عشر (الإنتاج الأدبي والنقدي لجيل الرواد بالمملكة - تأريخ ومراجعة وتقويم). المنعقد في الفترة ما بين 7 - 9 أبريل. حيث قدمت للمثقفين من الخدمات التنظيمية الرائدة ما يستحق الإعجاب والإشادة على كل المستويات. سواء من حيث التواصل المبكر مع الباحثين. أو سيارات التوصيل الفارهة. أو تذاكر السفر بدرجة رجال الأعمال. أو رفاهية فندق الخمس نجوم. وتجهيز بيئة صحية للحوار الحر. ولكن، يبدو أن بعض المثقفين لا يريدون أو لا يقدرون على أن يكونوا مثقفين حقيقيين. وأنهم أعجز من أن ينتجوا خطاباً ثقافياً يليق بخبراتهم وبما يُقدم لهم من سندٍ مؤسساتي. حيث لم يتعامل معظم المثقفين مع الملتقى -كالعادة- بجدية بحثية. على الرغم من وجود فرصة زمنية طويلة لإعداد البحوث. وكأنهم بتلك اللامبالاة العلمية إزاء الحدث الثقافي يؤكدون على استخفافهم بكل ما هو ثقافي. حيث استخرج بعضهم أوراقاً مكتوبة قبل عقود، فيما استل أكاديميون فصولاً من رسائل جامعية بائتة ليشاركوا بها، واكتفى آخرون بأوراق إنشائية، تكفل لهم الحضور لمجرد الحضور وهكذا. وذلك هو ما يفسر غياب الرؤى الجديدة حول رموز وفكر الرواد. واجترار المادة الإرشيفية للمدونة الحجازية تحديداً. وضآلة حضور الأوراق المتعلقة ببقية مناطق المملكة. وهو أمر مفهوم، فالمادة المتعلقة بالحجاز متوفرة بكثافة. وقد تم الاشتغال عليها منذ مدة. وفي مناسبات مختلفة. ولذلك اتجه معظم الباحثين لاجترار تلك المادة من الأرشيف وإعادة تدويرها. مع إطلالات بسيطة جداً على بقية المناطق. وهو تقصير لا تتحمّله إدارة نادي جدة الأدبي الثقافي، بقدر ما يقع اللوم على الدارسين من جميع أنحاء المملكة الذين أحجموا عن المشاركة في الملتقى لتقديم نماذجهم الريادية. أو فضلوا الاغتراف من التاريخ الحجازي والحضور بأوراق لا تقدم أي جديد، لا على مستوى المعلومة، ولا على مستوى التحليل. باستثناء أوراق محدودة جداً، جاءت جريئة ومختلفة في مقاربة منجز الرواد. كل ذلك أدى إلى عدم اكتمال مفهوم الريادة الذي أُريد توطينه اصطلاحياً وفكرياً وإبداعياً وتاريخياً في الوعي والذاكرة الاجتماعية. إذ لم يتم طرح هذا الموضوع الحيوي إلا من زاوية محدودة. وبذلك ضاعت فرصة أخرى بسبب تلكؤ المثقفين. وعدم أخذهم لفكرة المشاركة في الملتقى على محمل الجدية. وهو سلوك عُرف به فصيل من المثقفين العاطلين عن الفعل. الذين يمارسون بطولة التبطُّل، ويوجدون لهم موطئ قدم في كل ملتقى، بدون أن يقدموا ما يليق بصورة المثقف ودوره. وهو خلل مزمن تتحمّل تبعاته إدارات الأندية التي تؤسس لجان فحص للأوراق المقدمة لكنها لا تفحص ما يقدم لها من أوراق، أو تتساهل مع أسماء باتت مفروضة كمقرر مدرسي. وعليه. يتحول الملتقى إلى حفلة . حتى المداخلات التي أصر بعض الضيوف على إتيان فروضها في كل جلسة، لم تكن بالمستوى المطلوب، بقدر ما كشفت عن شهوة الكلام عند معظم المتداخلين. خصوصاً من قبل أولئك المنزرعين في المشهد منذ عقود. إذ أصر بعضهم على الاستئثار بالكلام. وعدم الاستجابة لعريف الأمسية. كما استخدم بعضهم كلمات شتائمية وخطاباً تحقيرياً لا يليق بمنصة أدبية. وهو سلوك يحيل إلى الذهنية التي تتحكم بطابور من المثقفين الذين لا يريدون أن يتعلموا أسس الحوار والمثاقفة. وكأنهم يلوحون للجيل الجديد من النقاد والباحثين بأن الاستهتار واللامبالاة والغطرسة هي عدة الحضور في الملتقيات وليس جدية البحث وجِدته. ناقد