كنا قد تناولنا في مقالة سابقة موضوع الطرق في المملكة والتي تمثل إنجازا عظيما بكل المقاييس بأطوالها التي تزيد عن 200 ألف كيلو متر طولي بين المدن والمناطق والمحافظات سواء المزدوجة وبعدة اتجاهات أو المفردة والترابية حيث أن مطلب كل مواطن تنفيذها بأعلى مستوى وفق أحدث المواصفات الدولية في كل مكان من بلادنا الغالية للتخفيف من الكثافة المرورية وتحقيق السلامة بإذن الله. لكن هناك جملة من الملاحظات قد يلمسها سالكوها ومن بينها أن بعض الطرق المنفذة قبل عقود من الزمن أفضل بكثير من بعض المشروعات الجديدة , والتي لم يمض على تنفيذها سوى سنوات قلائل ! ومن بين المشروعات ذات الجودة طريق الطائف الباحة أبها , والذي قامت به إحدى الشركات الوطنية , وكذلك عقبة الباحة الذي أنجزته شركة أجنبية تخطيطا وتنفيذا . فيما نجد عقبات في مواقع أخرى لا تصمد أمام أقل رشة مطر . وهذا يعاب على بعض الشركات المنفذة وعلى عملية الإشراف والمتابعة دون شك ! رغم أن هناك استلام أولي ونهائي لكل مشروع , ويظل من المهم محاسبة كل من تهاون في عمله حتى ولو بعد حين سواء الشركات أو المهندسين المعنيين بالإشراف , فالحقوق العامة ليست بهذه البساطة التي يمكن تجاوزها أو السكوت عليها , ليعلم كل مقصر بأنه سيخضع للمحاسبة في أي وقت وأن تكون هناك قائمة سوداء بأسماء الشركات والمؤسسات المتلاعبة لتحرم من استلام أي مشروع حكومي فيما بعد من الظاهر او الباطن . ونعلم أن في خطة وزارة النقل الكثير من المشروعات المهمة هنا وهناك الجديدة أو ترفيع مستوى القديم منها , إلى جانب الطرق الدائرية حول بعض المدن لتسبق الزحف العمراني ولتحقق الخدمة المطلوبة للمواطنين . إلا أن الوزارة وإداراتها في المناطق تحاول أن تحيط مشروعاتها بالسرية قبل وأثناء التنفيذ وذلك بإخفاء الخرائط والتكتم على الاتجاهات المرسومة والمواقع التي ستمر منها ! وهذا في الواقع يمثل خطأ غير مبرر لعدة اسباب لعل أولها الإضرار بمصالح المواطنين , فبعضهم يقومون بالبناء في أملاكهم الخاصة بما يستهلكه منهم من وقت وجهد , وبعد الانتهاء يمر عليها المشروع لتتحول إلى ركام تحت جنزير التراكترات , وفي ذلك تكلفة مضاعفة بأضعاف كبيرة على الدولة في عملية نزع الملكية , كما أن بعضهم يفاجأ بأن منزله مشتولا أو أن واجهته في اتجاه غير الشارع وهذا ملاحظ في أكثر من مكان . وكان بالإمكان رسم الطريق ووضع العلامات وإحاطة المواطنين حتى لا يضيع جهد الناس وتضيع معه أموال الدولة في غير محلها , ولسد الباب أيضا أمام الانتهازيين الذين يعرفون الخرائط والمسارات فيتحركون لشراء الأراضي مبكرا لعلمهم بأن الطريق سيمر عليها فيحصلون على مبالغ تعويضية عالية ويحرم منها أصحابها الأساسيون المستحقون لها . وهذا غش وغبن يفترض أن تتنبه له الوزارة وتعمل على معالجته . ونرى أن فتح المجال أمام الشركات الأجنبية المعروفة – للدخول في المنافسات – بات مطلبا ملحا لا سيما وأن المعاناة من تعثر وتأخر المشروعات أصبح قائما لكثرتها وضعف إمكانيات بعض الشركات القائمة مما يستدعي استثمار الوقت لمزيد من الإنجاز مع هذه الموازنات الضخمة في هذه الفترة الذهبية لما يخدم مستقبل المملكة .