يستقبل الرئيس الأميركي باراك أوباما في البيت الأبيض اليوم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، للبحث في المراحل المقبلة في محاربة تنظيم داعش. وإذا كانت استعادة مدينة تكريت الاستراتيجية أواخر الشهر الماضي بالفعل مرحلة مهمة، فإن هذه المعركة التي تعتبر أكبر عملية تشنها بغداد على المتطرفين منذ هجومهم الكبير في يونيو (حزيران) الماضي، «صعبة جدا» وشهدت «مطبات»، بحسب قول مسؤول أميركي كبير. وتشكل تكريت أيضا تحذيرا لأولئك الذين رأوا أن استعادة وسط العراق وشماله جرت بسرعة كبيرة. وإذا كانت استعادتها تعتبر بمثابة جسر نحو تحرير الموصل ثاني مدن البلاد والواقعة على مسافة 350 كيلومترا إلى شمال بغداد، فإن واشنطن تحذر من مغبة أي تسرع. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول أميركي قوله هذا الهجوم: «يجب أن يشن عندما يكون كل شيء جاهزا» وألا يكون محددا بـ«جدول زمني صارم»، مضيفا أن «ذلك سيتطلب وسائل كبيرة وسيتطلب وقتا لوضع كل شيء في نصابه». وبينما ستكون الأشهر المقبلة حاسمة بالنسبة للعبادي، فإن أوباما يعتبر الرهان هائلا قبل سنتين من مغادرته البيت الأبيض. ويؤكد منتقدوه أن انسحاب القوات الأميركية كان خطأ استراتيجيا أتاح لتنظيم داعش التقدم بسرعة كبيرة. ومنذ وصول العبادي إلى السلطة يؤكد البيت الأبيض باستمرار إلى أي مدى يتغير الوضع في البلاد المهددة بالتوترات الدينية، خصوصا وأن قسما من العرب السنة في العراق (20 في المائة من التعداد السكاني الإجمالي) يشعرون بأنهم مهمشون من قبل سلطات بغداد التي يهيمن عليها الشيعة. ودفع الشعور بالتهميش البعض منهم إلى تقبل، وحتى دعم، تنظيم داعش. ولفت مسؤول أميركي إلى أن «حكومة العبادي مختلفة عن سابقتها بشأن كل المسائل الهامة»، مشيرا إلى الأزمة العميقة التي كانت تواجهها البلاد عندما كان نوري المالكي في الحكم. لكن معركة تكريت كانت أيضا مصدر توتر مع واشنطن عندما وصفت الفصائل الشيعية المدعومة من إيران أحيانا بأنها تقود الهجوم. وقال نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، قبل أيام، إن القادة العراقيين لا يريدون أن يكونوا «دمى» في يد إيران المجاورة. وشدد بايدن على تصميم العبادي على أن تتلقى القوات العراقية أوامرها من بغداد وليس من طهران. وقال إنه اتخذ المبادرة بشجاعة. وأكد بأوضح ما يكون، أن الحكومة العراقية هي التي تقود العملية، وهو شخصيا بصفته القائد الأعلى. وقبيل صعوده إلى الطائرة التي أقلته إلى واشنطن أمس، قال العبادي في تصريحات للصحافيين، إن بلاده بحاجة إلى دعم أكبر من التحالف الدولي «للقضاء على تنظيم داعش»، مضيفا أن «الزيادة الملحوظة» في الضربات الجوية وشحنات الأسلحة والتدريب ساهمت في تراجع المتطرفين، لكنه أضاف أن هناك حاجة للمزيد لمساعدة العراق في القضاء على «داعش»، حسب وكالة «أسوشييتد برس». وحول علاقة العراق بإيران، قال العبادي إنها «متوازنة للغاية»، مطالبا الدول التي لها خلافات مع إيران بـ«ألا تلقي بمشكلاتها علينا ». وأيا تكن الاستراتيجية المعتمدة، فإن استقرار البلاد ما زال مشروعا بعيد المنال. فبعد 1800 ضربة جوية للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة منذ بداية أغسطس (آب) الماضي، تمت استعادة نحو ربع الأراضي التي استولى عيها تنظيم داعش في 2014. وقال مسؤول أميركي «إنها حملة طويلة الأمد»، مضيفا: «ستكون طويلة، طويلة، طويلة. يجب قطعا أن يبقى ذلك في البال».