×
محافظة المنطقة الشرقية

الزمالك يحكي – بندق لـ في الجول: مخرجة أهلاوية شوهت صورتي في القمة.. ولست من رجال جعفر

صورة الخبر

لم يكن رامي قاضي مصدقا ردود الفعل التي تلقاها في باريس. كان أقصى ما يحلم به أن يشارك في أسبوع باريس للموضة الراقية، وأن يتعرف عليه الناس بوصفه مصمما شابا ينحت طريقه نحو العالمية بشكل جاد. بيد أن حجم الإقبال والتغطيات التي حصلت عليها تشكيلته فاق كل توقعاته وآماله. يقول: «دخلت مجال تصميم الأزياء منذ سنوات، وأصبح لي اسمي في الدول العربية، لكن لم يكن بإمكاني أن أبقى مكاني أو أستكين للنجاح الذي حققته. في بيروت، نحن نعمل لكي نبيع، إلا أني شعرت بأني ما زلت في مقتبل العمر، وبداخلي طاقة تصرخ وشحنة من الأفكار كان لا بد لي من التعبير عنها وإلا شعرت بالملل القاتل.. كان الحل أن أشد الرحال إلى باريس لتفجير هذه الطاقة». التشكيلة التي قدمها رامي قاضي في باريس كانت عصرية وعالمية بكل المقاييس، كما كان واضحا أن الهدف منها لم يكن تجاريا. تتلمس فيها لمسات من جنون الابتكار ورغبة جامحة في طرح أفكار جديدة. هذه الرغبة لم تتجسد في التصاميم بقدر ما تجسدت في الأقمشة وتقنياتها. رامي كان يريدها أن تثبت أنه مصمم قادر على الابتكار والدخول مع الكبار مجال الإبداع. صف من الفساتين والتنورات المستديرة تأخذك إلى حقبة الخمسينات، وتجعلك تستحضر «دي نيو لوك» الذي يلتصق بالراحل كريستيان ديور، تقترب منها، وتكتشف أنها منفذة بحرفية يدوية عالية، وتقنيات عصرية يريدها المصمم أن تصبح لصيقة به في يوم من الأيام. يقول: «أردت من هذه التشكيلة أن تكون خيالية وتقوم على فكرة واحدة تتكرر في أغلب القطع مع التركيز على التفاصيل». ويشير مبتسما: «طبعا أملي أن تروق للكل، لكني في الوقت ذاته أدرك تماما أنها لن تناسب الكل، فهي ليست تجارية وهدفي منها ليس البيع وتحقيق الربح». يبدو واضحا من كلام المصمم الشاب أنها تشكيلة تغذي رغبته في استعراض خيال خصب وقدرة على الإبداع من خلال حرفية تبرز أسلوبه، الذي يريده أن يكون مختلفا عن أسلوب أقرانه من المصممين اللبنانيين تحديدا. رغم أنه لم يبح بذلك بشكل واضح ومباشر، فإنه لمح إلى أنه مسكون برغبة في تغيير الصورة النمطية التي ارتبطت بالتصاميم العربية عموما واللبنانية خصوصا، من خلال صورة فساتين منسابة وغنية بالتطريزات. بعبارة أخرى أسلوب نجح فيه إيلي صعب، وبدأ الكثير من الشباب في تقليده وكأنهم بذلك سيحققون النجاح الذي حققه المبدع إيلي. لا ينكر رامي أنه من أشد المعجبين بالمصمم إيلي صعب «فهو أستاذ استطاع أن يحقق ما لم يحققه غيره من العرب، لكن لن يجود الزمان بإيلي آخر». هذه القناعة جعلته يبتعد عن التقليد والخوف من الوقوع في مطبه، ولو من باب توارد الأفكار. طموحه كان فرض نفسه في مجال أصبح مزدحما بالمصممين الشباب الطامحين للعالمية والنجومية، وفي الوقت ذاته تغيير النظرة النمطية لكل مصمم لبناني يشارك في الأسبوع الباريسي «كان مهما بالنسبة لي أن أقول للعالم بأن لدينا مواهب كثيرة وأساليب مختلفة رغم أننا قد نتشارك في الهوية أو الروح الشرقية». في الموسم الماضي، قدم تشكيلته الثانية في الأسبوع، وباعتراف الجميع كانت مختلفة تماما عما قدمه في الموسم السابق، بتقنياتها التجريبية إن صح القول. فقد بدا واضحا أن نجاح تشكيلته الأولى منحه ثقة إضافية للغوص في تقنيات جديدة. يروي رامي أنه «في أول موسم، وعندما تناهى خبر مشاركتي في الأسبوع، قال الجميع بأنني مصمم لبناني آخر سيقدم ما أصبح مألوفا ومتوقعا، لكن عندما رأوا بأم أعينهم ما قدمته، فوجئوا». عاد إلى كتب التاريخ وخرج منها بتقنيات إثنية كانت تستعمل في تغليف الكراسي وتنجيد قطع الأثاث، وطوعها لتناسب صناعة فساتين أنيقة، حيث استعمل خيوط الحرير والرافيا والتقنيات التي استعملها صناع الأثاث، أحيانا بمزج 3 خيوط مع بعض، وأحيانا أخرى بتطريز الجلد بخيوط معدنية. ويعلق بتواضع بأنه لا يدعي أنه قدم اختراعا، وكل ما في الأمر أنه وظف تقنيات تقليدية في التطريز على قطع الأثاث في فساتين، تبرز أن الإبداع ممكن ما دامت هناك رغبة قوية في العطاء والانفتاح على الآخر. يعود رامي قاضي بذاكرته إلى الوراء ويقول إنه كان يريد دائما أن يكون مصمم أزياء، لكن الأمر لم يكن مقبولا في الوسط الذي كان يعيش فيه؛ فمهنة المصمم كانت معيبة و«كان المتوقع منك أن تصبح إما محاميا أو طبيبا أو مهندسا». عندما كبر واستقوى، فرض رغبته، لا سيما أنه رغم اجتهاده في الدراسة لم يكن تلميذا أو طالبا متفوقا، لأنه كان يعاني من عسر القراءة. كانت قوته تكمن في ذاكرته الفوتوغرافية وحبه لكل ما هو بصري. كان يعشق زيارة المتاحف والسفر، ويخزن كل الصور التي تلتقطها عيونه في خياله، ثم يجسدها في تصاميم مبتكرة وأنيقة. لحسن حظه أنه اكتشف سريعا هذه القوة، كما أن الحظ لعب دورا مهما في مسيرته؛ فقد تم قبوله في مؤسسة «ستارش» وهو ما فتح له الأبواب. أما نقطة التحول بالنسبة له، فكانت ظهور المغنية ميريام فارس بتصاميمه، عندما كان في بداية المشوار. يقول: «حينها كان فريق عملي لا يتعدى 3 أشخاص، ولم تكن لي خبرة كبيرة في التواصل الاجتماعي، والفضل الكامل في هذا يعود إلى ميريام فارس، التي فتحت عيوني على قوة تأثير شبكات التواصل الاجتماعي؛ فقد كان لها جمهور عريض يتابع كل ما تنشره وكل ما تلبسه، ما ساعدني على الانتشار». في يناير (كانون الثاني) الماضي، وفي باريس، لم يكن يحتاج إلى أي نجمة لكي يثير الاهتمام بقدراته، فقد عرض تصاميمه على دمى، كانت كافية لكي تقوم بالمهمة على أحسن وجه؛ فقد أبرزت أن العودة إلى الخمسينات، الحقبة التي يعشقها وتأثر بها كثيرا، لا تعني التوقف عندها والغرف منها إلى حد التخمة، بل يمكن استعمالها كخيط البداية فقط لكتابة فصول جديدة ومثيرة. وحتى إذا كانت الصورة الأولية تستحضر تصاميم «ديور» فإن التفاصيل الداخلية والخارجية، على حد سواء، تؤكد أن الاستلهام جائز والتأثر مقبول، ما دام هناك تطوير واجتهاد. وما لا يختلف عليه اثنان أن رامي قاضي قدم الكثير من التطوير والاجتهاد. يعتبر رامي قاضي واحدا من خريجي مؤسسة «ستارش»، وقبلها درس في معهد إسمود بلبنان، وتخرج منه بشرف. كما سبق له العمل مع كل من ربيع كيروز وجورج شقرا، حيث اكتسب خبرة لا يستهان بها. في عام 2011، افتتح أول محل خاص به في بيروت، يتوفر على تصاميمه الجاهزة والإكسسوارات والـ«هوت كوتير» وفساتين الزفاف. افتتاح محله في هذه المنطقة كان استراتيجية لكي يجذب الأنظار والزبونات.